لازاريني: إسرائيل تغذي الدعاية والتضليل الإعلامي بنزع الصفة الإنسانية عن غزة
أعربت مصادر عسكرية إسرائيلية عن مخاوفها من أن حركة حماس، عبر ذراعها العسكرية كتائب القسام، قد حصلت على كميات كبيرة من الذخيرة والمواد المتفجرة من القنابل والصواريخ التي لم تنفجر خلال العمليات العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي من بداية الحرب على القطاع منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣.
وكشفت قوات الاحتلال أن كتائب القسام تضم خمس فرق فنية متخصصة في جمع كل ما يسقط من صواريخ وقنابل وتجمع الألغام وتستولي على الطائرات المسيرة عبر اختراق برمجياتها، بالإضافة إلى ما يتركه الجنود خلفهم، حيث يتم إعادة تصنيع هذه المواد في ورش خاصة تضم خبراء فلسطينيين تم جمعهم من كافة دول العالم. وأشار التقرير المقتضب لجيش الاحتلال إلى أن حركة حماس تمتلك ثلاثة مراكز بحث وتطوير للصواريخ والمعدات العسكرية، حيث يتم تزويدها بكل ما تحتاجه بطرق متعددة، بما في ذلك ما لا ينفجر من الصواريخ والقنابل الضخمة والالغام. في سياق متصل، أفادت دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام بأن قنبلة واحدة من بين كل عشرة قنابل أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لم تنفجر. وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن إزالة القنابل غير المتفجرة في قطاع غزة لم تبدأ بسبب القيود الإسرائيلية، واستئناف الحرب في 18 مارس/ آذار الماضي بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار. وقال مسؤولي إغاثة إن الجهود الدولية لإزالة القنابل غير المنفجرة في غزة خلال فترات الهدوء أعاقتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وأشارت بيانات الأمم المتحدة إلى استشهاد ما لا يقل عن 23 شخصا وإصابة 162 بسبب ذخائر غير منفجرة منذ بدء الحرب في غزة. بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2024، صرح جيش الاحتلال بأنه نفذ بالفعل أكثر من 40 ألف غارة جوية على القطاع، وتقدر دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام أن ما بين قنبلة من كل 10 إلى قنبلة من كل 20 قنبلة أطلقت على غزة لم تنفجر، وهذه القنابل أمريكية الصنع من بين تلك التي تستخدمها إسرائيل. ورفضت سلطات الاحتلال بين مارس ويوليو من العام الماضي، طلبات لاستيراد أكثر من 20 نوعا من معدات إزالة الألغام، تمثل ما مجموعه أكثر من 2000 قطعة، من المناظير إلى المركبات المدرعة إلى كابلات إطلاق التفجيرات، وفقا لوثيقة أعدتها منظمتان إنسانيتان لإزالة الألغام. وبموجب اتفاقية لاهاي لعام 1907، تلتزم إسرائيل «كقوة احتلال» بإزالة أو المساعدة في إزالة مخلفات الحرب التي تعرض حياة المدنيين للخطر، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذخائر غير المنفجرة بمخلفات الحرب من أسلحة لم تنفجر عند تفعيلها وتُركت في أعقاب نزاع مسلح مثل القنابل والصواريخ والقذائف المدفعية والقنابل اليدوية. وتقتل وتصيب هذه الذخائر الآلاف من الأشخاص حول العالم سنويا جراء انفجارها. وإلى جانب عنصر الوقت والتكلفة فإن هناك تحديات أخرى تكمن في كيفية استخراج هذه الذخائر بطريقة آمنة. فبحسب دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام فإن القنابل التي لم تنفجر تقبع في باطن الأرض. وفي حالة غزة تختفي تحت أطنان الركام التي تقدرها الأمم المتحدة بنحو 50 مليون طن. وحذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من بدء تفشي المجاعة في قطاع غزة، في ظلّ استمرار الحصار الشامل غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ 45 يومًا، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية لأطول مدة متصلة منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية قبل أكثر من 18 شهرًا. وقال المرصد الأورومتوسطي في تقرير له، الخميس: إنّ طواقمه العاملة في قطاع غزة بدأت برصد مؤشرات خطيرة تنذر بدخول السكان حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد يوشك أن ينتقل إلى مستوى المجاعة، إذ تسبّب الحصار الإسرائيلي بنقص حاد ومستمر في الغذاء الأساسي الضروري للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الحبوب والبروتينات والدهون، إلى جانب تعطيل وتدمير ما تبقى من البنية