رياضة

محـتـكر جــديــد

دوري المحترفين لكرة القدم تحت مجهر الرأي

 

كرر الحسين فيلم الإبداع في دوري المحترفين لكرة القدم ليؤكد التألق ويحتكر مشهد البطل من جديد.

وعاد حامل لقب موسم ٢٠٢٣-٢٠٢٤، ليوجه الرسائل البعيدة المدى بأن الأمر حينها لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بفضل التكامل العملي وخطة مدروسة عزز خلالها القفز فوق منصة التتويج.

تلك الأحداث التي يرصدها مجهر «الرأي» في ختام الدوري فرضت المنطق ليذهب كأس البطولة للأفضل رغم بعض العثرات خلال مرحلة الإياب.

على الورق، وفي تقلبات المسابقة، جاءت البداية القوية للأهلي بتيار جزئيات الذهاب قبل أن يمسك الحسين العصا ويفرض النزعة الهجومية بزيارات الشباك، ويعلن التحكم بالواقع معتمداً على تشكيلة هي الأبرز من حيث الجودة والمضمون، لا بل أنه تفوق على الكل بكوكبة ساطعة تجلس على دكة البدلاء، الأمر الذي جعل اللاعب الاحتياطي شأنه شأن الأساسي وهذا الملف ساهم بشكل مباشر لاستدراك الموضوع وإعادة القمة لبيتها المتوقع.

ارتفعت الإثارة في شهر نيسان.. وأهدر الحسين العديد من النقاط دون معرفة السبب بعد أن كان يبتعد ٨ نقاط بالتمام والكمال عن أقرب الملاحقين الوحدات، وربما منح ذلك الرقم ضمانات مبكرة لغزاة الشمال نحو المحافظة على المشروع، لكن استمرارية التقلبات زادت المتابعة والشغف بعد دخول «الأخضر» على خط الصراع من نافذة الأمل، لتتسع دائرة التكهنات بالسؤال الأكثر رواجاً بين جمهور اللعبة.. من سيخطف اللقب؟.

الحواب اختلف في أيار وخصوصاً الليلة قبل الماضية وسط أفضلية الوحدات بفارق النقطة الأثمن حتى الساعات الفاصلة عن صافرة الوداع، واتجهت النظرات صوب العاصمة بنفس الوقت، ومع تخلص الحسين من شباب الأردن برباعية أهداف ملعوبة بالصناعة والتسجيل، فشل المتصدر بالمحافظة على وهج التقدم ليترك منطقته الدفاعية دون حماية ويتعرض للكابوس المزعج من الرمثا في الزفير الأخير من الفريق الذي منحه فرصة استرجاع الزمن الجميل عندما عطل جاره الحسين بزمن سابق.. ومن قبيل المصادفة أن البطل حمل كأس المسابقة خارج قواعده للمرة الثانية.. على أرض ستاد عمان بعد أن كانت الأولى على ستاد الأمير محمد في الموسم السابق.

 

أرقام كبيرة

 

بالإضافة إلى الرصيد النقطي ٥٣ الأعلى الذي حصل عليه الحسين بطل الدوري، يحسب له السيطرة على باقي أرقام الأفضلية الكبيرة.

تروي تلك الأرقام أن القطب الجديد كما يسميه أنصاره، سجل ٥٣ هدفاً وأكثرها كانت الأجمل في المسابقة بمعدل هدفين ونصف الهدف بكل مباراة بحسابات ثقيلة، كما أنه الأقوى بالناحية الدفاعية بعد ١٥ زيارة لمرماه، ما يعني نسبة أقل من هدف بكل مواجهة.

هذا الإطار المزخرف جعل الحسين أيضاً أول الواصلين للظهور الآسيوي بالمشاركة القارية التي قدم خلالها المرة الماضية عطاءات ساطعة، ونتائج لافتة ضمن طموحات الإبداع ليس بالشأن المحلي وإنما القاري.

 

منافسة فردية

 

أفرزت أخبار الدوري حالة المنافسة الفردية مع البطل بفريق واحد فقط لاغير، والحديث هنا عن الوحدات الذي تمسك بحظوظه حتى صافرة النهاية، وكثف التحضيرات حتى دقائق الختام وكان قريباً من المباغتة والتتويج قبل استكمال الحوار وصدمة جمهوره دون تحمل اتصال الهاتف القاسي، في الوقت الذي ابتعد الفيصلي عن جدول السباق رغم تواجده ثالث لائحة الترتيب بعد أن مر بالتنافر الإداري ما كلفه التراجع المذهل وتسليم الراية مبكراً.

شعبية الغزلان

نال الرمثا شعبية جارفة كعادته في تقديم كرة القدم الحديثة وإثبات الذات بمخزون المواهب في تلك المدينة.

