صحافة عربية وعبرية

يتنفسون الصعداء

(المضمون: في هذه الاثناء يضرب الامريكيون الحوثيين في اليمن. لكن هذا عدو ضعيف وذو قدرة رد محدودة. اما ايران فهي قصة أخرى، وهذا يعرفه الامريكيون. المشكلة هي أن من لا يعالج التهديد الإيراني اليوم سيجده امامه في المستقبل تهديدا اكبر بكثير - المصدر).الهجوم تأجل، لكنه سيأتي – هكذا وعد الأسبوع الماضي رئيس الأركان الإيراني محمد بكري الذي هدد حتى بان يكون هذا الهجوم اكثر ايلاما من سابقه وسيلحق اضرارا وخسائر فادحة. رئيس الأركان الإيراني لم يقصد بالطبع الهجوم الإسرائيلي المخطط على ايران والذي حسب تقارير الاعلام منعه الرئيس ترامب بل هجوم إيراني ضد إسرائيل، الثالث في عدده بعد الهجومين اللذين سبقاه في نيسان وفي أكتوبر 2024. مثل هذا الهجوم، حسب المسؤول الإيراني سيأتي – وهذه مسألة وقت فقط.لكن التصريحات في جهة والافعال في جهة أخرى. في هذه الاثناء، ايران والولايات المتحدة تتنافسان فيما بينهما في اطلاق تصريحات التفاؤل غير الحذر على الاطلاق بالنسبة للتقدم في المحادثات التي بدأتا فيها في محاولة للوصول الى اتفاق نووي جديد بينهما. صحيح أن المحادثات في بدايتها لكن حماسة الطرفين لا تعرف الحدود، ويبدو أنهما مصممان على الوصول الى اتفاق. وفيما يركضان كل الطريق الى الاتفاق – في النهاية سيصلان اليه.لقد أخطأت الولايات المتحدة إذ لم تضع خطوطا حمراء واضحة للمفاوضات مع ايران في كل ما يتعلق باطارها الزمني – فالايرانيون معروفون كابطال في التأجيل والتسويف – والأخطر من ذلك، ليس أيضا في كل ما يتعلق بالمسائل موضع الحديث. فمثلا يتبين أن مسائل مثل «الدعم الذي يمنحه الإيرانيون لوكلاءهم في لبنان، في العراق وفي اليمن مثلما هو أيضا لمشروعهم في الصواريخ بعيدة المدى، التي تصل بعضها منذ الان الى قلب أوروبا، لا توجد على الاطلاق على جدول الاعمال. يحتمل أن يكون الامريكيون يأملون في أن يحول الاتفاق الإيرانيين اذا ما تحقق الى محبي سلام. لكن اذا كانوا هكذا يفكرون، فانهم لم يعرفوا بعد الطبيعة الحقيقية لنظام آيات الله بعد 40 سنة من استيلائهم على الحكم في طهران.لقد أتاح الانهيار الاتفاق النووي السابق في 2015 للايرانيين ان يصلحوا دولة حافة نووية، لديها المعرفة والقدرة، المنشآت والعتاد التي تسمح لها بان تنتج سلاحا نوويا في غضون وقت غير طويل – اشهر معدودة، او بأقصى الأحوال بضع سنوات. الإيرانيون لا يحتاجون لاكثر من هذا وبالتالي فلا يوجد في طهران أي الحاح للتقدم نحو النووي فيثير بذلك العالم كله عليهم. وبالتالي فان الهدف الإيراني هو الحفاظ قدر الإمكان على ما هو موجود ولهذا فانهم مستعدون لان يبدوا مرونة بعيدة المدى والتعهد بالا تنتج ايران قنيلة نووية بل وحتى التنازل عن جزء من اليورانيوم المخصب الموجود لديها.بعد كل شيء، كل اتفاق هو بالاجمال ورقة يمكن بعد بضع سنوات خرقها، بعد أن يغادر ترامب البيت الأبيض أو بعد أن يتغير الواقع الإقليمي والدولي. وعليه، فيمكن البحث والحديث عن كل اتفاق لا يطلب من ايران التنازل عما يوجد لها–لا عن وكلائها في المنطقة، لا عن مشاريعها العسكرية ولا عن ترسانتها من الصواريخ ولا عن البنية التحتية لبحوثها النووية.في طهران يوجد تخوف شديد على مستقبل نظام آيات الله. الوضع الاقتصادي يتدهور والاحتجاج المخنوق من الداخل يتفجر من فوق السطح. حرب بين ايران والولايات المتحدة وإسرائيل، اذا ما تفجرت قد تتبين كالمسمار الأخير في نعش هذا النظام. ايران بحاجة الى اتفاق كهواء التنفس. لكنها تجديد اللعب بالاوراق التي لديها. الإيرانيون هم فنانو المفاوضات، ولهذا ففي الاعلام يتخذ الامريكيون بالذات صورة المتحمسين للوصول الى اتفاق.يحتمل أن تكون التسريبات من واشنطن بان ترامب منع هجوما إسرائيليا على ايران هي إشارة للايرانيين بان الإدارة الامريكية معنية بالوصول الى اتفاق معهم. غير أن في الشرق الأوسط، وليس فيه فقط، بخلاف البورصة في وول ستريت، القاعدة هي انك عندما تسحب سلاحا، من الأفضل لك أن تطلق النار منه والا فان أحدا لن يأخذك على محمل الجد.في هذه الاثناء يضرب الامريكيون الحوثيين في اليمن. لكن هذا عدو ضعيف وذو قدرة رد محدودة. اما ايران فهي قصة أخرى، وهذا يعرفه الامريكيون. المشكلة هي أن من لا يعالج التهديد الإيراني اليوم سيجده امامه في المستقبل تهديدا اكبر بكثير.(إسرائيل اليوم)