خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ما بعد الذكاء الاصطناعي: فجر جديد

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عمان ـ الرأي

كان هناك وقت لم تكن فيه لغة. بدأ أحدهم بالهمهمة، وولدت اللغة.

كان هناك وقت لم يكن فيه نار. فرك بعض البشر الحجارة معًا، وولدت النار.

كان هناك وقت لم تكن فيه ملكية. رسم إنسان خطًا على الأرض وقال إن الأرض على جانبه من الخط تخصه. هكذا وُلدت الملكية.

الذكاء يُولد من لا شيء. اللغة، والنار، والملكية، كلها أفكار وُلدت في عقل الإنسان دون معلومات سابقة أو قواعد أو أدوات. نشعر أن الذكاء الاصطناعي وُلد من مجموعات ضخمة من البيانات، وقواعد وضعها العلماء، ونماذج لغوية ضخمة. بنى الأمريكيون "تشات جي بي تي"، وبنى الصينيون "ديب سيك"، وبدأت دول آسيوية عديدة في البحث عن نماذج لغوية ضخمة. هذا صحيح اليوم، لكنه لن يظل كذلك طويلًا.

طورت جوجل تقنية تُسمى "أوتو-إم إل زيرو" (AutoML-Zero)، وهي تنتمي إلى عالم مختلف عن "تشات جي بي تي" و"ديب سيك". فهي لا تحتاج إلى نماذج لغوية ضخمة. يمكنها أن تبتكر قواعدها بنفسها من خلال التجريب بالأفكار. بخلاف النماذج التي تعتمد على رياضيات معروفة، فإن "أوتو-إم إل زيرو" لا تحتاج إلى معرفة مسبقة بالرياضيات. إنها تبتكر الخوارزميات من الصفر عبر المحاولة والخطأ، دون تدخل بشري. لا تزال تعاني من بعض القيود، وليست مبتكرة مثل رامانوجان، لكنها تمثل فجر نوع جديد من الذكاء لم يسبق له مثيل في التاريخ أو الطبيعة أو المعرفة البشرية.

تخيل طفلًا لم تعلّمه أي رياضيات. فقط ألقيت أمامه بعض المكعبات، وربما قمت بعملية جمع واحدة أو اثنتين أمامه بتحريك المكعبات، ثم خرجت من الغرفة. عندما تعود، تكتشف أن الطفل ابتكر قواعد الرياضيات بنفسه. هذه هي "أوتو-إم إل زيرو"، لكن بمستوى ذكاء يفوق الطفل بملايين المرات. يمكنها تلخيص كل أنماط التفكير التي اكتسبها البشر في غضون ساعات قليلة.

منذ عدة أشهر، يسّرتُ حوارًا بين جيفري هينتون وعضو في مجلس إدارة مؤسسة نوبل. كان البروفيسور هينتون متحمسًا لفكرة أن تُنشئ المؤسسة جائزة نوبل سادسة مخصصة للذكاء الاصطناعي. لم يكن له أي مصلحة شخصية، فقد فاز بجائزته في ديسمبر الماضي. لكنه كان يعلم أن "الشبكات العصبية الاصطناعية" التي عمل عليها لم تكن سوى البداية. السباق الحقيقي في الذكاء الاصطناعي هو ابتكار نظريات رياضية جديدة وجزيئات لا وجود لها في الطبيعة. معظم الذكاء الاصطناعي اليوم يعمل ضمن حدود رسمها مصمموه من البشر. لكن "أوتو-إم إل زيرو" يتحدى هذه الحدود، وقد يبتكر طرقًا جديدة للتعلم لم يتخيلها الإنسان قط.

