أطباء بلا حدود: منع دخول المساعدات يهدّد الأنشطة الطبية في غزّة
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، في اليوم الخامس والأربعين لاستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بأن مستشفيات القطاع استقبلت ٢٩ شهيدا، و77 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية جراء تواصل حرب الإبادة، وفي الوقت ذاته، تتصاعد التحذيرات من تفاقم أزمة الجوع التي تلوح بأفقها تداعيات مأساوية، حيث نبه برنامج الأغذية العالمي من خطر وقوع وفيات ناجمة عن سوء التغذية في القطاع المحاصر.
ووصف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الوضع في غزة بأنه «كارثي»، مشيرًا إلى أن مليوني شخص يعانون من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، مما يعمق الأزمة الإنسانية في المنطقة. من جهته، دعا مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، الأمم المتحدة إلى إعلان حالة المجاعة رسميًا في القطاع، استنادًا إلى المؤشرات الميدانية والبيانات الطبية التي تؤكد تحقق الشروط الدولية لهذه الحالة.
من جهتها أفادت مستشفى المعمداني، بوصول 6 شهداء منذ الصباح، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف حيي الشجاعية والتفاح شرقي مدينة غزة، مضيفة أن من بينهم 3 مواطنين من عائلة واحدة (الأب واثنين من أبنائه) في حي التفاح.واستشهاد الطفل فايز أبو سمرة بشظايا قنبلة أطلقتها مُسيرة إسرائيلية بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة. واستشهاد 3 مواطنين وإصابة آخر، في قصف من مسيرة إسرائيلية على مزارعين في منطقة المواصي غربي مدينة رفح جنوبي القطاع.
وقال إن 5 شهداء ارتقوا في قصف إسرائيلي على منزل لعائلة «أبو سحلول»، في مخيم خان يونس جنوبي القطاع، وهم: «الطفل أحمد إبراهيم فريح أبو سحلول (10 أعوام)، الطفل محمد إبراهيم فريح أبو سحلول (12 عامًا)، أسامة محمد أبو سحلول، لمياء عبد محمد أبو سحلول، شهيدة مجهولة الهوية».وبيّن أن مواطنًا ارتقى جراء قصف من مسيرة إسرائيلية، في منطقة المنارة جنوب شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وذكر أنه تم انتشال الشهيد محمد أحمد حمدان كوارع، من تحت أنقاض منزل عائلته في جورة اللوت جنوبي خانيونس، بعد 5 أيام من القصف.
ونوّه إلى أن 3 شهداء من عائلتي «غبن ومعروف» ارتقوا في قصف مدفعي إسرائيلي، على بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني في القطاع إن شهيدين ارتقيا في قصف إسرائيلي جديد على بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وهما: «وسام عدنان المصري، مراد حامد المصري».ولفت إلى استشهاد مواطنين اثنين وإصابة 5 آخرين باستهداف إسرائيلي، لخيمة نازحين جنوبي مدينة دير البلح وسط القطاع.
وأضاف، أن الشاب أحمد هشام أبو دلال ارتقى بقصف إسرائيلي، غربي مخيم النصيرات وسط القطاع.
ولفت إلى إصابة عدد من المواطنين بقصف مدفعي إسرائيلي لشقة سكنية، في أبراج القسطل شرقي مدينة دير البلح وسط القطاع.وتابع، أنه تم انتشال جثمان شهيد متحلل، من منطقة الشيخ عجلين غربي مدينة غزة، منوهًا إلى استشهاد الشاب هاني محمود الكفارنة، في قصف إسرائيلي على مدينة بيت حانون شمالي القطاع.
وذكر، أن الطيران الحربي الإسرائيلي دمّر مبنى بلدية النصر، شمال شرقي مدينة رفح جنوبي القطاع، لافتًا إلى أن الطيران المروحي الإسرائيلي يواصل إطلاق نيرانه صوب مدينة رفح.
وقال مدير الأنشطة الطبية في منظمة أطباء بلا حدود الدولية، الطبيب أحمد أبو وردة، إن منع سلطات الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لأكثر من 60 يوماً يُهدّد بتوقف جميع الأنشطة الطبية في القطاع.
