يتصدر تأثير مواقع التواصل الاجتماعي مشهد تشكيل الرأي العام، حيث تتحول هذه المنصات من أدوات ترفيه وتواصل شخصي إلى ساحات حيوية للنقاش السياسي والتأثير المجتمعي.
تشير الدكتورة في العلوم السياسية رشا المبيضين إلى أن المشهد السياسي في الأردن يشهد تحولاً ملحوظاً بفعل التأثير المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت تمثل ساحة بديلة للنقاشات السياسية والتعبير عن الرأي، لا سيما في أوساط الشباب.
وتوضح أن هذه المنصات كسرت احتكار الإعلام التقليدي في تغطية القضايا السياسية، وأسهمت في تسليط الضوء على ملفات محلية طالما ظلت مهمّشة إعلامياً.
وفي الوقت ذاته، تلفت المبيضين إلى أن هذا الانفتاح الرقمي أفرز جانباً من الفوضى في تداول المعلومات، نتيجة لسهولة النشر وسرعته، في غياب معايير التحقق والمهنية.
بيّنت المبيضين أن مواقع التواصل ساهمت في رفع مستوى الوعي السياسي لدى فئات واسعة من المواطنين، ووسّعت من مساحة تداول المعلومات والنقاشات العامة، خصوصًا بين الشباب.
وفي المقابل، حذّرت من أن غياب الرقابة والمساءلة أدى إلى انتشار واسع للمعلومات غير الدقيقة والتحليلات المضللة، ما أسهم في خلق حالة من الفوضى أحيانًا.
وأكدت أن فعالية هذه المنصات في التأثير الإيجابي تبقى مرهونة بمدى وعي المستخدمين وقدرتهم على التحقق من مصادر المحتوى وتمييز الموثوق منها عن المشوَّه.
وفي حديثها لـ “الرأي"، أكدت المبيضين أن للمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، لا سيما عندما يتمتعون بالمصداقية والخبرة في تناول القضايا.
ولفتت إلى أن بعض المؤثرين أسهموا في إيصال مشكلات محلية إلى صناع القرار، وكشفوا تجاوزات وملفات فساد لم تكن لتحظى بالاهتمام لولا وجودهم. لكنها في المقابل نبهت إلى أن هناك من استغل هذه المنصات لأهداف شخصية أو لتحقيق شهرة على حساب المصداقية.
وشددت المبيضين على أن تأثير المؤثرين بات ملموسًا، إلا أنه يظل متفاوتًا، ويرتبط بمدى جدية الطرح واستمرارية الحضور الرقمي المسؤول.
وفي السياق تؤكد المبيضين أن حرية التعبير يجب أن تقوم على احترام الرأي الآخر وتبادل الأفكار بشكل بناء، وتعتمد على المعلومات الدقيقة والموثوقة. وأضافت أن هدفها الأساسي هو نشر التوعية وتعزيز الفهم السليم للقضايا العامة.
في المقابل، لفتت إلى أن المعلومات المضللة تُعد من أخطر التحديات التي تواجه النقاش العام، حيث تفتقر إلى الدقة وتعتمد على عناوين مضللة، ما يؤدي إلى نشر الفتنة والتحريض على الانقسام والتفرقة بين أفراد المجتمع.
وقالت إن الشباب يجب أن يتسلحوا بالوعي السياسي والاجتماعي، وأن يتحلوا بروح المشاركة الإيجابية في الحوار بدلاً من الانزلاق إلى التهجم أو الإساءة اللفظية.
وأضافت أنه من الضروري عليهم التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها أو مشاركتها، لضمان تداول الحقائق وليس الشائعات.
كما شددت على أهمية أن يكون الشباب فاعلين في المشهد السياسي، لا مجرد مستهلكين للمحتوى السياسي الذي يُعرض عليهم
وفي نصيحتها لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، تؤكد المبيضين على أهمية التعامل مع القضايا السياسية بعقلية ناقدة وبمسؤولية وطنية.
وتوضح أنه يجب على الأفراد أن يتحلوا بالوعي الكافي لتمييز المعلومات الدقيقة من المضللة، وألا يصبحوا مجرد ناقلين للمحتوى دون التحقق من صحته.
كما أشارت إلى ضرورة أن يتجنبوا نشر ما لا يخدم المصلحة العامة أو يساهم في إثارة الفتنة السياسية، وشددت على أهمية احترام الرأي الآراء حتى في حال الاختلاف معه.