كتاب

بين الإيجابيات والسلبيات

حين أكتب وأشير إلى الإيجابيات المنتشرة هنا وهناك وفي ربوع ومجالات العطاء، تصلني بعض الملاحظات عن وجود سلبيات لم اتطرق إليها ويكون ردي دوماً أن التركيز على الإيجابيات أجدى نفعاً للتحفيز والتشجيع والإشادة عندما لا تكون هناك منفعة ومصلحة من وراء ذلك، مثلما نحتاج للنقد البناء والهادف والمعالجة الصادقة.

نتهم عند الإشارة للإيجابيات بالمدح غير المبرر و'مسح الجوخ»، والعديد من المواقف مع الدولة والنظام والدائرة والجيش والأجهزة الأمنية، ولعلي أسأل كمواطن قبل أن أكون كاتباً عن المسؤولية الأدبية عندما نشير إلى الإيجابيات، وما هي النتائج المرجوة من النقد مجرد النقد لكل ما هو إيجابي في خضم العديد من التجارب الناجحة في بلدنا الذي يجب أن نقدر الجهود المبذولة، دون الإساءة الشخصية لمن يعتقد البعض أو يقتنع بالنماذج الطيبة.

لا بد قبل النقد وتوجيه التهم، اعتماد مبدأ الحوار؛ المقال وسيلة مناسبة عند الكتابة الإشارة ولو من بعيد عن تجارب تستحق الذكر، وتأتي من ثم التحقيقات والوسائل الصحفية الأخرى لتسليط الضوء على جوانب وتفاصيل نتفق ونختلف فيها، ولكن في النهاية لا نستطيع إخفاء الحقيقة والتي تظهر للقارىْ دون «لف ودوران'!.

ترى ما هي مصلحتنا حين نكتب، ولماذا نكتب وأسئلة كثيرة تواجه الكاتب عندما تبرز له الأفكار والمواضيع للكتابة والإشارة إلى ما يريد، وإلى أي مدرسة ينتمي الكاتب؟ وللأمانة وخلال تجربتي في الكتابة ومنذ ما يقرب من أربعين عاماً، أجتهد بالكتابة ضمن المدرسة المعتدلة والتي تدافع عن الدولة وما يخصنا كوننا منها وإليها، وكمّ أراجع من فترة وأخرى مقالاتي للتطوير والمتابعة والتدبر، أشعر بالراحة للثبات على النهج المعتدل والحيادي في خضم تبدل وتغير المواقف والآراء تجاه العديد من المحطات في الحياة ومتطلبات الكتابة.

ليس من الضروري أن تعارض لتكون بطلاً، وليس من المناسب أن تنتقل بين الدفاع والهجوم لتكون منتصراً؛ ثمة رشد مطلوب عندما نوجه إشادة لكل مكونات الدولة ومؤسساتها وتحرص على مواصلة الكتابة دون أي توقف أو الحصول على أي امتياز يذكر.

هدف الكاتب من المقال ليس الشهرة بقدر ما هو التنوع، ولعل من يقرأ صفحة المقالات في أي صحيفة يستطيع التجوال في أركان منوعة وتفاصيل وربما تخصص لكل كاتب في موضوع معين ومساحة يطل من خلالها لإسداء التحية والبوح بما يريد.

مسؤولية الكتابة تتعدى الإثارة، ولكنها تمتد لتشمل كل ما يخصنا من إيجابيات علينا تعزيزها وشكر القائمين عليها وتشجيع الانتماء من خلال الإشارة لتجارب مميزة مقابل من يختص فقط بالنقد ومتابعة وتصيد الأخطاء.

رأي القارىْ مهم ومقدر، ولعل أي ملاحظة تردني أخذها بعين الاهتمام والإشارة إليها في مقال لاحق، ولكن المطلوب وبحق القراءة المتأنية والمتفحصة للمقال والاستفادة من المعلومات والأفكار المعروضة لعل وعسى يكون للمقال فائدة تذكر!

ما العيب أن نكون مع الدولة ونكتب عن مؤسساتها ونشير للإيجابيات وتفاصيلها مع خضم ما نتعرض له من هجوم كاسح لمواقف وسياسات الأردن وفي المجالات كافة؟ وهل الدفاع عن الإيجابيات يعتبر ضعفاً وانقياداً وتنفعاً؟

نطوي في كل يوم صفحات من الإنجازات وحتى الإخفاقات، ولكن ينبغي الوقوف دوماً مع الأردن والذي يتعرض ويدفع الكثير من مواقفه تجاه القضايا والملفات ويواجه بشراسة القوى والضغوطات والمعادلات الصعبة دون أن يكون الدرب مفروشاً بالورود أبداً.

بين الإيجابيات والسلبيات العديد من المواقف والكتابات والآراء والتي ينبغي أن تكون دوماً محقة وصادقة ومنصفة ومؤكدة ومخلصة في جميع الأحوال والظروف والمحطات والمراحل والمعطيات.

fawazyan@hotmail.co.uk