بدأ موسم القشدة و السمن في محافظة المفرق للموسم الحالي مع بداية نمو الأعشاب و خصوبة المراعي كمادة علفية أساسية للماعز و الأغنام.
و تعرف القشدة بأنها عملية تحويل زبدة الأغنام و الماعز إلى سمن بلدي؛ اذ يعد هذا الوقت من كل عام أفضل وقت لتخزين السمن البلدى والزبدة خلال فصل الشتاء وبالتحديد بداية الأول من السنة حتى نهاية الشهر الرابع منها، نظرا لتوافر الخضرة للماشية التى تنتج اللبن فتكون نسبة الدسم به عالية وأفضل بكثير عنها من فصل الصيف.
و تبدأ قصة «التقشيد» بمحافظة المفرق و غيرها من مناطق المملكة، كما ترويها الحاجة أم فيصل المشاقبة عندما تقوم النساء بحلب الحليب من المواشي و يتم تخثيره وعندما يصبح لبناً يتم وضعه ب «الخضاضة» حتى ينفصل اللبن عن الزبدة، وبعدها يتم جمع الزبدة في وعاء متوسط «مزبد» و يتم بعدها إذابة الزبدة ويضع عليها برغل أو جريشه لكي يفصل اللبن عن السمن ويصبح اللبن لوحده والسمن يصفى وهذه الخلاصة طيبة الطعم.
و أكدت أن سمن الغنم أفضل من سمن البقر، وعادة يؤكل بالبرد على الفطور مع الدبس والتمر واليقطين، موضحة أن الزبدة أهم منتج يدركونه البدو من الحليب وتنتج الزبدة بعد ما يخضون اللبن الرايب.
وبينت الحاجة أم فيصل أن مربي المواشي في المفرق كانوا قديما يعمدون إلى حلب مواشيهم من الحليب و يتم تدفئته على النار ليوضع ب"السعن» والذي جاءت الآلات الكهربائية حاليا بديلا عنه إذ تعرف ب"الخضاضة» و بعدها يزيدون عليه قليل من لبن الرايب ويترك ليله كاملة و مع بداية الصباح الباكر ينفتج السعن ويضاف على اللبن الموجود في السعن قليلاً من الماء لتبدأ بعدها عملية خض السعن لمدة لا تقل عن ساعتين حتى تخرج الزبدة و يتم تفريغه و تلم الزبدة باليد و توضع ب «المزبد».
و أشارت الحاجة أم أحمد الحراحشة،أنه يضاف أثناء عملية تقشيد الزبدة كركم و حلبة مطحونة و ملح و جريشة (قمح مجروش) وتحرك كل فترة وتترك على نار هادئة، وكل ما يطفو على وجه القدر من رغوة تقوم ربة البيت بإزاحته، وبعد تقريبا ساعه ونص من الطبخ والتحريك، يبدأ السمن يعزل وتكون الجريشة قد استوت، لتقوم ربة البيت بتصفاية السمن بالمدهنة (وهي وعاء جلد لحفظ السمن) و تقدم الجريشة كطبق طعام يؤكل بالخبز.
و أكد الخبير الزراعي الدكتور محمد أبو دلبوح، ان السمن البلدي أو العربي هو طعام أجدادنا وهو سبب بنيتهم وقوتهم لأنهم كانوا يضيفونه بوفرة على وجباتهم دون أن يخافوا من خطر المرض مما كان يميزهم بالنشاط والحيوية، مشيرا إلى أن السمن البلدي يدخل في كثير من صناعات الحلويات والأكلات الفاخرة.
وأوضح أن ما ينتج عن عملية التقشيد هو السمن و القشدة، لافتا إلى أن السمن البلدي يمتاز بالرائحة الطيبة و الجيدة واللون الصافي الخالي من أي روائح أو أي مذاق غريب ويكون لونه أصفر ذهبي؛ اذ تتم تعبئته بقصات خاصة للسمن (وعاء حديدي مربع الشكل له فتحه واحدة).
و يوصف موسم التقشيد والسمن، حسبما قال الحاج أبو كايد الشرفات، بأنه موسم جني الأرباح بالنسبة لمربي المواشي في المفرق، لأنه يتم فيه بيع كميات كبيرة من انتاج السمن إلى السوق المحلي نظرا للطلب الكبير الذي يشهده بين المستهلكين لاستخداماته المتعددة في مجالات إعداد الغذاء للأسر.