التحتية الزراعية والغذائية من خلال القصف والاحتلال العسكري المباشر، علاوة على اضطرار السكان لبيع بعض من ممتلكاتهم الأساسية من أجل توفير الغذاء، ما يشي ببدء انهيار آليات التكيّف لديهم. وذكر أنّ العائلات في قطاع غزة اضطرت إلى تقليص الوجبات اليومية للحد الأدنى، ما أدّى إلى نقص واضح في أوزان السكان الذين بات معظمهم يعتمد على نحو شبه كامل على المعلّبات القليلة المتوفرة، في ظل غياب الغذاء الطازج والمغذي، واعتماد العائلات في توفير وجبة الطعام اليومية على التكايا الخيرية، التي صعّد الجيش الإسرائيلي من وتيرة استهدافها بالقصف الجوي في الأسابيع الأخيرة، في إصرار على حرمان السكّان من حقهم حتى في الحصول على الحد الأدنى من الطعام. وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت عمدًا أكثر من 37 مركزًا لتوزيع المساعدات و28 تكية طعام، في سياق سياسة منهجية لتجويع المدنيين ومفاقمة معاناتهم، ويتجلى ذلك بوضوح في مشاهد الفلسطينيين الذين يضطرون للاصطفاف في طوابير طويلة قرب هذه المرافق، أملاً في الحصول على وجبة بسيطة من الأرز أو الحساء، وهي مشاهد غير مسبوقة في قطاع غزة، وتعكس مستوى الانهيار الإنساني الناجم عن الحصار والاستهداف المتعمد لمصادر البقاء الأساسية. وأكّد المرصد أنّ فريقه الميداني، الذي يواجه الظروف الإنسانية القاسية نفسها التي يعانيها السكان، أجرى جولات ميدانية وثّق خلالها فقدان الخبز بشكل شبه تام من الأسواق نتيجة توقف جميع المخابز العاملة في قطاع غزة عن العمل، وانعدام وجود مختلف أنواع اللحوم الحمراء والبيضاء سواء الطازجة أو المجمدة، إلى جانب وجود كميات قليلة من الخضراوات التي تباع بأسعار باهظة لا يستطيع معظم السكان تأمينها، خاصة بعد 18 شهرًا من تعطّل أعمالهم وتوقف مصادر دخلهم، ما يعمّق من أزمة الأمن الغذائي ويهدد بحدوث مجاعة وشيكة. وشدّد على أنّ جريمة التجويع التي تنفذها إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة تعد واحدة من أكثر صور الإبادة الجماعية قسوةً وتجريدًا للكرامة الإنسانية، إذ لا تقتصر على حرمان المدنيين من الغذاء، بل تهدف إلى القضاء على قدرتهم على البقاء، عبر تدمير سبل العيش، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، واستهداف مصادر الإنتاج، وتعطيل سلاسل الإمداد. ونبّه إلى أنّ الآثار الأكثر فتكًا لهذه السياسة تصيب النساء والأطفال الذين يشكّلون أكثر من ثلثي سكان القطاع، إذ يُواجه الأطفال خطر الموت البطيء نتيجة سوء التغذية الحاد، ونقص المناعة، وتأخر النمو، في ظل غياب الغذاء والرعاية الصحية. كما تتعرض النساء الحوامل والمرضعات لمخاطر جسيمة تهدد حياتهن وحياة أطفالهن نتيجة انعدام التغذية الأساسية وانهيار النظام الصحي. وأشار إلى أنّ أكثر من مليون طفل في قطاع غزة يعانون من سوء تغذية حاد، في ظل انعدام الغذاء، وانهيار شبه تام للبنية التحتية الصحية، ونقص حاد في المياه الصالحة للشرب، وحرمان كامل من أبسط شروط الحياة الكريمة. ونبه إلى أنّ تداعيات هذه السياسة لا تقتصر على الحاضر فحسب، بل تمتد لتقويض مستقبل الفلسطينيين كجماعة وطنية، من خلال إنتاج جيل مهدد بالإعاقات الجسدية والنفسية والمعرفية طويلة الأمد، وهو ما يُظهر بوضوح النية التدميرية التي تُميّز جريمة الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي. وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن 2.3 مليون إنسان مشردين حاليًا داخل القطاع المحاصر، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في ظل استمرار القصف اليومي والمجازر الإسرائيلية التي تطال المدنيين والمرافق الحيوية، ما يجعل من خطر المجاعة كارثة وشيكة ما لم يتم التحرك بشكل فوري. وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة عن تفاقم المجاعة في قطاع غزة، والتي نتجت عن ارتكاب إسرائيل لجريمة التجويع واستخدامها كوسيلة منهجية لتنفيذ الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بهدف القضاء عليهم كجماعة. وحذر من أنّ الأزمة بلغت مستويات كارثية تقترب من نقطة اللاعودة، مع توقعات بحدوث وفيات يومية بسبب نقص الغذاء وضعف المناعة، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات وتدمير البنية التحتية الأساسية، دون تدخل دولي فعّال لوقف هذا الانهيار الإنساني