المعايطة: البلدية تعاني من ظاهرة الاعتداء على ممتلكاتها
تتنوع صور واشكال الاعتداءات التي تتعرض لها بعض الممتلكات العامة في محافظة الكرك، والتي قد تكون احيانا مقصودة بنية احداث ضرر متعمد،وعفوية في الاخرى، وتتمثل بالتجاوز على الطرق واقتلاع الاشجار والكتابة على جدران المدارس والابنية وتخريب الحدائق والمتنزهات والمرافق العامة التي اوجدت لخدمة المواطنين والنفع العام.
ويصف مسؤولون ومختصون اكاديميون وشرعيون وقانونيون في المحافظة في احاديثم لـ«الرأي» اعمال التخريب والعبث والتشويه التي قد تطال المؤسسات العامة وتلحق الضرر بممتلكاتها بانها تصرفات غير مسؤولة ومدانة تجانب القيم والتقاليد الاسلامية والاعراف المجتمعية علاوة على كونها تعدياً صارخاً على القانون وينطوي عليها اهدار للمال العام،مشيرين للمسؤولية الملقاة على عاتق قيادات المجتمع ومؤسساته في التصدي للعابثين وعدم التهاون مع كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الوطن.
وقال رئيس بلدية الكرك الكبرى المهندس محمد المعايطة، ان البلدية باتت تعاني كثيرا من ظاهرة الاعتداء على ممتلكاتها والياتها ومرافقها حيث تم رصد الكثير من اعمال التخريب التي طالت دوار الشهداء وسط المدنية والقاعات العامة والحدائق التابعة للبلدية، إضافة إلى حرق النفايات داخل الحاويات وسرقتها لبيعها كخردة وسرقة وحدات الانارة والاستجرار غير المشروع للكهرباء واقتلاع الاشجار التي يتم زراعتها لتجميل مداخل المدينة وجوانب الطرق إضافة للاعتداءات المتكررة على حرمة الشوارع.
وبين ان مثل تلك التصرفات المرفوضة وغير المبررة يقدم على اقترافها بعض الاشخاص بهدف الاساءة للبلدية والتقليل من حجم عملها كافرازات لقوانين الانتخاب التي كرست الصوت الواحد،في حين ان بعض تلك التصرفات تنم عن استهتار وجهل من قبل اشخاص اخرين بعضهم غير مدركين لافعالهم لظروف اجتماعية او نفسية.
وأشار إلى ان اعمال العبث تستنزف جانبا كبيرا من امكانيات البلدية الفنية والمالية لاعادة اصلاحا مما يضر بمجمل الجهود التي يتم بذلها لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين مؤكدا ان البلدية في ضوء صعوبة مراقبة وحراسة وتركيب كاميرات في كل مرافقه وشوارعها تتعاون مع الجهات المعنية للوصول إلى المعتدين واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم.
وفي تشخيصها للحالة قالت استاذة علم النفس ومديرة مركز الملكة رانيا العبدالله للدراسات التربوية والنفسية بجامعة مؤته الدكتورة وجدان الكركي ان إتلاف الممتلكات العامة يمثل مؤشرا على خلل اجتماعي وثقافي يستلزم التعاون ببن مؤسسات المجتمع والجهات القانونية لمواجهتها حفاظا على ممتلكاتنا العامة لخدمة الأجيال القادمة.
وعزت الظاهرة لعدة عوامل فندتها بغياب الوعي المدرك لاهمية تلك الممتلكات ودورها في خدمة المجتمع بالنظر لشعور الفرد بأنها ليست ملكًا له مما يولد لديه الشعور بعدم المسؤولية تجاهها،وعدم غرس قيم احترام الممتلكات العامة في الأطفال وتقليدهم لأفعال الآخرين دون التفكير في العواقب، اضافة الى التوتر الاجتماعي والاقتصادي الذي يولد لدى الأفراد الإحباط أو الغضب تجاه المجتمع، مما يدفعهم إلى الإضرار بالممتلكات في حين يؤدي التأثير الإعلامي السلبي الذي يعرض مشاهد التخريب والعنف في وسائل الإعلام دورا بالتشجيع على تقليد هذه ال?لوكيات التي قد يتعاظم من التمادي بها ضعف القوانين والعقوبات المغلظة.
واكدت ان كبح الظاهرة يتأتى بتعزيز الوعي والتثقيف من خلال تنظيم حملات توعوية واعلامية لإبراز أهمية الممتلكات العامة وأثرها في تحسين حياة الجميع وعرض نماذج إيجابية للأفراد الذين يساهمون في حماية المجتمع، وتدريس قيم المواطنة وحماية الممتلكات في المناهج التعليمية على ان يترافق ذلك بتعزيز دور الأسرة والمدرسة في تعليم الأطفال منذ الصغر احترام الممتلكات العامة والحفاظ عليها.
ودعت ايضا الى خلق مساحات وبيئات امنه للشباب تتيح لهم التعبير عن انفسهم ومتطلباتهم بشكل بنّاء دون اللجوء إلى التخريب،فيما الحاجة قائمة لتشكيل لجان مجتمعية لمراقبة الممتلكات العامة والإبلاغ عن اعمال العبث التي قد تحدث، مع ضرورة تشجيع المبادرات التطوعية لإعادة ترميم الممتلكات المتضررة وفرض عقوبات رادعة على المخالفين كالغرامات أو السجن والزام لمتسببين في التخريب بإصلاح ما أفسدوه.
