الشعر العربي غني بالجواهر والمعاني العميقة التي تلامس مختلف جوانب الحياة. ومن بين هذه الجواهر المقولة الشهيرة للشافعي: العلم صيد والكتابة قيده... قيد صيودك بالحبال الواثقة فمن الحماقة أن تصيد غزالة وتتركها بين الخلائق طالقة... وقال الحكيم العربي: العلم صيد والكتابة قيد، وإذا ضاع القيد ذهب الصيد... وهذا يختصر فلسفة عميقة حول طلب العلم وتدوينه.
في هذا المقال، سنتعمق في معنى هذا البيت، وأهميته في تشجيع البحث العلمي والمعرفي، وكيف يمكن أن يكون دليلاً لنا في رحلتنا نحو المعرفة. ويعد من أعمق الأمثال والحكم والشعر التي تعبر عن أهمية العلم والمعرفة والكتابة والبحث العلمي وضرورة تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة صريحة، ودور الكتابة في حفظه ونشره.
يشبه هذا المثل العلم بالصيد الثمين الذي يتطلب جهدًا ومهارة للحصول عليه، والكتابة بالقيد الذي يحفظ هذا الصيد ويمنعه من الضياع. في هذا المقال، سنتعمق في معنى هذا المثل وأهميته في حياتنا، وكيف يمكن أن يكون دليلاً لنا في رحلتنا نحو المعرفة.
وأبدأ عزيزي القارئ بشرح معنى المثل وأبدأ بالشق الأول العلم صيد: يشير هذا الجزء من المثل إلى أن العلم كنز يجب اكتشافه والبحث عنه، فهو كالصيد الذي يحتاج إلى الصبر والمهارة والجهد. إن طلب العلم هو رحلة شاقة تتطلب المثابرة والاجتهاد، وقد تتضمن مواجهة تحديات وعقبات. أما الشق الثاني الكتابة قيد: تعني الكتابة هنا الأداة التي تثبت العلم وتحميه من الضياع، فهي كالقيد الذي يمسك بالصيد الثمين ويمنعه من الهرب. فالكتابة هي وسيلة لتسجيل الأفكار والمعارف واكتشافات جديدة، مما يضمن حفظها ونقلها للأجيال القادمة.
والشق الثالث من المثل قيد صيودك بالحبال الوثيقة: هذه الجملة تؤكد على أهمية تدوين العلم بشكل دقيق ومنظم، فالقيد الوثيق يضمن عدم ضياع الصيد الثمين. إن الكتابة المنظمة والواضحة هي الضمانة
ولأوضح أهمية المثل في حياتنا وهي الخطوة الأولى الحث على طلب العلم: يشجع هذا المثل على البحث المستمر عن المعرفة، فهو يعتبر العلم كنزا يجب اقتناصه. مع ضرورة التأكيد على أهمية التدوين: يؤكد المثل على أن مجرد اكتساب المعرفة لا يكفي، بل يجب تدوينها وتوثيقها حتى تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
ونؤكد على حفظ المعرفة: الكتابة هي وسيلة لحفظ المعرفة وتخليدها للأجيال القادمة، مما يساهم في تراكم المعرفة وتطور الحضارات. والدور الأكبر هو دورنا في تطوير المعرفة: من خلال الكتابة، يتم تحليل المعلومات وتنظيمها، مما يساهم في فهمها بشكل أعمق وتطويرها. وصولا إلى أعلى درجات العلم وهي نشر المعرفة: الكتابة هي وسيلة لنشر المعرفة وتبادلها بين الأفراد والمجتمعات، مما يساهم في تقدم العلم والمعرفة.
في عصرنا الحالي، أصبح العلم والمعرفة أكثر أهمية من أي وقت مضى، فالتقدم التكنولوجي والمعلوماتي يولد كم هائل من المعرفة الجديدة. وفي هذا السياق، يأتي المثل «العلم صيد والكتابة قيد» ليكون أكثر أهمية من أي وقت مضى.
فمن خلال البحث المستمر والتدوين المنظم، يمكننا الاستفادة من هذا الكم الهائل من المعلومات وتوظيفه في خدمة البشرية لإنتاج المعرفة وتوثيقها وتطويرها ودورنا في إنتاجها واستحداثها وبنائها وليس مجرد استخدامها وأذكر مجموعة أمثلة على تطبيقية على صيد العلم وتوثيقه عند العلماء والباحثون إذ يعتبر العلماء والباحثون خير مثال على تطبيق هذا المثل، فهم يسعون جاهدين لاكتشاف الحقائق والمعارف الجديدة، ثم يقومون بتدوين نتائج أبحاثهم ونشرها ليفيد منها الآخرون. وكذلك الكتاب والروائيون: فهم يصطادون الأفكار والمعاني من الحياة اليومية، ثم يقومون بتدوينها في شكل روايات وقصص. ووقود الأمة وبنائها طلاب العلم: يجب على طلاب العلم أن يعتبروا هذا المثل دليلاً لهم في رحلتهم نحو المعرفة، فعليهم أن يسعوا جاهدين لطلب العلم وتدوينه حتى يستفيدوا منه في حياتهم العملية والعلمية.
ختامًا «العلم صيد» يشير إلى أن العلم هو كنز يجب اكتشافه والبحث عنه، فهو كالصيد الذي يتطلب الصبر والمهارة والجهد. أما «الكتابة قيد» فهي تعني أن الكتابة هي الأداة التي تثبت هذا العلم وتحميه من الضياع، فهي كالقيد الذي يمسك بالصيد الثمين ويمنعه من الهرب. هو دعوة لكل فرد إلى السعي وراء المعرفة وتدوينها، فهو يذكرنا بأهمية العلم في حياتنا، وأنه ليس مجرد مجموعة من الحقائق، بل هو أسلوب حياة يعتمد على الاستكشاف والفضول. فلتكن الكتابة رفيقنا الدائم في رحلتنا نحو المعرفة، ولنساهم جميعاً في بناء مجتمع معرفي مزدهر.