المتسارع. وشدّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة محاسبة إسرائيل لاستخدامها التجويع كسلاح ضد المدنيين، باعتباره جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وخرقًا جسيمًا لالتزاماتها كقوة احتلال، فضلًا عن كونه جزءًا من نمط أشمل يهدف إلى تدمير الجماعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا، ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي. وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتدخل العاجل والفوري لإنهاء الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الغذائية والطبية بشكل آمن ومنتظم، لإنقاذ السكان من المجاعة الوشيكة التي بدأت مقدماتها تضرب أسس الحياة الكريمة وتشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتهم. ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى اتخاذ خطوات عملية لوقف سياسات القتل البطيء والتهجير القسري التي تُمارس بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك تفعيل استجابة إنسانية عاجلة وشاملة، لتوفير الاحتياجات الأساسية، وفي مقدمتها المأوى المؤقت والملائم، والخدمات الصحية والمياه والغذاء. وحثّ المرصد الأورومتوسطي وكالات الأمم المتحدة إلى تعزيز ولاياتها التشغيلية، داعيًا برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى تكثيف تدخلاتهم فورًا من خلال إعداد تقارير طارئة، وعقد مؤتمرات صحفية دولية، والدعوة إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة، وتوفير الحماية للمدنيين المحاصرين في القطاع. بدوره، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، فيليب لازاريني، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت دخول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة، ما يغذي الدعاية والتضليل الإعلامي. وأضاف لازاريني في منشور على موقع «إكس»، الخميس، «منذ بدء الحرب قبل عام ونصف، منعت السلطات الإسرائيلية دخول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة لتغطية الأحداث بشكل مستقل، ما يغذي الدعاية والتضليل الإعلامي وينشر نزع الصفة الإنسانية». وأوضح أن الصحفيين الفلسطينيين يواصلون عملهم البطولي ويدفعون ثمناً باهظاً، فقد استشهد ٢١١ منهم حتى الآن». ووفق معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد استشهد 211 صحفيا منذ بدء حرب الإبادة على القطاع في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأشار لازاريني إلى أن التدفق الحر للمعلومات والتقارير المستقلة، يشكل أمراً أساسياً للحقائق والمساءلة أثناء النزاعات، متابعًا: ”وفي الوقت نفسه، يتم التشكيك في الروايات الموثوقة وشهادات شهود العيان من منظمات الإغاثة». وشدد المسؤول الأممي على أن «غزة لا ينبغي أن تكون استثناء، لقد حان الوقت لإدخال وسائل الإعلام الدولية إلى القطاع». وفي السياق، تظاهر مئات الصحفيين في بيت لحم والخليل وباريس ومارسيليا، الخميس، بدعوة من جمعيات ومنظمات صحفية للاحتجاج على مقتل عشرات الصحفيين في الحرب المتواصلة في قطاع غزة. وافترش الأرض نحو 200 شخص بشكل رمزي على درج دار أوبرا الباستيل، وحملوا صور الضحايا وارتدوا قمصانًا لُطِّخَت باللون الأحمر كُتب عليها «صحافة»، بينما كان المنظمون يتلون أسماء الصحفيين الذين قُتلوا في القطاع الفلسطيني. كُتب على صور الصحفيين الشهداء التي رفعت في التظاهر شعار «غزة.. وجوه وليس مجرد أرقام». ورفعت خلال التظاهرة لافتات تابعة للمنظمات النقابية التي شاركت في الفعالية، إلى جانب العديد من الأعلام والكوفيات الفلسطينية. وهتف بعض المتظاهرين أيضًا: «لن نصمت، هناك إبادة جماعية في غزة وفلسطين حرّة». وندّد رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين في أوروبا يوسف حبش بـ”إبادة جماعية» في غزة، مطالبًا بإنهاء الحصار المفروض على القطاع. بدوره، قال الأمين العام لنقابة (إس إن جي-سي جي تي) بابلو أيكيل، متحدثًا باسم الاتحاد الدولي للصحفيين (فيج): «لم يسبق أن شهدنا هذا العدد الكبير من الضحايا في مهنتنا، إنّ حقّ مواطني العالم في الحصول على المعلومات مُهدّد». وفي مارسيليا، شارك نحو 160 شخصًا في تظاهرة مماثلة تمّ خلالها قراءة أسماء الصحفيين الذين استشهدوا في غزة، قبل أن يقف المشاركون دقيقة صمت حدادًا عليهم.