أهمية توظيف أصحاب الخبرة أساتذة في الجامعات
12:44 16-3-2025
آخر تعديل :
الأحد
<p>في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت الخبرة العملية عنصرًا لا يقل أهمية عن الشهادات الأكاديمية. وفي هذا السياق، أكد رئيس جامعة اليرموك في الأردن على أهمية توظيف أصحاب الخبرة، مثل القضاة، حتى لو لم يكن لديهم شهادات دراسة عليا، وذلك للاستفادة من خبراتهم العملية الواسعة. هذه الرؤية لا تقتصر على القضاة فقط، بل يمكن تطبيقها على العديد من التخصصات الأخرى، مثل الهندسة والطب والتربية وغيرها، حيث يمكن لأصحاب الخبرة أن يساهموا بشكل كبير في تطوير كفاءة الطلبة الخريجين وتحضيرهم لسوق العمل بشكل أفضل.</p><p>في مجال القضاء، يعتبر القضاة الذين يتمتعون بخبرة طويلة في العمل القضائي من أهم الأصول التي يمكن أن تستفيد منها المؤسسات القانونية. فالقاضي الذي قضى سنوات طويلة في المحاكم يعرف تفاصيل العمل القضائي بشكل عملي، ويكون قادرًا على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة بناءً على خبرته. وعلى الرغم من أن الشهادات الأكاديمية مهمة، إلا أنها لا تغني عن الخبرة العملية التي تمكن القاضي من فهم التعقيدات اليومية للعمل القضائي وبالتالي يتم اختصار أزمنة المحاكمات الطويلة التي نعاني منها اليوم، وأيضا الاقتراب أكثر من تحقيق العدالة.</p><p>في مجال الهندسة، تعتبر الخبرة العملية عنصرًا أساسيًا لفهم التحديات التي تواجه المشاريع الهندسية. فالمهندس الذي يتمتع بخبرة عملية واسعة يكون قادرًا على فهم تفاصيل العمل في مواقع الإنشاءات بشكل أسرع وأكثر فعالية من المهندس الذي يعتمد فقط على المعرفة النظرية. فالمهندس الخبير في ممارسة مهنته يعرف كيفية التعامل مع المشاكل التي تنشأ في الموقع، ويكون قادرًا على إيجاد حلول عملية وفورية، ويكون قادرا على زيادة عامل الأمان. وعندما يحصل المهندس على شهادات عليا عادة ما يتوجه للتدريس في الجامعات فيفقد مهراته العملية بصورة تدريجية.</p><p>في دول مثل ألمانيا واليابان، يتم التركيز بشكل كبير على الخبرة العملية في مجال تدريس الهندسة. فالمهندسون في هذه الدول يخضعون لتدريبات عملية مكثفة أثناء دراستهم، ويتم تعيينهم في وظائف بناءً على خبراتهم العملية وقدراتهم على تطبيق المعرفة النظرية في الواقع العملي. وهذا ما يجعل الخريجين الجدد من المهندسين في هذه الدول أكثر كفاءة وقدرة على مواجهة التحديات الهندسية.</p><p>وفي الأردن كان لدي خبرة طويلة في توظيف مهندسين جدد، وكم عانيت من افتقارهم للمعرفة العملية رغم أن بعضهم كان من الأوائل على دفعاتهم. وفي بريطانيا، حيث درست الهندسة في السبعينيات، كان عدد لا بأس به من الأساتذة من حملة الماجستير وكانوا لا يقلون أهمية من الدكاترة، وخاصة لخبراتهم العملية، وكانوا يحصلون على الرتب الجامعية نفسها لحاملي شهادة الدكتوراه. أذكر منهم أصحاب خبرات في بناء السدود والطرق ودراسات الحسابات الاقتصادية وبرمجة المشاريع وتخطيط المدن.</p><p>في مجال التربية، يمكن للمعلمين الذين يتمتعون بخبرة طويلة في التدريس أن يكونوا أكثر فعالية من أولئك الذين يعتمدون فقط على الشهادات الأكاديمية. فالمعلم الخبير يعرف كيفية التعامل مع الطلبة وفهم احتياجاتهم التعليمية وتقدير نفسياتهم ومشاعرهم، ويكون قادرًا على تطوير أساليب تدريس فعالة بناءً على خبرته العملية واحتياجات الطلبة.</p><p>في فنلندا، التي تعتبر من أفضل الدول في مجال التعليم، يتم تعيين المعلمين بناءً على خبرتهم العملية وقدرتهم على التفاعل مع الطلبة. فالأساتذة في فنلندا يتم اختيارهم عبر عملية شاقة تستهدف خبراتهم العملية، ويتم تقييمهم بناءً على أدائهم في الفصول الدراسية وليس فقط بناءً على شهاداتهم الأكاديمية.</p><p>وفي الكثير من الجامعات يُمنع الخريجون الجدد من الالتحاق بالهيئة التدريسية إلا بعد عشر سنوات من العمل في معاهد أخرى حتى يكتسبوا خبرة جديدة ولا يكرروا ما تعلموه فقط. وللأسف نجد الكثير من خريجينا اليوم في الأردن يتم تعيينهم في جامعاتهم مباشرة بعد التخرج.</p><p>في النهاية، يمكن القول إن الخبرة العملية هي عنصر أساسي لتحقيق النجاح في العديد من التخصصات، سواء من قطاع القضاء أو المحاماة أو الهندسة أو التربية أو الطب. فالشهادات الأكاديمية مهمة، ولكنها لا تغني عن الخبرة العملية التي تمكّن الأفراد من فهم تفاصيل العمل بشكل عملي ونقله إلى الطلبة. لذلك، يجب على الجامعات في العالم العربي أن تولي أهمية أكبر لتوظيف أصحاب الخبرة، والاستفادة من خبراتهم العملية الواسعة لتحقيق النجاح والتطور. وهذا بالطبع يستدعي تعديلات في أنظمة التعليم العالي وتقييم الأساتذة والجامعات.</p>