ثم هناك "ديفن"، مهندس برمجيات طوّرته شركة "كوجنيشن لابوراتوريز". يمكنه التعامل مع مهام معقدة وكتابة شيفرات برمجية معقدة للغاية. لا يُعد من أفضل المبرمجين بعد، لكنه يستطيع إنجاز مشاريع برمجية متكاملة في دقائق، بينما يحتاج أفضل المبرمجين إلى شهور. وقد أظهر قدرته على تحسين أدوات مثل "تشات جي بي تي" أو حتى أتمتتها. يمكنه أيضًا إنشاء صور تحتوي على رسائل سرية دون الحاجة إلى بيانات تدريب كما في النماذج اللغوية.

إن رحلة الذكاء الاصطناعي تتجه الآن نحو اكتشافات علمية جديدة. خذ على سبيل المثال شركتي "إنسيليكو ميديسن" و"بينيفولنت إيه آي". تستخدم هذه الشركات الذكاء الاصطناعي لتصميم جزيئات أدوية جديدة من الصفر – ليس فقط لاكتشافها. في عام 2020، طورت "إنسيليكو" علاجًا محتملاً للتليف في أقل من 46 يومًا. هذا النوع من المهام كان يستغرق سنوات تقليديًا. تحاكي هذه الأنظمة كيفية تفاعل الأدوية مع الجسم البشري، مما يجعل الاختبارات المخبرية أسرع وأرخص.

طوّرت نماذج ذكاء اصطناعي لدى "تويوتا للأبحاث" و"جامعة ستانفورد" مواد إلكتروليت صلبة جديدة لبطاريات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية طويلة الأمد. بدلاً من اختبار آلاف المركبات في المختبرات، ساعد الذكاء الاصطناعي في حصر المرشحين إلى بضع مئات فقط.

ويتوقع العلماء أن الحدث الكبير القادم سيكون في مجال طاقة الاندماج. هناك تجارب جارية بالفعل في مختبرات أمريكية. يشير آخرون إلى أن "الذكاء الاصطناعي الذي يصمم ذكاءً اصطناعيًا" هو الخطوة التالية. تقرير "الذكاء الاصطناعي 2027" الذي يتنبأ بمستقبل التكنولوجيا أثار ضجة في دوائر الشركات الكبرى، لكنه تم تجاهله بشكل متوقع في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. يبرز التقرير أن الإصدار القادم من "تشات جي بي تي" (الإصدار M) سيكون مزودًا بالذاكرة، وسيصدر في غضون أشهر قليلة. سيتمكن من حل مشكلات معقدة على مدار فترة طويلة من الزمن. مثلًا، يمكن لوزارة المياه في بلدٍ ما أن تطلب من "تشات جي بي تي (M)" تحليل بيانات لثلاث سنوات ماضية في 100 منطقة واقتراح استراتيجيات لتقليل الضغط المائي بنسبة معينة. سيتمكن من القيام بذلك حتى لو تغيّر موظفو الوزارة خلال تلك السنوات الثلاث.

لقد أشرت فقط إلى العلامات الأولى لتطور الذكاء الاصطناعي. لم نتطرق بعد إلى تأثير الحوسبة الكمومية أو الحوسبة العصبية. عندما تُستخدم هذه التقنيات في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة، فإن مستقبل الذكاء سيكون خارج حدود خيالنا. وهناك أيضًا أمثلة موثقة علميًا عن ذكاء اصطناعي خدع البشر.

نحن بحاجة ماسة لفهم كيف يمكن للأنظمة الذكية أن تؤثر على الإنسانية. قد تخلق جنة على الأرض باختراع حلول للأمراض، وأزمات الطاقة، وتغير المناخ، وغيرها من المشكلات. وقد تُساء استخدامها من قبل مبتكريها، أو ربما تتفوق على مبتكريها في تقرير مستقبل الجنس البشري كما تراه هي. لقد حان الوقت لنوليها الاهتمام قبل أن يحدث ما لا يُعرف.

سنديب واسليكار هو رئيس "مجموعة الاستبصار الاستراتيجي"، وهي مؤسسة فكرية دولية، ومؤلف كتاب عالم بلا حرب.سنديب واسليكار

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF