كتاب

أولويات الحكومة ومجلس النواب

في الوقت الذي أخذ فيه النواب فسحة من الوقت لحين انعقاد الدورة العادية لمجلس الأمة في 18 تشرين الثاني المقبل، لترتيب أمر التكتل داخل المجلس، فإنها في الوقت نفسه، فرصة للتفكير بالأولويات التي على مجلس النواب العشرين التعامل معها، والمشكلات الهيكلية التي وعدوا بحلها في السنوات الأربعة المقبلة.

كثير من التحديات التي وردت في برامج القوائم العامة والمحلية، والتي كانت تعهدا من أعضاء القوائم والأحزاب بالوفاء بها في حال الوصول إلى قبة البرلمان، وأغلبها يتعلق بالبطالة، كتحدي اقتصادي واجتماعي، ومعالجة المديونية وتحفيز النمو الاقتصادي بزيادة الاستثمار وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خصوصا من ناحية تخفيض تكاليف التمويل، وتمكين البلديات لتكون وحدات تنموية فاعلة، إلى جانب إعادة النظر في قانون ضريبة الدخل ليكون أداة تحفيز للنمو الاقتصادي، والاستمثار في الزراعة والتصنيع الغذائي وتحسين شروط الاتفاقيات الدولية التي ارتبطت بها المملكة لتميل لصالح الاقتصاد الوطني.

في الواقع، فإن جميع هذه التحديات التي وعد النواب بمعالجتها وأكثر منها، كانت محور كتاب التكليف السامي من قبل جلالة الملك لحكومة الدكتور جعفر حسان، التي ستتقدم للمجلس بخطاب نيل الثقة بناء على التعهدات التي تلتزم بها تنفيذا لكتاب التكليف السامي والتزاما بمطالب المواطنين التنموية الملحة.

البداية التي استهلت فيها الحكومة المكلفة تظهر جدية مريحة للتعامل مع الأولويات والتحديات، فها هو رئيس الوزراء يجري زيارات ميدانية، وهي مهمة لناحية الاقتراب من المواطنين والموظفين في الميدان وتلمس مشكلاتهم وبناء تصور عن التحديات التي تواجه المرافق العامة في جميع الوزارات؛ فنتائج زيارة الأغوار أو المفرق تعطي صورة عن الخدمات في الأطراف كونها ممثلة للمديريات في مختلف المحافظات، ومهمة أيضا لجهة توفير المخصصات التي تعالج هذه التحديات وترفع من مستوى الخدمات، لاسيما والحكومة الآن تعكف على اعداد قانون الموازنة للعام 2025 تمهيدا لرفعه إلى مجلس الأمة في الدورة العادية المقبلة.

الأولويات وترتيب الأولويات مهم جدا. وعلى مجلس النواب والحكومة العمل يدا بيد لضمان أن يعكس قانون الموازنة للعام 2025 الظروف السائدة ووضع أسوء الإحتمالات من ناحية أسعار النفط في السوق العالمية وبقاء أزمة العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية والأراضي اللبنانية ضاغطة من الناحية الاقتصادية، لاسيما تراجع الدخل السياحي وانخفاض معدل الطلب في السوق المحلية، وتراجع الصادرات أنتيجة تعطل خطوط التجارة عبر البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.

الأولوية الثانية، البيئة الإستثمارية، ولا نقصد هنا قانون البيئة الاستثمارية بل كل الأنظمة والتعلميات التي تتقاطع مع الاستثمار من مرحلة التأسيس إلى التشغيل والإنتاج. تحسين البيئة الاستثمارية سيجذب المزيد من الاستثمارات العربية والاجنبية ويسهم في تحقيق النمو الاقتصادي الذي يعدا مفتاحا لحل مشكلات هيكلية عديدة.

الأولية الثالثة تمكين القطاع الزراعي بتقديم تسهيلات منتجة وربطها في تشغيل الأردنيين، وتعديل استراتيجية التسويق الزراعي بدراسة مواسم الإنتاج والفائض منه وربطه باحتياجات الدول التي تعتمد على استيراد المحاصيل الزراعية، إلى جانب التوسع في دعم انشاء الصناعات الغذائية التي تعتمد المحاصيل الزراعية المحلية مدخلا لها.

الرابعة، مراجعة قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيله بحيث تكون الشراكة منتجة وعلى نطاق واسع وعدم اقتصارها على مرافق الخدمات العامة.

هناك أولويات عديدة يمكن التذكير فيها بعجالة، وأبرزها: إعادة الإهتمام بسوق الأوراق المالية وتحفيز عملية الإصدارات الأولية كوسية لتمويل المشروعات. دراسة التحديات التي تواجه القطاع السياحي، الذي أخذ في النمو وتلقى العديد من الصدمات والتي اخرها تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة. توسيع عمليات التنقيب على النفط والغاز. اعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية مع عدد من الدول لضمان ان تكون المنافع متعادلة او تميل لصالح اقتصاد المملكة. تعزيز الاهتمام في صناعة الاسمدة وتكثيف المنتجات النهائية بدلا من تصدير المواد الخام.