صادق «الكابينيت» الإسرائيلي بالإجماع ليلة الأحد ـ الاثنين على توسيع نشاطات الجيش في قطاع غزة وعلى زيادة تجنيد جنود قوات الاحتياط. وقال مصدر سياسي في مكتب رئيس الحكومة:» يتضمن مخطط توسيع القتال في قطاع غزة الذي صادق عليه الكابينيت، احتلال مناطق في القطاع والبقاء فيها، ونقل الغزيين جنوباً من أجل حمايتهم، سلب حماس القدرة على توزيع المساعدات الإنسانية وشن هجمات قوية على «حماس ».
وأضاف المصدر:» قال بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة في المداولات أن هذا مخطط جيد لأنه يمكننا من تحقيق الهدفين: هزيمة حماس وإعادة المختطفين ».
كما تمت المصادقة مبدئياً على إدخال صندوق أميركي ـ دولي مساعدات إنسانية من أجل عدم وصولها إلى حماس، وذلك بعد جدال بين الفريق إيل زامير رئىس هيئة الأركان والمستوى السياسي حول توزيع المساعدات الإنسانية. ولن يبدأ العمل بهذا المخطط لكن تمت المصادقة عليه مبدئياً. ولم يحضر رونن بار رئيس «الشاباك» هذا الاجتماع وحل نائبه محله.
وصوت الوزراء لجانب إشراف شركة أميركية على توزيع المساعدات الإنسانية، وعارض ذلك ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي.
وتتصاعد التوترات في العلاقات بين زامير والمستوى السياسي، وذكرت القناة ١٢ أمس الأول أن زامير أدلى بتصريحات حادة في مداولات أمنية مقلصة جرت الأسبوع الماضي حول توزيع المساعدات الإنسانية قال في سياقها:» الجنود لن يوزعوا المساعدات الإنسانية، بل يقومون بحراسة المنطقة الإنسانية ويسمحوا لمنظمات دولية بالتوزيع بحيث لا تصل المساعدات لحماس، هذا ما سنقوم به، الجنود لن يوزعوا الطعام على الغزيين. لن أهدد الجنود من أجل توزيع ماء وطعام على حشود جائعة ومحرضة ».
وقالت مصادر حضرت المداولات:» حدد رئيس هيئة الأركان واقعاً جاهزاً ولم يدع أي مجال للوزراء لعرض آرائهم ».
ووفق التقييم العسكري الذي نوقش «رغم مرور شهر ونصف على إطلاق عملية «بأس وسيف»، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الرئيسية، وفي مقدمتها الضغط على حركة حماس للإفراج عن 59 مخطوفًا. هذه الإخفاقات العسكرية والتكتيكية تأتي وسط انتقادات حادة للقيادة السياسية الإسرائيلية، التي تواجه اتهامات بسوء التخطيط والتنفيذ، فضلاً عن الاعتماد على تقديرات خاطئة بشأن التحولات الإقليمية.
واعترفت قيادة الأركان العامة القوات الإسرائيلية تواجه عقبات كبيرة في العمليات البرية، أبرزها شبكة الأنفاق المعقدة التي طورتها حماس في شمال غزة ومخيمات الوسط. يُبلغ القادة الميدانيون عن مئات وربما آلاف الأنفاق المفخخة، التي تتحصن فيها عناصر المقاومة بانتظار الاشتباك المباشر.
وأضافت هذه التحديات عبئًا لوجستيًا ومعنويًا على القوات النظامية، حيث أشار أحد قادة الألوية المناورة إلى إدارة «اقتصاد دبابات» بسبب النقص الحاد في المركبات والعتاد، ما يعكس عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي لخوض حرب طويلة الأمد.
ويقول د. أفرايم سنيه -عميد احتياط، وزير في حكومات إسرائيل:» الحرب في غزة، كما تُدار حاليًا، تبدو كصراع بلا غاية استراتيجية واضحة. قرار حكومة بنيامين نتنياهو توسيع العمليات العسكرية في القطاع، على الرغم من تدمير أغلب البنى التحتية العسكرية لحماس، يُثير تساؤلات كبيرة حول الهدف الحقيقي من هذه الحرب.
وبحسب تحليل سنية في كبرى الصحف الإسرائيلية يديعوت أحرونوت أمس، فإن تدمير حماس بالكامل ليس هدفًا يمكن تحقيقه في المدى القريب أو حتى خلال السنوات القادمة. ومع ذلك، تواصل الحكومة الإسرائيلية تخصيص موارد ضخمة لتدمير الأنفاق وملاحقة الأفراد المسلحين، وهو جهد يبدو أنه سيستمر لسنوات. ورغم ذلك، لا تزال الحكومة ترفض الخطط التي تدعو إلى إعادة تأهيل غزة بوساطة دولية أو عربية، ما يعزز التوترات ويزيد من معاناة سكان القطاع.
وأوضح سنية:'تدمير أكثر من 40% من مساحة غزة وترك مليوني إنسان في ظروف إنسانية كارثية يُعد وصفة لانفجار داخلي وشيك. فحتى من يفتقر إلى التعاطف مع سكان القطاع يُدرك أن التدهور الإنساني لن يتوقف عند حدود غزة، بل سينعكس على إسرائيل نفسها. رفض الخطة المصرية التي تدعو إلى إعادة إعمار القطاع وإزاحة حماس، واستبدالها بخطط «إخلاء طوعي» للسكان، يُعتبر محاولة غير واقعية تنذر بعواقب وخيمة، وفق ما يصفه الكاتب.
وطالب أفرايم سنيه بضرورة استبدال الحكومة الحالية، مؤكدًا أن القيم التي تربى عليها جنود النخبة الإسرائيليون، مثل إنقاذ الأرواح، ليست حاضرة في سياسات الحكومة الحالية.