مجتمع

الطفيلة تفقد 60 % من ينابيعها بسبب تغير المناخ

تتعرض الطفيلة لتحديات بيئية متفاقمة جراء التغير المناخي، حيث باتت تشكل تحديا كبيرا على مواردها المائية الجوفية التي تشكل شريان حياة لسكانها البالغ عددهم حوالي 120 ألف نسمة وفق إحصاءات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2023، فالمياه الجوفية التي تغذي الزراعة والاحتياجات اليومية للمواطنين؛ تواجه تراجعاً ملحوظاً بسبب انخفاض هطول الأمطار، وارتفاع الحرارة، ناهيك عن الأنشطة البشرية، لا سيّما خلال الموسم المطري الأخير الذي شكل حوالي ثلث المعدل الموسمي حيث لم تتجاوز كميات الامطار 100 ملم هذا الشتاء، مقابل المعدل الموسمي?السنوي للأمطار في الطفيلة البالغ 285ملم.

وتشير بيانات إدارة الأرصاد الجوية خلال العقدين الأخيرين في الطفيلة إلى ارتفاع معدل درجة الحرارة السنوية بمقدار 0.6 درجة مئوية في كل عقد، لتبلغ 16.1 درجة مئوية، مع تسجيل أعلى درجة حرارة عظمى عند 40.2 درجة مئوية في شهر آب من عام 2023، ليكون هذا الاتجاه التصاعدي في الحرارة، مقترناً بانخفاض المعدل الموسمي للأمطار بمقدار 1.99 ملم لكل موسم، مما يفاقم الجفاف، ويقلل من تسرب المياه إلى الطبقات الجوفية.

وتعتمد الطفيلة بشكل رئيسي على الأمطار لتغذية مياهها الجوفية، خاصة في المناطق الجبلية مثل القادسية والعيص وغرندل والحرير وغيرها من المرتفعات الجبلية المترامية في أكتاف المحافظة، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى الطبقات الأرضية، إلا أن المعدل الموسمي للأمطار، البالغ 191.5 ملم وفق بيانات الأرصاد الجوية لـ21 موسمًا، يظهر تفاوتاً كبيراً، حيث سجلت المحافظة أعلى هطول يومي عند 57 ملم في 28 من شهر شباط لعام 2009، وكان أعلى هطول شهري عند 117.3 ملم في 2008، لتكون هذه الأمطار الغزيرة، رغم أهميتها؛ سببا في بعض الأحيان لتشكل ?لفيضانات، وبالتالي؛ التسبب بتعرية التربة، مما يقلل من فعالية التغذية الجوفية بسبب جريان المياه السطحي، وفي المقابل؛ فإن المحافظة تشهد مواسم جفاف مطولة، تساهم في تقليل التسرب المائي، وتزيد الضغط على الينابيع، التي كانت في السابق مصدراً وفيراً للمياه.

ويكشف المؤرخون عن وجود 43 نبعاً في قصبة الطفيلة و20 نبعاً في لواء بصيرا خلال القرن الماضي، لكن الأرقام الرسمية الحالية؛ وفق مديرية تسجيل الأراضي والمساحة، تظهر تراجعاً مقلقاً، إذ باتت الطفيلة تضم 25 نبعاً فقط، 22 في قصبة الطفيلة و3 في بصيرا، مما يعني أن ثلث الينابيع جفت أو اختفت، وهذا الانخفاض الذي يعكس تأثير التغير المناخي واستنزاف الموارد، يهدد الحقوق المائية للمزارعين، الذين يعتمدون على هذه الينابيع لري أراضيهم.

ويقول الناشط المجتمعي حسن السعودي إن المياه الجوفية في الطفيلة تعاني من تراجع بسبب قلة الأمطار وارتفاع الحرارة، وهذا يتطلب تدابير عاجلة لإدارة الموارد المائية وحماية الينابيع المتبقية، مؤكدا على أن المشاهدة الميدانية أكدت اختفاء العشرات من عيون المياه الجوفية خلال العقد الاخير.

وتزيد الأنشطة البشرية من تفاقم الأزمة، فالضخ المكثف للمياه الجوفية لتلبية الاحتياجات الزراعية والمنزلية يقلل من مستويات المخزون، حيث تشير دراسة نشرتها مجلة «ساينتفيك ريبورتس» عام 2023 إلى أن الطفيلة تعتمد على المياه الجوفية بنسبة 54% من إمداداتها المائية، مما يجعلها عرضة للاستنزاف، فيما يؤكد مصدر في وزارة المياه والري طلب عدم ذكر اسمه أن «الضخ الزائد، إلى جانب انخفاض معدلات الأمطار، يؤدي إلى هبوط مستويات المياه الجوفية في الطفيلة، مما يستدعي وضع خطط للري الدقيق وتقليل الفاقد المائي.

في الوقت ذاته؛ أوضح مدير زراعة الطفيلة المهندس طارق العبيدين أنه يتم العمل على دعم وتأهيل وتدريب المزارعين على أنطمة الري بالتنقيط في الطفيلة، حيث استفاد منها العشرات من المزارعين، والعمل مستمر لتحقيق أهداف هذه الؤية التي تدعمها الوزارة بشكل.