المومني: قتل الإعلاميين وسيلة ممنهجة لمنع إيصال الرسائل للعالم
صادف الثاني من تشرين الثاني، اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والذي يأتي هذا العام بالتزامن مع الحرب على غزة وسط جرائم ارتكبت على الصحفيين وعائلاتهم. ويُعد إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين من أصعب التحديات وأكثرها تعقيداً في الآونة الأخيرة، كما أن إنهاء ذلك الإفلات شرط أساسي لضمان حرية التعبير والوصول إلى المعلومات لجميع المواطنين، حيث فقدت المناسبات والأيام الأممية أهميتها وثقة المجتمعات بها، وبات علم الأمم المتحدة مجرد علم لا يوفر الحماية لضحايا الحروب. وفي السياق قال نائب نقيب الصحفيين الأردنيين جمال اشتيوي: «ارتكبت مئات الانتهاكات ضد الصحفيين وعلى رأسها القتل خلال السنوات السابقة، وترتكب ضدهم هذه الجرائم بسبب عملهم في مناطق الصراع ومحاولة نقلهم الحقيقة للجمهور، والعام الحالي كان الأكثر فتكاً بالصحفيين، حيث قتل للآن 46 صحفياً فلسطينياً خلال تغطيتهم للعدوان الإسرائيلي على غزة».
وأضاف: إنه لا يقتصر ارتكاب الجرائم ضد الصحفيين فقط، بل يتعداه إلى ذويهم خصوصا في الحالة الفلسطينية كما حدث مع الصحفي وائل الدحدوح مراسل الجزيرة، والصحفي محمد أبو حطب مراسل تلفزيون فلسطين.
ولفت اشتيوي إلى أن الجرائم ضد الصحفيين ترتكب على اختلاف أنواعها في إطار إخفاء مرتكبي الجريمة للحقائق الميدانية مثل فظائع الحروب أو الفساد السياسي والمالي.
وأشار اشتيوي إلى أن الجناة ما زالوا يفلتون من عقاب قتل الشهود، للأسف، والمؤسسات والمنظمات الدولية تقف عاجزة للآن عن معاقبة الجناة، ولا يكفي فتح تحقيقات لا تقود في النهاية إلى عقوبات رادعة بحق الجناة.
وقالت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان رئيسة لجنة شكاوى الإعلام الدكتورة نهلا المومني: «تعد مسألة حماية الصحفيين أثناء تأدية عملهم من أهم القضايا التي ناقشتها أجهزة الأمم المتحدة خصوصا ما يتعلق بالإفلات من العقاب بحق من يرتكبون انتهاكات بحق الصحفيين».
وتنبع أهمية هذا الأمر من أن هذه الاعتداءات والانتهاكات تمس حرية التعبير وحق الأفراد في الحصول على المعلومات ومعرفة الحقائق ابتداء؛ لذا نجد أن الأمم المتحدة أكدت على أنه مع كل صحفي يُقتل أو يُمنع من ممارسة مهنته بالترهيب والترويع يفقد العالم شاهدا على الوضع الإنساني.
وبينت المومني أنه في هذا الإطار هناك وثيقة مهمة دولياً وهي خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب أكدت اعتماد مجموعة من التدابير الهادفة إلى ضمان سلامة الصحفيين في مناطق النزاع أو المناطق الخالية من النزاع على حد سواء.
كما أكدت الخطة على أن التحقيقات المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين تبقى من مسؤولية الدول الأعضاء والتي يتوجب أن تتخذ كل الإجراءات القضائية الفعالة، كما أكدت الوثيقة ذاتها أن النساء الصحفيات تواجهن مخاطر متزايدة تستوجب حماية أكبر وأوسع.
أما على صعيد القانون الدولي الإنساني فأشارت المومني «أن البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف للعام 1977 تناول بنداً خاصاً تضمن مجموعة من التدابير الخاصة بحماية الصحفيين في وقت الحرب في مقدمتها النص صراحة على وجوب حمايتهم باعتبارهم أشخاصاً مدنيين».
ونوهت المومني أنه في ظل هذه الحماية الدولية فإن ما تقوم به دولة الاحتلال من استهداف وقتل للصحفيين يعد وسيلة ممنهجة لقتل الحقيقة ومنع إيصال الرسائل إلى العالم.
وقال أستاذ التشريعات والقوانين الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة: إن «عملية استهداف الصحفيين في النزاعات المسلحة من أخطر الجرائم المرتكبة في الحروب، ولاحظنا أن الاحتلال الصهيوني استهدف الصحفيين في أكثر من مرة وبعدة مناسبات وقبل ذلك تم استهداف الصحفية شيرين أبو عاقلة، وأثناء الحرب الأخيرة على غزة تجاوز عدد الصحفيين الذين تم استهدافهم 45 صحفيا، وتعدى ذلك إلى الاستهداف المقصود لعائلات الصحفيين».
واعتبر أن استهداف الصحفيين مقصود ويحصل لعدة أسباب منها القضاء على شهود العيان في الحروب ومنعهم من نقل الأحداث والحقائق، وتتم تصفية الصحفيين الذين ينقلون وجهات النظر والروايات المخالفة للاحتلال، وبالتالي فإن جميع المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وحماية حرية الصحفيين تستنكر هذه الأفعال، كما أنها تعتبر ضمن القانون الدولي الإنساني من جرائم الحرب التي تعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية.