حظي «غزلان الشمال» بالاسم على المسمى.. وبعد أن تعرض الدوري لحكاية التنويم المغناطيسي، عاد الرمثا وأشعل الصراع ليكون كلمة السر على أثر تحكمه بخيوط اللعبة وإبقاء الإثارة في الملعب وعدم معرفة شخصية البطولة حتى الرمق النهائي.

وبالتأكيد، جمعت المطاردة الحسين بالوحدات وتبادل الأدوار، إلا أن صيد الغزلان العنوان المتداول تحت شعار «البطل غير المتوج»، لأنه بالمختصر المفيد فرض نفسه على طاولة الحوار وأكد وجوده بساحة الأمواج الصعبة لينال تقدير الجميع وثناء الخبراء بالإجماع ومنح أنصاره جرعة أمل نحو المستقبل.

 

تغييرات فنية

 

شهد دوري المحترفين تغييرات كثيرة على صعيد القيادة الفنية في خطوة تؤكد غياب الاستقرار ووضع المدرب الخيار الأول على قائمة الرحيل.

وعلى مدار المنافسة كان الاستثناء الوحيد بقاء رائد الداوود مع العقبة وخالد الدبوبي لدى مغير السرحان، فيما شملت التعديلات عشرة فرق جاءت على النحو الآتي بحسب ترتيب مهمة الإشراف لكل فريق:

الحسين: تياغو موتينيو، جواو موتا، أحمد هايل.

الوحدات: رأفت علي، قيس اليعقوبي.

الفيصلي: أحمد هايل، رأفت محمد، جمال أبو عابد.

الرمثا: وسيم البزور، ميليان رادوفيتش.

الجزيرة: عثمان الحسنات، محمود شلباية، إسلام جلال.

السلط: ديان صالح، هيثم الشبول.

شباب الأردن: محمود شلباية، رائد عساف، وسيم البزور.

الأهلي: بيبرت كغدو، بشار بن ياسين.

الصريح: ماهر العجلوني، أسامة قاسم، ماهر العجلوني.

معان: أمين فيليب، عامر عقل.

 

الغالي سعره فيه

عندما أبرم الحسين صفقة التعاقد مع «الحريف» يوسف أبو جلبوش وسبق الجميع كان يدرك أنه استقطب مفتاحاً خاصاً يستطيع دخول الأبواب كافة دون استئذان.

ورغم عدم عرض القيمة السوقية بشكل دقيق لهذا الاستقطاب، إلا أن بورصة توقيع «صيصا» مهما كانت مرتفعة قياساً للاعب المحلي بعكس الأرشيف المعروف على مدار مواسم الكرة الأردنية من حيث الرقم المالي، إلا أن صانع الألعاب المبدع أكد مصطلح «الغالي سعره فيه».

أبو جلبوش منذ التحاقه بالحسين، توج مجهوداته الوافرة لمساعدة رفاقه بصعود منصة التتويج، ولعل الهدوء التام وطريقته بضرب خطوط المنافسين عبر تمريرات ثاقبة أكدت أنه نجم فوق العادة، وأن ما يملكه من اتساع الخيارات بمثابة شاحن أصلي لتيار البطل.

وبالدليل القاطع، كشفت المواجهات التي خاضها الحسين أن أبو جلبوش الأسم الأول في المسابقة، حتى أن الفترات التي لم يكن فيها داخل الملعب عانى فريقه من عدم القدرة على إنتاج العدد الكبير من الفرص.. على النقيض تماماً أثناء امتلاكه الكرة يبث الطمأنينة في قلوب ناديه بجميع أركانه.

 

المهند يقتحم الشباك

شهد صراع الهدافين بدوري المحترفين الكثير من الأوراق الهجومية التي كشفت المواهب البارزة، لكن وحده موهبة الوحدات مهند سمرين فرض نفسه على رأس تلك القائمة بعد اقتحامه الجدران الدفاعية ١٨ مرة ليؤكد على براعة لاعب يجيد الحضور الأنيق.

سمرين.. لدى مراجعة شريط الاختراقات أثبت علاقة صداقة قوية مع الشباك، إذ أنه سطر حروف النجومية فكان العلامة الفارقة مع فريقه متفوقاً على الخطوط الأمامية من حيث الطاقة الإيجابية جعلته صاحب حقوق التأليف والنشر والطباعة والتوزيع لكتاب وضعه نفسه غلاف الموسم.

ما وراء الخبر، مر هداف الدوري خلال السنوات الأخيرة بظروف صعبة للغاية، ربما لو حدثت مع غيره لقرر هجرة «الساحرة المستديرة»، لكن المهند اجتهد وصبر وتحمل الوجع وعاد أقوى من الأول ليقدم البلاغ رقم واحد تحت بند التحدي مع النفس يصنع الحقيقة.