من الإنجازات التي حققتها معركة طوفان الأقصى، أنها كسرت الرواية الصهيونية للصراع الدائر في فلسطين وحولها، وبالتالي التغيير الكبير الذي حدث في اتجاهات الرأي العام العالمي، دعما لحقوق أبناء فلسطين، حتى داخل الولايات المتحدة الأميركية، معقل الصهيونية الأقوى، وحيث السيطرة الصهيونية الكاملة على الإعلام، ثم سيادة الرواية الصهيونية للصراع، وهي الرواية التي زعزعتها معركة طوفان الأقصى، حيث لعب الصحفيون والإعلاميون العاملون في قطاع غزة، دورا مركزيا في كسر الرواية الصهيونية، وفي طليعتهم فرق قناة الجزيرة، التي يسجل لها متابعة ما يجري في غزة دقيقة بدقيقة، بمهنية عالية أغاضت العدو الصهيوني.
غيض العدو الصهيوني من كسر روايته، جعله يحقد على الصحفيين والإعلاميين، الذين قاتلوه بالكلمة والصورة، وفضحوا جرائمه، وزيف ادعائته، فتحولوا إلى هدف لرصاص ومدافع طائرات العدو. فارتقى من الصحفيين في غزة خلال سبعين يوما من العدوان أكثر من تسعين صحفيا وإعلاميا، ناهيك عن استهداف عائلات صحفيين وإعلاميين ترهيبا لهم. وقد كان من الطبيعي أن يكون لصحفيي «الجزيرة» نصيب الأسد من استهداف الجيش الصهيوني للصحفيين، ومن ثم يكون لها نصيب الأسد من الصحفيين الشهداء، وآخرهم المصور سامر ابو دقة الذي استهدفه الجيش الصهيوني بصورة مباشرة ولمرتين متتاليتين، يوم الجمعة الماضي، ومنع وصول فرق الإنقاذ إليه لمدة خمس ساعات، ليرتقي شهيدا، كذلك كان للجزيرة نصيب وافر من الإصابات بين صحفييها برصاص العدو. وكان آخرهم وائل الدحدوح الذي أصيب أكثر من مرة، كان آخرها يوم الجمعة الماضي، في نفس الغارة الإسرائيلية التي أدت إلى استشهاد سامر أبو دقة، وبالرغم من جراحه، أصر على مغادرة المستشفى ليشارك بتشييع جثمان زميله أبو دقة، ويرثيه في لحده مجددا العهد على مواصلة القتال بالصورة والكلمة، مما يذكرنا بموقفه عندما استهدف العدو عائلته بالقصف فاستشهدت زوجته وابنه وبنته وحفيده، وعدد من أفراد عائلته، ومع ذلك ما كاد ينتهي من مراسم تشيعهم، حتى عاد من فوره لأداء مهمته في نشر الحقيقة، ومثل وائل الدحدوح كذلك زميله بالجزيرة مؤمن الشرافي الذي استهدف العدو عائلته بالقصف، فتوزعوا بين شهيد وجريح. ومع ذلك واصل على الفور عمله في كشف جرائم العدو.
استهداف رجال الصحافة والإعلام، هو صورة من صور انتهاك إسرائيل لقوانين حقوق الإنسان وللعهود والمواثيق الدولية، دون أن تتمكن المنظمات الدولية من فعل شئ لردع العربدة الإسرائيلية، التي لا تفهم إلا لغة القوة.
كما أن استهداف الصحفيين هو صورة من صور الهستيريا التي أصابت الكيان الصهيوني، جراء خسائره في الحرب الدائرة في قطاع غزة، ومن بينها زعزة روايته عن الصراع.