تظل الطفيلة ذات الاستثمارات المحدودة و الشحيحة في توفر فرص العمل ساحة لتحديات اقتصادية تثقل كاهل سكانها، فالفقر الذي يصيب نحو 15.7% من سكان الأردن وفق إحصاءات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2023، يترك أثراً واضحاً في هذه المحافظة التي يقطنها حوالي 120 ألف نسمة، وتتفاقم الأزمة مع معدلات بطالة بلغت 24.1% على مستوى المملكة في الربع الثالث من 2023، إلى جانب ندرة فرص العمل في محافظة تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة والوظائف الحكومية.
وتعمل جمعيات مثل «بصيرا وسيدات الطفيلة وسبيل أهل الخير، إلى جانب العديد من الجمعيات الـ40 في المحافظة، بجهد لسد الفجوات الاقتصادية، فجمعية بصيرا الخيرية، على سبيل المثال، نفذت خلال العامين الماضيين حملات لتوزيع ما يزيد عن 1500 سلة غذائية على قرابة 750 أسرة في لواء بصيرا، استفاد منها حوالي 3750 فرداً، فيما قدمت مساعدات نقدية لأسر عفيفة، وهذه المبادرات، رغم أثرها المباشر، إلا أنها تعتمد على تبرعات فردية، مما يجعلها غير مضمونة الاستمرار على النهج الداعم ذاته.
ويقول الدكتور جهاد الرفوع، رئيس جمعية بصيرا الخيرية أن الجمعية تسعى لتخفيف معاناة الأسر، لكن جهودنا تحتاج إلى دعم مستمر، فبدون موازنات جيدة ودائمة، قد يكون من الصعب توسيع دائرة الوصول إلى كل الأسر المحتاجة.
وتمتد الجهود إلى مبادرات تمكين اقتصادي، فجمعية سيدات الطفيلة، التي تركز على دعم النساء، أطلقت خلال الأعوام الماضية برامجاً لتدريب قطاع النساء على إنتاج المواد الغذائية، مثل المخللات والمربيات، مما مكّن العشرات منهن من تسويق منتجاتهن في أسواق محلية، وحققت هذه المبادرات دخلاً شهرياً شبه ثابت لهن.
وتقول الدكتورة حنان الخريسات، رئيسة جمعية سيدات الطفيلة إن تمكين النساء اقتصادياً هو مفتاح كسر دائرة الفقر، لكننا بحاجة إلى دعم لوجستي وتسويقي لتوسيع نطاق هذه المشاريع، مشيرة إلى أن نقص التمويل يحد من قدرة أي جمعية على تحقيق أهدافها وتوجيه بوصلة الدعم اللوجستي والتدريبي للفئات المستهدفة.
وأوضح رئيس جمعية سبيل أهل الخير في الطفيلة المهندس محمود الجرابعة أنه تم توزيع أكثر من 10 آلاف وجبة خلال شهر رمضان الفائت على مئات من الأسر الفقيرة، وذلك ضمن جهود أعضاء الجمعية في جذب الدعم المالي واللوجستي للجمعية، وسط مطالبات بشمول الجمعيات حديثة التأسيس بالدعم الحكومي دون الحاجة غلى الإنتظار لمدة عامين على الأقل لتحقيق هذا الهدف التمويلي الذي تعتمد عليه الكثير من الدمعيات الناشئة في تنفيذ برامجها التنموية والمحتمعية والإقتصادية.
ويبرز تحدي إداري يعيق عمل هذه الجمعيات، إذ يشير مصدر في وزارة التنمية الاجتماعية، فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن غياب قاعدة بيانات موحدة للأسر المحتاجة في الطفيلة بين مديريات التنمية في المحافظة وبين الجمعيات الخيرية وبين لجحان الزكاة يؤدي إلى تكرار المساعدات لبعض الأسر وإهمال أخرى بشكل غير مقصود، مما يتطلب إصلاحات إدارية لضمان كفاءة توزيع الموارد، مضيفاً أن الوزارة تعمل على تطوير نظام إلكتروني لتسجيل المستفيدين، لكن هذا المشروع لا يزال في مراحله الأولية.