وأوضح أبو وردة، الذي يعمل حالياً في مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوبي القطاع، أن الوضع الطبي في القطاع «سيئ للغاية»، ولا سيما تحت وطأة الهجمات المستمرة والحصار الإسرائيلي المكثف، لكنه الآن يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. لم تصل إلينا أي مساعدات أو مستلزمات طبية منذ نحو شهرين، ما وضع جميع الأنشطة الطبية والمستشفيات أمام خطر التوقف».
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما سبّب تدهوراً كبيراً في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
وأكد أبو وردة أن هناك «عدداً قليلاً جداً من المستشفيات التي لا تزال تقدم خدمات كاملة داخل القطاع»، مشددًا على أن هذه المستشفيات «تعاني من نقص حاد في المساعدات والمستلزمات الطبية والأدوات الجراحية».
وقال أبو وردة: «بسبب إغلاق المعابر، لا تصلنا أي مساعدات، ما يعرّض حياة جميع المرضى للخطر، ويهدد عملنا. ولهذا السبب، لا نستطيع تقديم الخدمات الطبية بالشكل المطلوب».
نفاد وشيك للأدوية
وذكر أبو وردة أن «العاملين في المجال الصحي والإنساني في غزة يعتمدون بالكامل على الإمدادات القادمة من الخارج»، موضحاً أن العديد من الأدوية والأدوات الجراحية «بدأت بالنفاد».
وأضاف: «بدأنا نفقد بعض الأدوات والأدوية الحيوية في عملنا. وهذا الوضع يجعل عمل الفرق الطبية التي تبذل جهوداً يائسة لمساعدة المرضى أكثر تعقيداً وصعوبة».
وأكد أنه «إذا استمر الأمر على هذا النحو، فإن الكثير من الأنشطة ستتوقف أساساً في غزة، ليس فقط بالنسبة لنا بل للجميع، لأن الجميع يعتمد على الإمدادات القادمة من خارج غزة». ويعتمد سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، بشكل شبه كلي على المساعدات الإنسانية القادمة من خارج القطاع.
احتياجات هائلة
ولفت أبو وردة إلى أن العديد من الأنشطة ستبدأ بالتراجع والانكماش في حال استمرار انقطاع المساعدات الطبية، موضحاً أن ذلك يتوقف على المواد والمعدات المتوفرة لديهم. وقال: «سنبذل قصارى جهدنا للاستمرار قدر الإمكان. جميع المؤسسات تعاني من نفس المشكلة، وتحاول إيجاد طريقة لمواصلة تقديم المساعدات الطبية وتشغيل منشآتها الطبية».
وأشار أبو وردة إلى أن «الاحتياجات على الأرض هائلة، والجميع يحاول تقديم أفضل ما لديه وسد الثغرات. لا نحاول تقليص أنشطتنا، بل نسعى لتقديم أفضل ما يمكننا».
ولأكثر من مرة، قالت تقارير حقوقية وأممية إنّ القطاع الصحي في غزّة «يعاني بشدّة» جراء استمرار الإبادة الإسرائيلية التي تعمدت استهداف المراكز الصحية والمستشفيات وبسبب إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الطبية والاغاثية.
حالات خطرة ومعقدة
وأشار أبو وردة إلى أنهم «يستقبلون عدداً متزايداً من المرضى، والحالات أصبحت أكثر خطورة وتعقيداً»، موضحاً أن المستشفى «مكتظ وخطورة الإصابات تتزايد يوماً بعد آخر».
وأوضح أن «الوضع العام في غزّة سيئ للغاية، وليس من الناحية الطبية فقط». وقال: «هناك نقص حاد في المواد الغذائية بالأسواق. لم يتبقَّ تقريباً أي شيء يمكن للناس العثور عليه. الناس يقفون في طوابير طويلة للحصول على مياه الشرب والطعام».
وتابع: «نعيش الظروف نفسها التي يعيشها الناس، ونُهجّر مثلهم». وأعرب عن أمله في أن ينتهي الوضع الحالي قريباً، وأن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار وفتح جميع المعابر لتوفير المساعدات الطبية والإنسانية.
وفي 18 مارس الماضي، تنصّلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنوده.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل حرب إبادة ممنهجة في قطاع غزة، خلفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.