لحماية المياه الجوفية من النضوب.. الدحيات يقترح خارطة طريق لتعزيز الأمن المائي
06:41 30-4-2025
آخر تعديل :
الأربعاء
قال المهندس إياد الدحيات، الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري، إن تعزيز الأمن المائي في الأردن يتطلب وضع خارطة طريق شاملة تهدف إلى حماية المياه الجوفية من النضوب والتجاوزات في عمليات الضخ، بما يضمن الاستخدام الآمن والمستدام لهذا المورد الحيوي خلال السنوات المقبلة، وحتى دخول مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه حيز التنفيذ، والذي يُعوّل عليه ليكون المصدر المائي الرئيسي والدائم للمملكة.
وبيّن الدحيات أن عدد الآبار الجوفية المحفورة في الأردن، سواء العاملة أو غير العاملة، يناهز ستة آلاف بئر، حيث يبلغ حجم المياه الصادرة من الأحواض المتجددة نحو 498 مليون متر مكعب، في حين يُقدّر الضخ الآمن منها بـ 275.5 مليون متر مكعب. كما تصل كمية المياه المستخرجة من الأحواض غير المتجددة إلى 144 مليون متر مكعب، علماً أن المياه الجوفية تشكّل أكثر من 60 بالمئة من إجمالي مصادر المياه في الموازنة السنوية لكافة الاستخدامات.
وأشار الدحيات إلى أن القرار الحكومي الأخير بتنظيم آبار المياه الزراعية غير المرخصة، والصادر بموجب النظام المعدّل لمراقبة المياه الجوفية (نظام رقم 27 لسنة 2025)، يُعد خطوة بالغة الأهمية ستساهم في صون المخزون الجوفي من المياه والحد من الاعتداءات عليه، من خلال تحديد كميات المياه المصرح بها، وأسعارها، وشروط منح تراخيص الاستخراج، بما يضمن مراقبة الكميات وأعماق الآبار ونوعيتها بشكل مستمر، واستيفاء أثمان المياه بشكل عادل، إلى جانب توفير حلول واضحة المعالم لحماية المجتمعات المحلية واستقرارها الاقتصادي.
وأوضح الدحيات أن خارطة الطريق المنشودة لا بد أن تتضمن توحيد وتقييم الإطار التشريعي الناظم للمياه الجوفية، بما ينسجم مع مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وذلك من خلال دمج وتناغم التشريعات الخاصة بالتنقيب والاستخدام والمراقبة في قانون واحد. وأشار إلى أن نظام التنظيم الإداري لوزارة المياه والري رقم 14 لسنة 2014 يُنيط بالوزارة مسؤولية إجراء الدراسات الفنية للكشف عن مصادر المياه الجوفية ومراقبة نوعيتها وكميتها، في حين يحمّل نظام مراقبة المياه الجوفية رقم 85 لسنة 2002 سلطة المياه مسؤولية تحديد كميات الضخ المسموح بها لكل حوض وتنظيم إجراءات الترخيص والضبط، بالتنسيق مع وزارة الزراعة التي تُحدّد بدورها المساحات الزراعية واحتياجاتها المائية حسب نوع المحصول وطرق الري.
وشدّد الدحيات على أهمية إسناد مهمة الرقابة المستمرة على الآبار العاملة إلى جهة تنظيمية واحدة، تمتلك قاعدة بيانات وطنية موحّدة للمياه الجوفية، تشمل التفاصيل الفنية لكل بئر وحوض مائي، وتضمن مطابقة المواصفات الفنية للرخص مع الواقع الميداني، لتفادي تجاوزات تؤدي إلى استنزاف المخزون الجوفي وتجاوز حدود السحب المقررة سنوياً.
واقترح الدحيات احتساب أثمان المياه المستخرجة بناء على نوع المحاصيل الزراعية وجدواها الاقتصادية ومدى مساهمتها في الناتج المحلي، إلى جانب تقليص كميات المياه الجوفية المجانية التي لا تُستوفى مقابلها أي رسوم.
وأكد الدحيات ضرورة تحديث الخارطة الهيدرولوجية للمملكة بالاستناد إلى الدراسات الجيولوجية الحديثة، بما يُتيح تحديد طبقات المياه الواعدة، سواء كانت مالحة أو صالحة للشرب، وطرحها كمشاريع استثمارية ضمن شراكات مع القطاع الخاص، باستخدام نماذج تعاقدية تجارية متوازنة تقوم على مبدأ 'التمويل والبناء والتشغيل والصيانة' لفترات زمنية طويلة، بهدف تطوير مصادر مائية جديدة ترفد الأمن المائي الوطني.
وفي السياق ذاته، دعا الدحيات إلى استخدام أدوات رقابة حديثة مثل الطائرات المسيرة، وتقنيات الاستشعار عن بعد والتصوير الجوي، لمراقبة الزراعات الفعلية وتحليل أنماط استهلاك المياه ومقارنتها ببيانات السجل الوطني، لضمان دقة المعلومات واتساقها مع الواقع، واتخاذ قرارات مستندة إلى مؤشرات علمية واضحة.