جمعية في القطرانة تسعى لتمكين المرأة الريفية
القطرانة - ليالي أيوب
في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز مشاركة المرأة الريفية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نجحت جمعية «الإتقان لسيدات البادية في القطرانة»، خلال فترة قياسية على تأسيسها، في تحقيق إنجازات لافتة على مستوى الإنتاج المحلي، وتوفير فرص عمل حقيقية، وتنمية مهارات عضواتها تحت إشراف هندسي دقيق.
وفي حديثها إلى $، تبين رئيسة الجمعية المهندسة آلاء الحجايا أن رحلة «الإتقان» بدأت في كانون الثاني 2025، حين اجتمعت مجموعة من السيدات الأرامل والمطلقات وذوات الدخل المحدود في القطرانة بهدف تكوين كيان نسوي متخصص يعنى بتمكين المرأة الريفية اقتصادياً واجتماعياً.
وتقول: «رأينا أن أفضل طريقة لدعم أهلنا في البادية هي الاستثمار في مهاراتهم المحلية، وربطهم بفرص سوق العمل وفق معايير صحية وجودة عالمية».
ووضعت «الإتقان» لنفسها رؤية واضحة تقوم على ثلاثة محاور رئيسة: توظيف الموارد المحلية بطريقة مبتكرة تقلل التكلفة وتضمن الجودة، وتطبيق معايير هندسية في كل مراحل الإنتاج، إضافة إلى تعزيز ثقافة التعاون وتبادل الخبرات.
وتلفت الحجايا إلى أن هذه الخطوات لم تسهم فقط في رفع مستوى المنتج، بل قلّصت كذلك نسبة العيوب إلى أقل من 3% في الدفعات الأولى، وهو معدل «يعتبر مرجعياً» في مثل هذه المشاريع الناشئة.
وفي غضون شهر واحد من التأسيس، أطلقت الجمعية أول دفعة من منتجاتها، تضم المخبوزات التقليدية، والمنتجات الحرفية اليدوية، وأعشاب البادية المجففة. وحققت هذه الدفعة موجة إقبال محلي كبيرة
وتشير الحجايا إلى أن عضوات الجمعية «تفاجأن بحجم الطلب من داخل القطرانة وخارجها، حتى وصلتنا طلبات من السياح القادمين إلى وادي الموجب والقادسية».
ولم يقصُر الأثر الإيجابي على جانب المبيعات فحسب، وإنما أسهم المشروع في توطيد الاستقرار الأسري عبر توفير دخل منتظم للعضوات، وتنشيط الأسواق الصغيرة كتجمع القطرانة الأسبوعي الذي شهد زيادة بنسبة 25% في الحركة التجارية، وتعزيز ثقة المجتمع بقدرة المرأة الريفية على إدارة مشروعات صغيرة وتوسيعها.
وبحلول نهاية نيسان، تمكنت الجمعية من تنظيم «أول بازار سنوي للإتقان» في ساحة الجمعية المركزية بالقطرانة.
وشهد البازار حضور أكثر من 500 زائر من أهالي البلدة والمناطق المجاورة، تناولت اللجنة المنظمة منتجات المعرض في جناح عرض مخصص لكل فئة إنتاج، مع عروض مباشرة لكيفية التصنيع بمتابعة هندسية.
وأشاد الزائرون بحسن التنظيم وجودة السلع، وأبدى عدد من أصحاب المشاريع الصغيرة استعدادهم للتعاون مع الجمعية في توريد المواد الخام والتسويق.
وركزت «الإتقان» كذلك على البعد المعرفي، إذ شملت برامجها ورشات عمل في إدارة المشاريع الصغيرة تناولت إعداد ميزانيات التشغيل والتسعير وتسويق المنتجات.
وكذلك عقدت دورات فنية متقدمة في تقنيات التجفيف والتحضير الصحي للمنتجات الغذائية، وجلسات إرشادية حول حقوق المرأة في العمل والتمويل الأصغر، بالتعاون مع مؤسسات تمويلية محلية.
وتؤكد الحجايا أن هذه البرامج مكّنت العضوات من تحصيل فهم أفضل لآليات السوق وتمكينهن من اتخاذ قرارات إنتاجية سليمة، ما أسهم في تنامي ثقة المستثمرين الصغار في قدرات الجمعية.
