شهد الأردن على امتداد قرونٍ أحداثاً لها دلالات مهمة في تاريخ الديانة المسيحية، مما جعل عدة مواقع في الأردن تصبح مقصداً للحج، إذ تزخر المملكة بمواقع مقدسة وآثار تاريخية مرتبطة بالحج المسيحي، وبرزت المملكة كوجهة للسياحة الدينية في المنطقة، والاهتمام في السياحة الدينية تجعلها مصدرا للجذب السياحي، وتضاعف الإيرادات السياحية.
ويحتفل العالم في عام 2030، بمرور ألفي عام على معموديّة السيّد المسيح، وهذا يتطلّب التحضير الجدي والمخطط له، وأهم أمر أن يكون التعاون سبيلاً للتحضير فهو اليوبيل الكبير لمعموديّة السيّد المسيح ويجب على المملكة اغتنام هذه الفرصة لتنمية السياحة الدينية المرتبطة بالحج المسيحي على أمل الوصول الى قرابة 5 ملايين حاج في عام 2030.
وفي هذا السياق بين بدر ان افتتاح اليوبيل الفضي لموقع المغطس، حدث جميل ومعبر، لأنه من سنة الـ 2000 لم ينقطع الحج إلى هذا المكان الفريد، لا بل سار بخطوة وراء خطوة في سبيل التحديث وفي سبيل تهيئة الأجواء لاستقبال الحجاج، وعلى مدار السنوات والعقود الماضية استطاع الأردن أن يحول هذه المنطقة إلى منطقة مقدسة، تبرز التاريخ المقدس للأردن بأنه بلد المعمودية، وإلى منطقة للصلوات التي ترفع سنوياً من أجل ديمومة استقرار الأردن، ومن أجل السلام في كل أنحاء العالم.
واضاف بدر ان هذا اليوبيل يأتي بالتوافق مع افتتاح الكنيسة التي اسميناها الكاتدرائية، بل القلعة الكبرى الجديدة، وهي صورة أردنية عالمية سُلط الضوء عليها في الأيام الماضية بعد التدشين الذي شارك به طبعاً مندوب صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، وكذلك مندوباً عن قداسة البابا فرنسيس، ترأس القداس الكاردينال بيترو بارولين وهو أرفع شخصية دبلوماسية في الفاتيكان بعد قداسة البابا، هذا شرف عظيم، وهذه مسؤولية، وهذه دفعة للسياحة الأردنية، دفعة مزدوجة، أولاً دفعة لخمس سنوات مقبلة لكي ?حتفل عام 2030، بـ 2000 سنة على عماد المسيح هنا، وهذا هو التأكيد بكنيسة تُبنى على نهر الأردن، لأن المسيح لم يتعمد في نهر آخر، ولم يختر أي بلد آخر للعماد به، بل اختار أردننا الحبيب، واختار النهر الذي يحمل اسم بلدنا نهر الأردن، وكذلك هنالك فرص كبيرة الآن، عندما تستقر الأمور السياسية في المنطقة، عندما تسكت آلة الحرب خصوصا على أهلنا في غزة، لنهضة سياحية دينية بانتظارنا، وبالأخص بعد الحدثين الكبيرين، المعرض الأردني في الفاتيكان، وأعتقد هي أول مرة للأردن ولبلد عربي هناك، وثانياً افتتاح الكنيسة الكبيرة في موقع الم?مودية.
ونوه بدر ان هذه السنة هي سنة اليوبيل 2025 سنة على ميلاد المسيح، لذلك نستطيع أن نستقبل الحجاج في مختلف المواقع الدينية المسيحية المهيئة لاستقبال الحجاج لكي يحصل الزائر على المفاعيل الروحية للحج المسيحي وهي طلب مغفرة الخطايا وهو أهم شيء والصلاة من أجل السلام والصلاة من أجل الطمأنينة في بلدانهم التي يأتون منها.
واضاف ان في المملكة خمسة مواقع رئيسية للحج، ولكن هذا لا يمنع أن يكون أيضاً الأماكن الأخرى متاحة للزيارة، حتى أننا في العام الماضي افتتحنا مع مفوض البتراء قسم من البتراء لكي يدمج مع السياحة الدينية المسيحية، لأن هنالك كنائس أثرية وكذلك تم إعلان أم الجمال على لائحة التراث الإنساني العالمي، وهي أيضاً مدينة كانت في فترة من الفترات زاخرة بالكنائس، حيث هنالك 15 كنيسة في أم الجمال من القرن الخامس والسادس والسابع وحتى الثامن بعد مجيء الإسلام، لذلك لا نستطيع أن نحصر المعالم المسيحية في بلادنا، ولكن نحن بحاجة وهذا ن?مل عليه منذ سنوات، أن يكون هنالك خارطة للحج المسيحي في بلدنا، هنالك خرائط عديدة، هناك احتفاليات بخرائط معينة احتفلنا بها، ولكن لم يتبن الأردن ولا الحجاج القادمين إلى الأردن صيغة واحدة ورحلة حج واحدة، أو خارطة طريق واحدة للحج، لربما علينا العمل خلال هذه السنوات الخمسة المتبقية قبل احتفالنا باليوبيل الكبير للأردن، أن يكون لدينا خطة واضحة وخارطة واضحة ومسار حج واضح، يعتمد من كل المجموعات السياحية التي تأتي إلى بلادنا.
واوضح ان السياحة الدينية بحاجة إلى عدة أمور، ومن بينها تهيئة أدلة سياحيين أكفاء، وعندما نقول أننا نبحث عن الكفاءة، الكفاءة أولاً هي بطريقة عرض الأمور، أولاً اللغة التي يتحدث بها الدليل السياحي مهمة جداً، على السائح أن يتقن اللغة التي يتحدث بها أمام الجمهور القادم من أي بلد، اللغة الإنجليزية، اللغة الفرنسية، اللغة الإسبانية، اللغة الإيطالية، هذه اللغات مهمة جداً من أجل استقبال زوارنا، معتقدا أن السفارات لدينا تستطيع أن تقدم منح بالتعاون مع وزارة السياحة لسفر الأدلة إلى بلدان العالم لكي يتعلموا اللغة على أصو?ها، وثانياً السردية، أو التاريخ، أو الرواية التي يرويها الدليل السياحي عليها أن تكون طبعاً رواية رشيقة ممتعة، بمعنى الأسلوب الجميل الذي يتمتع به الدليل، وثالثاً المضمون، المضمون أن يكون مضموناً تاريخياً، صحيحاً 100%، وواثقاً من التواريخ التي يبحث عنها الزائر، عندما يأتي مثلاً زائر أو مجموعة من مسيحي فرنسا أو إيطاليا، هم يعرفون من هو يسوع المسيح، ويعرفون من هي السيدة العذراء، لا يجوز أن نمشي الوقت في سبيل فقط نعطيهم نبذة عن يسوع وعن مريم، هم يعرفون، ولكن هم بحاجة إلى شرح تاريخي، وإلى مرافقة أيضاً تسمى مرافق? روحية رعوية من قبل الكنيسة المحلية هنا، أو من قبل الكنيسة التي ترسلهم، نحن بحاجة أكثر أيضاً إلى تعاون كنَسي من الكنائس الأردنية مع الجهات السياحية لكي يكون المضمون واضح وصريح، ولكي يكون هنالك مشاركة ما بين السائح والكنيسة المحلية، لأنه بالعرف المسيحي كل إنسان يزور بلد ما هو يصبح يعني بالضرورة جزءاً من الجماعة المسيحية المحلية، ولكن يتطلب ذلك بناء جسور من التواصل بين الكنائس والعالم.