رغم ما يشهده عالم اليوم من قفزاتٍ تكنولوجية ورقمية من شأنها أن تؤثر على واقع الكتاب الورقي وحضوره، فإن هناك من يرى أن الكتاب بصيغته التقليدية ما يزال يحتفظ بمكانته وقيمته كمرجع أساسي للمعرفة الإنسانية. وعلى الجهة الأخرى، تظهر أصةات تؤكد أن تأثير هذه التحولات الجذرية سيطال الكتاب لا محالة.
يقول الناشر الأردني مؤنس الحطاب، المدير العام لمؤسسة ألف باء تاء ناشرون، أن الكتاب الورقي يأتي في المقدمة، مدللاً على ذلك بأرقام مبيعات مؤسسته المتخصصة في نشر الكتب الموجهة للأطفال.
ويوضح الحطاب: "الكتاب الورقي وتحديداً الموجه للطفل، هو الأكثر انتشاراً بلا منافس، فالأطفال رغم التطور التكنولوجي، يبهرهم الكتاب الورقي، والأهل يبحثون عنه، لذلك دائماً ما تجدنا نختار عناوين جديدة، ونقوم بطباعتها".
ويرى أحمد بدير، المدير العام لدار الشروق المصرية، أن الكتاب الورقي بخير، وأن الإقبال عليه في تزايد مستمر خاصة في السنوات الخمس الأخيرة. ويؤكد أن التكنولوجيا لا تقف عائقاً في طريق انتشار الكتاب الروقي، بل على العكس من ذلك، فـ " التكنولوجيا وسيلة تسهل أعمال الناس، وليس هناك أي تهديد من طرفها على صناعة النشر والكتاب الورقي".
ويلفت بدير إلى أن المحافظة على انتشار الكتاب الورقي تستدعي من الناشرين "أن يفهموا كيف يتعاملون مع مخرجات التكنولوجيا الحديثة للتسويق الفعال للكتاب الورقي".
بدوره، يقول سلطان العامري، مسؤول المعارض الخارجية في مكتبة العبيكان، أن نسبة المبيعات للكتاب الورقي في السعودية في تزايدٍ دائم، مضيفاً: "سيظل الكتاب الورقي هو الأفضل من جميع النواحي، مريح للعين، ويمكن مطالعته في أي مكان، وتحت أي ظروف، بالإضافة إلى أن استحضار المعلومات من الذاكرة أسهل عند القراءة الورقية".
ومن أجل الحفاظ على انتشار الكتاب الورقي، يرى العامري أن الخطوة الأهم هي استقطاب العناوين المميزة، وتقديمها للقراء بجودة عالية.
أما جهاد شبارو، مدير الدار العربية للعلوم ناشرون، فيؤكد أن التحديات التي تواجه الكتاب الورقي كثيرة، من أبرزها ظاهرة القرصنة. ويوضح: "صناعة النشر مهددة في الوطن العربي بسبب قرصنة الكتب وإتاحتها على بعض منصات التواصل الاجتماعي، والناشر عندما لا يجد إقبالاً على شراء ما ينشره، سيفكر في حلول أخرى تقلل من خسارته، والتحول الرقمي أقل تكلفة في صناعة النشر، ومن هنا سيكون الكتاب الورقي مهدداً".
ورغم ذلك يقر شبارو أن محبي الكتب الورقية موجودون في كل مكان، وأن كتب الأدب بشكل عام تشهد إقبالاً شديداً، تليها كتب السيرة الذاتية، ثم كتب التاريخ.
من جهته، يرى أحمد غريب، المسؤول في دار الرافدين لبنان والعراق، أن الكتاب الورقي في سوق النشر العربي في أفضل حالاته، مصرحاً: "خلال السنوات العشر الأخيرة مرت معظم البلدان العربية بأزمات كبيرة، ورغم ذلك ظلّ سوق الكتاب العربي نشطاً، ويحظى بإقبال شديد من القراء العرب".
