الرأي الثقافي

ما هو الفن؟

هل الفن مفهومُ يقتصر على كل ما هو جميل؟ وإذا اعتبرنا أن الفن مرتبط بالجمال، فهل يمكننا بهذا اعتبار الكلمة الجميلة فناً؟

إن للفن مفهوماً شمولياً متسعاً يمتد إلى أنه يصنع كل شي بطريقة تتصف بالإتقان والإبداع.

وتعريف الفن اصطلاحا: هو تعبير عن الإبداع والارتقاء إلى نماذج مبنية مكتملة البناء والجمال.

يقول تولستوي في كتابه «ما الفن؟»: «الفن ينبغي أن يوجه الناس أخلاقيا، وأن يعمل على تحسين أوضاعهم، ولا بد أن يكون الفن بسيطا يخاطب عامة الناس».

وجاء تعريف هيجل للفن أكثر عمقا: «الفن يعطي الروح بروزا وظهورا، والجمال يتحقق في الجمال الفني حيث يعبّر عن الوحدة المباشرة بين الموضوع والذات».

ويؤكد هيجل أن الجمال الفني هو الوحيد الذي يمكنه أن يعبّر عن الروح المطلقة لكونه وليد العقل».

الفن لا بد أن يكون في حالة تطور دائم، فهو يعبّر عن ثقافة أي حضارة، وقد تطور عبر التاريخ تطورا ملحوظا بالتوازي مع تطور الحضارات والثقافة، فكل ما جاءنا من الحضارة المصرية التي كانت غنية بالفنون ومعظمها يُظهر الحياة اليومية التي عاشها الإنسان منذ البدايات، أثبت أن الفن جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية تجلت في ما وصل إلينا من إبداع في منحوتات الخشب والحجر والرسومات على الجدران وورق البردى بعرض واضح للحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وأظهر النحت اليوناني ونسب الجمال المثالي التي كانت محور الأعمال الفنية في الحضارة اليونانية، أن الفن بالنسبة لليونانيين هو مثال للاكتمال، فكل ما هو جميل ومثالي يعد فنا بالنسبة لهم.

أما الفن العربي فقد تأثر في بدايات ظهوره بفنون بعض الحضارات مثل حضارة الفرس والرومان، إلا أنه بعد ذلك اتخذ طابعا خاصا به.

وقد تطور الفن العربي حاليا تطورا ملحوظا، وتعددت الأساليب والاتجاهات، وهي في تطور مستمر، إذ قال جوستاف لوبون في كتابه «حضارة العرب»: «يكفي أن نلقي نظرة على إحدى البنايات التي أقيمت في دَور من أدوار الحضارة العربية سواء كان مسجدا وقصرا حتى نجزم أن هذه البناية عربية، فالإبداع في فن العرب واضح، وذلك لما اتصف به الفن العربي من الخيال والنضارة والبهاء وفيض الزخارف والتفنن في أدق الجزئيات».

الفن إذن هو الفن الجيد، وهو ذلك الذي لا يقتصر على مجرد نقل الجمال والإبهار. إنه أيضا وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر والتجارب الإنسانية. فلا تكمن وظيفته في الإمتاع وحده ولا في أنه يشكل متعة وتجربة تخص الفنان منفصلة عن الآخر، بل يتعداها ليمثل ضرورة رافقت التاريخ البشري في التواصل الروحي والإنساني.