يشهد العالم تغيرات مناخية وتحديات بيئية مقلقة، جعل مستقبلنا الأخضر قضية وطنية ملحة تجمع بين الابتكار والتكنولوجيا، تتبلور رؤية هذا المستقبل في تكاتف جهود الجميع، فالأردن الذي يحرز تقدماً ملموساً في مؤشرات الأداء البيئي العالمي، يقف شامخاً في صفوف الدول التي تسعى لتحقيق التوازن بين التطور التقني والحفاظ على البيئة، ففي إطار سعيه الدؤوب نحو استدامة الموارد الطبيعية، احتل الأردن المركز 74 على مستوى العالم، مما يؤكد على عزمه وإرادته في مواجهة تغير المناخ والتلوث، علاوة على تقدمه الذي جعل تصنيفه في مجال تكنولوج?ا المعلومات يصل إلى المرتبة 26، مما يدلل تكامل السياسات الوطنية بين الابتكار والتطوير البيئي.
لا يكتمل التحول إلى الاقتصاد الأخضر دون أن ندرك أن الاستدامة مسؤولية وطنية تقع على عاتق كل فرد في المجتمع، من مؤسسات حكومية وشركات إلى المواطن البسيط، فكل سلوك يومي، وكل قرار يتخذه الفرد، يمكن أن يساعد في رسم ملامح مستقبل أخضر، ينبض بالحياة والتجدد هنا تتلاقى مجالات الاقتصاد السلوكي مع التكنولوجيا الخضراء، حيث تُستخدم المبادئ السلوكية لتوجيه الخيارات التي تجعل من الحلول البيئية الخيار الطبيعي والفطري، بعيداً عن الاجبار أو الإكراه. يمثل الاقتصاد السلوكي أداة فعالة لإحداث التغيير المطلوب من خلال حوافز تشجع على تبني سلوكيات صديقة للبيئة، في حين تضع التكنولوجيا الخضراء بين يدينا وسائل مبتكرة لإدارة الطاقة والموارد بشكل أكثر كفاءة، يمكننا أن نتخيل مدينة مستقبلية تتألق بأنوارها الموفرة للطاقة وتنبض بأنظمة ذكية تدير استهلاك الموارد بشكل دقيق، حيث يسهم كل مواطن في هذه العملية بنظام المكافآت الذي يشجع على تقليل النفايات وترشيد استهلاك الكهرباء والمياه لا يعتمد النجاح في هذا المسعى فقط على تبني التقنيات الحديثة، بل يتطلب تغييراً جذرياً في طريقة التفكير والممارسات اليومية فمن خلال دمج مبادئ الاقتصاد السلوكي مع الابتكارات التكنولوجية الخضراء، يصبح من الممكن إعادة تشكيل ممارساتنا وإرساء مبادئ الاستدامة في نسيج الحياة اليومية وفي ظل هذا النهج المتكامل، يُظهر الأردن مثالاً يحتذى به في المنطقة، مما يدعو الدول الأخرى إلى اتباع خطاه لتحقيق تنمية مستدامة تضمن مستقبلًا مستداما. هذا التحول ليس خياراً بل ضرورة ملحة لتحقيق الأهداف، إن مسؤولية الحفاظ على البيئة تقع على عاتق الجميع فمن خلال الالتزام الجماعي، وتطبيق الحلول المبتكرة والابداعية، يمكننا رسم مستقبل تكون فيه الاستدامة ركيزة أساسية للتقدم والرفاهية الاجتماعية، فكل منا جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن، وكل خطوة نحو التحول الأخضر هي خطوة نحو غدٍ أفضل للجميع.