ومن ناحية شرعية قال مفتي محافظة الكرك الدكتور وليد الذنيبات ان الشريعة الاسلامية تحرم الاعتداء على الانفس والاعراض والاموال والممتلكات العامة والخاصة كما وتحرم الترهيب وترويع الناس ويعده من الكبائر، مشيرا إلى ان هناك من يتعمد الاضرار في الممتلكات العامة كالكتابة على جدران المدارس والامكان السياحية فيشوه منظرها إضافة لتعرض بعض منشآت البلديات للتخريب والعبث وهو ما اعتبره افساد متعمد لمقدرات الوطن وجميع صور العمران والمدنية.
وأشار إلى ان الاعتداء على الاموال العامة سواء اكان ذلك عبر استغلال الوظيفة او اثناء الاحتجاجات او غير ذلك من اشد المحرمات ولزم المعتدي رد ما اتلف او رد مثله اوقيمته وان تقادم عليه زمن اخذه لانه نوع من انواع الغلو لقول الله عز وجل » ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»، مؤكدا انه لا خلاف بين الفقهاء على ان من اتلف من اموال بيت المال بغير حق سواء اكان سرقة او نهبا او تكسيرا او تخريبا فهو ضامن لما اتلفة.
وبين ان الشريعة الاسلامية حثت على رعاية المرافق العامة والمحافظة عليها وحمايتها من التلف وسوء الاستخدام او السرقة وجعلت الحرص عليها من علامات الصلاح والبر وصدق الايمان، مضيفا ان الله سبحانه وتعالى اعتبر المساس بالمرافق العامة لونا من الفساد المنهي عنه لقوله تعالى» ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها.
وقانونيا قال المحامي الدكتور جهاد الحباشنة ان الاعتداء على الممتلكات العامه بتعدد صورها سواء بالاتلاف او التدمير او الاستيلاء عليها بدون وجه حق من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات الاردني استنادا لعدة نصوص قانونية،وان كان يرى ان بعض هذا النصوص تحتاج الى تشديد العقوبة برفع الحد الادنى لها لزيادة الردع.
واشار الى ان المشرع الاردني في مواده من(١٦٤ -168)عالج قضية التجمهر غير المشروع و الاخلال بالأمن العام بتشديد العقوبة إذا كان هذا التجمهر ادى إلى إلحاق ضرر أو تخريب في الأموال المملوكة للدولة والمرافق العامة المخصصة للنفع العام.
وبين ان المادة (376)عالجت الاعتداء على الطرق العامة والمواصلات والاعمال الصناعية وفرض عقوبة الحبس لمدة عام على من أحدث تخريباً عن قصد في طريق عام أو جسر وفي إحدى المنشآت العامة واذا نجم عن ذلك فعل خطر على السلامة العامة يعاقب بالحبس من ستة اشهر إلى سنتين وفي كلتا الحالتين يعاقب بالغرامة بالغرامة من (50) ديناراً إلى (500) دينار ويضمن قيمة الضرر..
ولفت الى انه ومن الواقع العملي للمحاكم فان المادة 467 والتي تتحدث عن اقلاق الراحة العامة وهي التي توجه دوما في حالة حدوث شغب بصورة تسلب راحة أهلين أو رمي الحجارة او نحوها من الاجسام الصلبة قصدا باتجاه السيارات والمساكن جاءت العقوبة مكررة إذا كان هذه الافعال تمس المؤسسات التعليمية والمنشآت الرياضية أو أي مكان عام آخر. ومن جانبه اوضح نائب محافظ الكرك محيي الدين العدوان في تصريح ل» الراي » انه لم تسجل أيه حوادث اعتداء على المؤسسات الحكومية في المحافظة وقال نعول كثير في هذا الجانب على وعي المواطن الذي يتمتع با?حس والانتماء الوطني وبقدر كبير من المسؤولية لاهمية وجود تلك المؤسسات والمحافظ عليها للاستمرار في تدفق الخدمات وتقديمها بشكل يليق بهم.
وأشار إلى ان غرفة العمليات في المحافظة وبتوجهات من وزير الداخلية في حالة انعقاد دائم تتلقى على مدار الساعة اي شكوى او ملاحظات ويتم التعامل مها بسرعة الاستجابة بضبط المتسببين بها واتخاذ الاجراءات القانونية والادارية المنصوص عليها بحقهم وذلك في اطار من الاداء التكاملي بين بكافة المؤسسات المعنية، لافتا إلى ان جميع الدوائر الرسمية اصبحت مزودة بكاميرات مراقبة لرصد ومتابعة اي اعتداء او عبث قد يحدث
وأشار إلى انه في حال حدوث اعمال اعتداء على الممتلكات العامة وضبط فاعليها يتم توقيف اصحاب القيود الجرمية والمكررين ضمن قانون منع الجرائم وتحوليهم للقضاء لضبط سلوكهم الجرمي والمحافظة على الامن العام وعلى ارواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.