محليات > العاصمة

تفشي «الحصبة» بالأميركيتين يدعو لليقظة الصحية بالمملكة

بلعاوي: التركيز على الفئات المعرضة للخطر والمسافرين

يعد الارتفاع الكبير والمثير للقلق في حالات الحصبة عبر الأميركيتين بمثابة تذكير صارخ بالتهديد المستمر الذي يمثله هذا المرض شديد العدوى وناقوس يدق الخطر ودعوة لليقظة الصحية في الأردن.

ولا شك أن الارتفاع الكبير والمثير للقلق في حالات الحصبة عبر الأميركيتين يثير موجات من القلق في أوساط الصحة العالمية، وعلى الرغم من بعد المسافة بآلاف الأميال، فإن الوضع المتكشف يحمل دروسا حاسمة ويتطلب زيادة الوعي والتأهب داخل حدود الأردن.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، سجلت منطقة الأميركيتين 2,318 حالة حصبة مؤكدة، بما في ذلك ثلاث وفيات مأساوية، في الفترة ما بين 1 كانون الثاني و 18 نيسان العام الحالي، ويمثل هذا زيادة مقلقة بلغت 11 ضعفا مقارنة بـ 205 حالات فقط تم الإبلاغ عنها خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وتركزت الحالات في 6 دول هي، الأرجنتين، بليز، البرازيل، كندا، المكسيك، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تحدث معظم الحالات بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و 29 عاما، وهم إما غير مطعمين أو حالة تطعيمهم غير معروفة، كما أن عددا كبيرا من هذه الحالات إما وافدة مباشرة عن طريق المسافرين الدوليين، أو مرتبطة بهذه الحالات الوافدة، مما يسلط الضوء على ترابط الصحة العالمية في العصر الحديث للسفر.

واعتبر عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، أن الحصبة أبعد ما تكون عن مجرد طفح جلدي بسيط يصيب الأطفال، فهي مرض فيروسي ينتقل عبر الهواء، مما يعني أنه ينتشر بسهولة في الجو عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس، وعدواها شديدة للغاية وأكثر بكثير من الأنفلونزا أو حتى كوفيد-19.

وبين لـ$ أن الأعراض تبدأ عادة بعد 10-14 يوما من التعرض وتشمل حمى شديدة، وسيلان الأنف، وسعال، وعيون حمراء ودامعة، وبقع بيضاء صغيرة داخل الفم، ويظهر طفح جلدي أحمر مميز بعد بضعة أيام، يبدأ على الوجه وينتشر إلى الأسفل.

وبينما يتعافى الكثيرون في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، فإنه يمكن أن تؤدي الحصبة وفق بلعاوي إلى مضاعفات خطيرة ومميتة في بعض الأحيان، وتشمل هذه التهابات الأذن المنهكة التي يمكن أن تسبب الصمم، والإسهال الشديد المؤدي إلى الجفاف، والالتهاب الرئوي (وهو سبب رئيس للوفيات المرتبطة بالحصبة عند الأطفال الصغار)، والعمى، والتهاب الدماغ–وهو تورم خطير في الدماغ يمكن أن يؤدي إلى تلف دائم في الدماغ أو الوفاة.

وأضاف أنه تكمن مأساة الطفرة الحالية في إمكانية الوقاية منها، حيث يوجد لقاح آمن وفعال للغاية يوفر جرعتان منه حماية مدى الحياة بنسبة 97٪ تقريبًا، وعلى الرغم من أن التطعيم أدى على نطاق واسع إلى إعلان القضاء على الحصبة في الأمريكتين في عام 2016، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت انتكاسات.

وبالتوصيات، أشار إلى أن منظمة الصحة العالمية قدمت خارطة طريق حاسمة لتعزيز دفاعات الأردن ضد الحصبة، منها الحفاظ على تغطية تطعيم عالية ومستمرة، فهي حجر الزاوية في الوقاية هو ضمان حصول 95٪ على الأقل من السكان على كلتا جرعتي اللقاح المحتوي على الحصبة، ويجب على وزارة الصحة مواصلة وربما تكثيف الجهود، لتعزيز تطعيمات الطفولة الروتينية وإجراء حملات تدارك عند الحاجة.

واشار إلى ضرورة تعزيز أنظمة المراقبة، فالكشف المبكر هو المفتاح لمنع انتقال العدوى على نطاق واسع، ويجب على مقدمي الرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص أن يكونوا يقظين في تحديد حالات الحصبة المشتبه بها والإبلاغ عنها واختبارها على الفور.

ونبه إلى أهمية التركيز على الفئات المعرضة للخطر والمسافرين، حيث يجب إيلاء اهتمام خاص لضمان تغطية التطعيم الكافية بين العاملين في مجال الرعاية الصحية (الموجودين في الخطوط الأمامية)، والسكان في المخيمات أو أماكن المعيشة المكتظة، والمسافرين الدائمين، كما يجب أن تصبح فحوصات التطعيم والمشورة قبل السفر ممارسة معتادة.

وبينما حافظ الأردن على سيطرة جيدة نسبيا على الحصبة في السنوات الأخيرة، فإن الوضع العالمي يتطلب تركيزا والتزاما متجددين، أن حماية مجتمعنا يتطلب إلى جهدا جماعيا، يتضمن سلطات صحية عامة مجتهدة، ومقدمو رعاية صحية يقظون، وجمهور مستنير يفهم أهمية التطعيم باعتباره الدرع الأكثر أمانا وفعالية ضد هذا المرض الخطير الذي يمكن الوقاية منه.