محليات

بكتيريا ضارة في الأمعاء ترتبط بـ «التصلب اللويحي»

بلعاوي: خطوة نحو تطور علاج فعال

يؤثر التصلب اللويحي المتعدد على الملايين حول العالم فهو يهاجم جهاز المناعة عن طريق الخطأ غمد المايلين الواقي الذي يغطي الألياف العصبية في الدماغ والحبل الشوكي.

ويؤدي هذا الضرر إلى تعطيل الاتصال بين الدماغ والجسم، مما يسبب مجموعة من الأعراض مثل التعب، والخدر، وضعف العضلات، ومشاكل الرؤية، وضعف الإدراك، وبينما تلعب الوراثة دوراً، فإن العوامل البيئية متورطة بوضوح، حيث برز الميكروبيوم المعوي، وهو النظام البيئي المعقد لمليارات الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي، كمشتبه به رئيس.

ووفق أستاذ ومستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، فإن دراسة رائدة نُشرت في المجلة المرموقة PNAS (Proceedings of the National Academy of Sciences)، تقدم أدلة جديدة ومقنعة تشير بأصابع الاتهام إلى سكان محددين في الأمعاء–ليس فقط أي بكتيريا، بل أنواع معينة تقيم في الأمعاء الدقيقة.

وأضاف في تصريح «للرأي»، ان الباحثين طوروا استراتيجية مبتكرة ثنائية المحاور، مستفيدين من مجموعة كبيرة من التوائم المتطابقة وتجارب متطورة على فئران خالية من الجراثيم، للربط الوظيفي بين نوعين من البكتيريا من عائلة لاكنوسبيراسي (Lachnospiraceae)، والموجودة في اللفائفي (الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة)، وتطور مرض شبيه بالتصلب المتعدد في النماذج الحيوانية المعرضة للإصابة.

وتابع بأن فريقا دوليا يضم علماء من ألمانيا والولايات المتحدة، قام بتحليل دقيق لبكتيريا الأمعاء في براز 81 زوجا من التوائم المتطابقة (أحادية الزيجوت)، حيث كان أحد التوأمين مصابا بالتصلب المتعدد والآخر لا يعاني منه.

وأوضح أنه بمقارنة أفراد متطابقين وراثيا نشأوا في نفس البيئة المبكرة، تمكن الباحثون من تقليل 'الضوضاء' الناتجة عن الجينات وعوامل الحياة المبكرة بشكل كبير، مما يسمح للفروقات الدقيقة المرتبطة بالمرض في الميكروبيوم المعوي الخاص بهم بالظهور بشكل أوضح.

وأشار إلى أن هذا التحليل الأولي حدد أكثر من 50 نوعا من البكتيريا، التي تباينت وفرتها بشكل كبير بين توائم التصلب المتعدد وأشقائهم الأصحاء، حيث أن العديد من أنواع البكتيريا التي سبق ربطها بالتصلب المتعدد ظهرت في النتائج، إلى جانب أنواع جديدة تم تحديدها، وكانت إحدى البكتيريا التي تم الإبلاغ عن زيادة وفرتها في توائم التصلب المتعدد، هي إيزنبرجيلا تايي (Eisenbergiella tayi)، وهي عضو في عائلة لاكنوسبيراسي.

وبين بلعاوي أن معظم الدراسات تركز على عينات البراز التي تمثل نقطة النهاية للهضم، لكن هذه الدراسة تجرأت على النظر أعلى في الأمعاء الدقيقة، وتحديدا اللفائفي، إذ إن العثور على مسببات محتملة هناك أمر منطقي بيولوجيا، وهذا موقع رئيسي للميكروبات للتأثير على الاستجابات المناعية أو توجيهها بشكل خاطئ.

ورأى أنه من المثير للاهتمام أن هذه البكتيريا لم تكن بالضرورة الأكثر وفرة في البداية في العينات البشرية، لكن يبدو أنها تزدهر أو تتكاثر بشكل كبير في النموذج الحيواني المستهدف قبل ظهور المرض، وهذا يشير إلى تفاعل ديناميكي، وليس مجرد وجود ثابت، وربما تزدهر في بيئة معوية معينة، أو تخلق الظروف الالتهابية المناسبة، أو تتفوق على الميكروبات المفيدة التي قد تبقي جهاز المناعة تحت السيطرة.

واعتبر أن هذه الدراسة تقدم بعضا من أقوى الأدلة الوظيفية حتى الآن، التي تربط بكتيريا معوية بشرية محددة من موقع معوي معين ببدء المناعة الذاتية الشبيهة بالتصلب المتعدد

وحث بلعاوي على توخي الحذر، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن النتائج في هذه الفئران المتخصصة مقنعة، إلا أنه يجب أن نكون حذرين، فالنماذج الحيوانية أدوات لا تقدر بثمن تسمح لنا بفحص الآليات التي لا يمكننا دراستها بسهولة في البشر، لكنها ليست نسخا طبق الأصل، و ترجمة النتائج مباشرة إلى مرض التصلب المتعدد البشري تتطلب المزيد من التحقق الشامل في مجموعات المرضى.