خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

حل جماعة الإخوان المسلمين ؛ قرار سيادي أردني

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. محمد كامل القرعان

في خطوة وصفت بالحاسمة، جاء قرار القضاء الأردني بحل جماعة الإخوان المسلمين ليضع حدًا لمسيرة تنظيم شابت مسيرته الكثير من التجاوزات القانونية والانحرافات السياسية. قرار لم يكن وليد اللحظة، بل هو تتويج لمسار طويل من التجاذبات، ومحاولات إصلاح باءت بالفشل، بسبب تعنّت الجماعة وإصرارها على البقاء كيانًا غامضًا يعمل خارج إطار الدولة والقانون.

الجماعة التي تأسست في أربعينيات القرن الماضي، حظيت بمساحة كبيرة من الحرية والحضور في الحياة العامة الأردنية، لكنها مع مرور الوقت تحولت من شريك في العمل السياسي والاجتماعي إلى كيان موازٍ للدولة، يرفض الانضواء تحت مظلة القانون، ويمارس نشاطه بعيدًا عن الرقابة، وكأنه فوق المساءلة.

منذ عام 2015، بدأت ملامح الأزمة تتضح، حين رفضت الجماعة تصويب أوضاعها القانونية بعد صدور قانون الجمعيات، في الوقت الذي سعت فيه مجموعة من أعضائها إلى إنشاء "جمعية جماعة الإخوان المسلمين" كبديل قانوني مرخص. وكان من الممكن آنذاك أن تتدارك القيادة التقليدية الموقف، إلا أنها فضّلت المواجهة على التفاهم، والمناكفة على الانخراط في الحياة السياسية بأسس واضحة.

إن من يتابع مسيرة الجماعة في العقدين الأخيرين، يدرك أنها لم تكن فقط في خصومة مع الدولة، بل أيضًا مع الشارع الأردني، ومع متغيرات العصر. فقد تمسكت بخطاب تقليدي، لم يلبِّ تطلعات الشباب الأردني ولا حاجات المرحلة، وأدارت ظهرها للمبادرات الإصلاحية، واكتفت بلعب دور الضحية، متجاهلة حقيقة أن التنظيمات لا تحيا إلى الأبد إذا لم تجدد نفسها وتلتزم بقوانين الدولة التي تعمل ضمنها.

جاء قرار حل الجماعة ليؤكد أن الدولة الأردنية، بقيادتها الحكيمة، لا يمكن أن تظل مكتوفة الأيدي أمام كيان يرفض التقنين، ويصر على العمل خارج الشرعية. فالأمن الوطني لا يمكن أن يكون رهينة لتنظيم يعتبر نفسه دولة داخل الدولة، ويستخدم الدين لتحقيق مكاسب سياسية.

لقد حاول الأردن، مرارًا، فتح قنوات الحوار مع الجماعة، وفسح لها المجال لتكون جزءًا من العملية الديمقراطية. إلا أن الجماعة قابلت ذلك بمزيد من التشدد، والتحريض، والتشكيك، حتى بات واضحًا أن بقاءها يشكل خطرًا على التماسك الوطني، ويعيق تطور الحياة الحزبية السليمة.

إن حل الجماعة يجب ألا يُقرأ فقط في سياق أمني أو قانوني، بل كفرصة تاريخية لإعادة تنظيم المشهد السياسي الأردني، على أسس وطنية سليمة، تفتح الباب أمام أحزاب حديثة، تمثل الأردنيين بمختلف أطيافهم، وتعمل ضمن الإطار الدستوري، لا خارجه.

لقد آن الأوان لبناء حياة حزبية مسؤولة، تخرج من عباءة التنظيمات العقائدية المغلقة، وتنفتح على واقع المجتمع الأردني، وتستجيب لتحدياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

في الختام...

حل جماعة الإخوان المسلمين ليس استهدافًا لفكرة العمل الإسلامي، بل هو تأكيد على أن لا أحد فوق القانون. ومن أراد أن يخدم وطنه، فليعمل من داخل مؤسساته، وبأدوات ديمقراطية شفافة. أما الرهان على التنظيمات السرية والعابرة للحدود، فقد خسر المعركة... إلى غير رجعة.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF