كتاب

اجتماع عمّان حول غزة

عمّان دوماً في قلب الحدث ممثلة في تحركها السياسي وتوظيف كامل قوتها وحنكتها الديبلوماسية للتعبير عن موقفها الثابت تجاه الملفات كافة، وتحديدا في الحرب الدائرة الآن في رحاب غزة.

عقد الاجتماع السداسي والذي ضم وزراء الخارجية كلا من الأردن والإمارات والسعودية وقطر ومصر وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، في عمّان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، وقبل ذلك توجت جهود الديبلوماسية الأردنية بجولة ملكية شملت كل من الإمارات، قطر، البحرين، والتباحث والتنسيق في أمر التصعيد والغزو الغاشم على غزة وقصف المدنيين.

قبيل الاجتماع السداسي، تم الاجتماع مع جلالة الملك عبد الله الثاني والذي أكد على الحديث بصوت واحد مع المجتمع الدولي حول التطورات الخطيرة في غزة و شدد جلالته على أنه من واجب الدول العربية الضغط على المجتمع الدولي والقوى الدولية الفاعلة لوقف الحرب على غزة، وإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل مستمر وحماية المدنيين.

الموقف الأردني واضح والمتمثل بإدانة الأردن للمجازر التي ترتكب بحق المدنيين الأبرياء في القطاع، التحذير من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى انفجار الأوضاع في المنطقة، وإدانة التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، مواصلة الدعم للسلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك الدعوة لمواصلة الدعم للمنظمات الدولية العاملة في القطاع، وخاصة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وكذلك أن الحل العسكري أو الأمني لن ينجح في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل إن السبيل الوحيد هو حل سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين.

إضافة لرفض الأردن التام لأية محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فهما امتداد

للدولة الفلسطينية الواحدة، وموقف الأردن الثابت في دعم الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم المشروعة بقيام دولتهم المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

انتهى الاجتماع مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في عمّان للتأكيد على الموقف العربي الداعي لوقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وعاجل لقطاع غزة، واستئناف تقديم الخدمات الإنسانية فيها، وحماية المدنيين، والالتزام بالقانون الدولي، وإطلاق المدنيين، ورفض التهجير.

اللافت للنظر تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لمنع أي دول إضافية من فتح جبهات جديدة في هذا الصراع واعتبار حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بأنها منظمة إرهابية لا تأبه بالشعب الفلسطيني ولا مستقبله. والمستغرب في الموقف الأمريكي أيضا التعاطف مع الأطفال الفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل، والذين يخرجون من تحت الأنقاض على مرأى من الجميع ودعوة الإسرائيليين إلى الحيلولة دون نزع صفة الإنسانية عن الناس.

انتهى الاجتماع دون الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وبسبب وقناعة أمريكية لأن ذلك يمنح ويترك «حماس» في مكانها وستتمكن من إعادة تجميع قواها وتكرار ما فعلته يوم 7 اكتوبر مرة أخرى وفقا لقادة حماس والذين قالوا قبل عدة أيام أنهم سيكررون 7 اكتوبر مرة تلو الأخرى، ولذلك من المهم إعادة التأكيد على حق إسرائيل وواجبها في الدفاع عن نفسها واتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار ما حدث.

خلاصة الموقف الأميركي هو التحدث مع الحكومة الاسرائيلية حول اتخاذ الإجراءات الممكنة لحماية الأرواح البشرية ومنع وقوع ضحايا من المدنيين وكذلك عن إمكانية التوصل لإيقاف مؤقت لإطلاق النار لأهداف إنسانية يمكن من خلالها ادخال المساعدات للمدنيين ومنحهم حرية التحرك للوصول إلى أماكن آمنة.

يبدو واضحاً وجلياً بأن الطريق مسدودة تجاه ما يحدث من تصعيد وقتل الأبرياء وقصف المواقع المدنية والعمل على إبادة بشرية في غزة تمهيدا لخطوات أكثر شراسة ونهم لاقتلاع الحق الفلسطيني ومحوه عن الوجود دون الالتفات لأي مبرر وعذر مقبول وغير ذلك على وجه العموم!.

fawazyan@hotmail.co.uk