مثل الجيران تماما نطل من نافذة «الرأي» ومع المقال ومع جملة من الأفكار والآراء والتعليقات ووجهات النظر، نتفق ونختلف في العديد مما يطرح، ولكن تبقى مساحة الاحترام والمودة والتقدير واحدة لما ينشر لكل كاتب في جريدة الرأي والصحف الورقية الأخرى والتي ما تزال قراءتها مع الصباح وجبة طازجة وانتظار شيق لما سوف ينشر كل كاتب وقد عرف عنه اتجاهه وأسلوبه في الكتابة والطرح.
في المساء المتأخر وقبيل منتصف الليل، أعود لقراءة الجريدة وأعيد التحية للكتّاب في اليوم والذي شارف على استقبال لحظات أخرى من عمر الكلمة والموقف وعلى صفحات الجريدة الإلكترونية ريثما يأتي العدد الورقي ضيفا عزيزا يعطر اليوم بعبير الكلمة الفواح.
كتّاب ومقالات الجريدة هي توثيق حي وحيوي للحياة واعتقد تماما أن مراجعة بحثية شاملة يمكن أن توفر مرجعا هاما عن طبيعة المراحل التي كانت من عمر الأردن و'الرأي» على سبيل المثال والأسماء ومن يكتب عن الوطن ويدافع عن قضايا الأمة ويشهد على محطات الحياة فيها، ولعل العودة للأرشيف فيه الكثير من الدلالات عن شهادات العيان لما كانت عليه الأحوال فيما مضى، وتلك التي سوف تكون في قادم الأيام وها نحن نشارف على عام قادم وتاريخ سيكون من بعدنا حتما.
لمن سوف يقرأ بعد حين ويطالع سوف يجد الأحداث طازجة تماما، ومن يرجع للاعداد القديمة من «الرأي» والصحف الأردنية يستطيع ملاحقة التطور والتحديث والنقلات الكمية والنوعية في مضمون العمل الصحفي على وجه العموم، وأجددها دعوة للباحثين من طلبة الصحافة والاعلام لسبر غور هذا المجال والبحث في مواضيع عديدة حول الكتّاب والمقالات المنشورة وخصوصا لرواد الكتابة في الأردن ومن ضمنها المقال.
ما زلت أذكر بالخير والدعوة بالرحمة لأستاذي د. سليمان عربيات ود. فهد الفانك، وطارق مصاروة والعديد من الأسماء التي تعلمنا منها فن الكتابة والمعالجة اليومية والأسبوعية للحال السياسي والاجتماعي والاقتصادي في حضرة الأستاذ الكبير محمود الكايد (أبو العزم) وقلمه الأخضر لإقرار والموافقة على المقال والدفاع عنه وكاتبه.
نختلف ونتفق كما أشرت مع بعضنا البعض، ولكن نحترم الفكر الذي يقدم للقارئ، وكمّ من مرة أيقنت أن التسرع في الحكم على مقال كاتب ليس من الصفة المطلوبة؛ حرية الرأي تعني الاحترام، ولعلي اتفق كثيرا مع المحرر حين يتخذ قرارا بعدم النشر، كونه ينظر للأمور من زوايا لم تكن في البال عند كتابة المقال والتي تأخذ من ذهن ووقت الكاتب الكثير من المراجعة والتدقيق وفي أحيان معينة إعادة الكتابة وإلغاء مشروع المقال في ذات اللحظة.
رصد ما يكتب أمر مهم، ومتابعة ما تجود به الأقلام مهم أيضا، لمعرفة ما يدور في بال وذهن الكاتب وما تريد الأفكار أن ترشد إليه وتبحث عنه، ولعلي أكرر الطلب من الباحثين الانتباه إلى ذلك في أبحاثهم الأكاديمية ومن خلال الجامعات الحكومية والخاصة والتي تضم في رحابها لكلية الصحافة والإعلام وكذلك المعاهد إلاعلامية المستقلة وفي ذلك فوائد كبيرة وعظيمة.
أتابع وبشكل شخصي عدد المشاهدات لمقالي، كونه حالة تستدعي المراجعة والتدقيق، حتى أستفيد من مضمون ذلك، جنبا إلى جنب مع التغذية الراجعة من القارئ الحصيف والذي هو «باروميتر» الحالة مجتمعة باختصار وجواب لسؤال: «كيف كان مقالي اليوم؟».
مؤسساتنا الصحفية ومنها «الرأي» على وجه الخصوص، تعني الكثير من الجهد الوطني وهي عبارة عن بيوت خبرة في مجالات منوعة عديدة تساهم في الوعي والدفاع عن العروبة والوطن والمواطن، لها ومنها نكتب ونردد: دام القلم ينبض بكلمة الحق على مدى العمر والحياة.
fawazyan@hotmail.co.uk