في السنوات الأخيرة، شهدت العاصمة الأردنية عمان بداية انطلاق مشروع النقل العام عبر الباصات الحديثة السريعة كحل للتخفيف من ازدحام المرور المستمر. إلا أن هذا المشروع، رغم فوائده المتوقعة، واجه مقاومة في البداية من قبل العديد من المواطنين، وانا منهم. إذ ما زلت اعتقد ان الحل كان يمكن ان يتم بقطار خفيف على جانبي الطريق أو قطار علوي يرتفع فوق أعمدة من الجزيرة الوسطية دون ان تقتطع مساحة من حرم الشارع المخصص للمركبات كما في قطار بانكوك العلوي BTS الذي يربط العاصمة بالمطار أيضا.
لم يكن هناك تقبل واسع لهذا النوع من النقل العام، وهو ما يعكس موقفًا تقليديًا للعديد من سكان عمان تجاه وسائل النقل العامة بشكل عام. ولكن عندما بدأت الامانة بإطلاق خططها لإدخال باصات جديدة سريعة ومنتظمة التردد في شوارع عمان، كانت هناك عدة أسباب للمقاومة المجتمعية. في البداية، كان هناك تصور بأن الباصات تمثل تراجعًا في مستوى الرفاهية، إذ يعتبر الكثيرون أن استخدام المركبة الخاصة أكثر راحة وكفاءة. إضافة إلى ذلك، كانت هناك مشاعر من الشك تجاه قدرة هذه الباصات على تلبية احتياجات التنقل اليومية في مدينة كبيرة مثل عمان، مع ما يرافق ذلك من خوف من أن يكون المشروع غير مستدام أو غير قادر على إدارة المشاكل اللوجستية.
علاوة على ذلك، كانت النظرة السائدة في عمان ترتبط بنوع من الرفاهية الفردية، حيث يفضل الكثيرون التنقل بسياراتهم الخاصة لأسباب تتعلق بالخصوصية والراحة. وكان من الصعب على المواطنين أن يتخيلوا أن الباصات ستكون بديلاً عمليًا، خاصة لان القطاع العام هو الذي يديرها.
* كيف أصبح الباص جزءًا من الحل؟
رغم تلك المقاومة في البداية، ومع مرور الوقت، بدأ مشروع باص عمان والباص السريع يظهر بشكل أكثر تنظيماً، مع تحسن الخدمات وزيادة الوعي حول فوائد النقل العام. بدأت الحكومة بتقديم تحفيزات مختلفة مثل تحسين مواعيد الباصات، تطوير شبكات النقل، وزيادة كفاءة المحطات وانتظام رحلاتها.
الأزمة المرورية في عمان تعد من أبرز التحديات التي تواجه المدينة. ومع النمو السكاني المستمر وارتفاع عدد السيارات، أصبح الاختناق المروري في الشوارع يوميًا يمثل عبئًا كبيرًا على سكان المدينة. وهنا يأتي دور باص عمان والباص السريع. اذ يعتبر هذا المشروع حلاً محتملاً لتقليل الضغط على الشوارع في المستقبل بادخال رحلات فرعية تربط الشوارع الرئيسية بالمناطق الابعد وأيضا بالمدن الاخرى كالزرقاء كثيفة السكان، خصوصًا إذا تمت إعادة هيكلة وتنظيم شبكة النقل بشكل فعال. فإذا كان بإمكان المواطنين التوجه نحو استخدام وسائل النقل العامة، فإن ذلك سيساهم في تقليل عدد السيارات الخاصة على الطرق وبالتالي تخفيف الازدحام والتلوث وتخفيف توتر المواطنين.
*أمثلة من دول أخرى
يمكن النظر إلى تجارب بعض الدول التي نجحت في تحسين النقل العام والتخفيف من أزمات المرور عبر باصات حضرية حديثة. على سبيل المثال، في مدينة سنغافورة، حيث تم اعتماد نظام النقل العام بشكل كبير، تشهد المدينة واحدة من أدنى مستويات الازدحام في العالم، رغم ضيق مساحة الجزيرة.
كذلك، في لندن، أظهرت دراسة أن إدخال نظام الحافلات الجديدة والمحدثة قد ساهم في تخفيف الازدحام وتقليل التلوث. في لندن، يمكن للركاب استخدام بطاقة واحدة للانتقال بين وسائل النقل المختلفة، مما يزيد من الإقبال على الحافلات ويسهل التنقل بين مختلف أرجاء المدينة. وكذلك الحال في ألمانيا والنمسا والعديد من الدول الأوروبية.
* التحديات التي قد تواجهها عمان
رغم الفوائد المحتملة لباص عمان والباص السريع، بما في ذلك توفير بطاقة مجانية لكبار السن، وهذا امتياز انتفعت منه شخصيا، هناك تحديات أخرى يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار. من أهم هذه التحديات تحسين الوعي العام وتغيير الثقافة السائدة حول وسائل النقل العامة. كما يجب تكثيف الجهود لضمان أمان الركاب، وتوفير ظروف مريحة داخل الباصات، وتنظيم جدول زمني منتظم يخدم الجميع، فضلا عن صيانة الحافلات باستمرار. فعند استقلال باص رقم ٥٨ مؤخرا لم تكن كبسة دعوة السائق للوقوف تعمل، فاضطررت أن انادي على السائق بصوت مرتفع حتى يتوقف.
ختاما، وعلى الرغم من المعارضات الأولية، يبدو أن باص عمان والباص السريع يحمل إمكانيات كبيرة لحل أزمة المرور في العاصمة الأردنية. من خلال تحسين الوعي العام، وتطوير البنية التحتية، واتباع تجارب ناجحة من دول أخرى، كي يصبح المشروع جزءًا من حل مستدام للعديد من مشاكل التنقل في عمان ويخفض من تلوث الهواء وخاصة إذا زادت الأمانة أعداد الحافلات الكهربائية ووسعت من شبكة خطوطها.