كتاب

تهجير الفلسطينيين

تسارع كبير وقصف كثيف ومحاولات لفرض التهجير و(الطرد) من غزة ومن ثم إذا نجح ذلك التوسع إلى الضفة الغربية وإتمام عملية التهجير بالقوة، ولكن هل من المعقول اعتبار الشعب الفلسطيني عبارة عن بضاعة يمكن نقلها، وأن تكون نهاية النضال مغادرة الأرض والهروب إلى مناطق أمنة؟

ليس الأمر بهذه البساطة وإن بدا كذلك؛ المقاومة لها هدف نبيل ومعنى لإثبات الوجود، فما معنى مضمون الصمود طوال السنوات الماضية من عمر الأجيال والشهداء والضحايا الأبرياء والصبر والانتظار للنصر؟

واضح تماما ما تفرضه الحرب النفسية على قطاع غزة من تبعيات الهجوم الكاسح، ولكن ما يعلنه جهاد أهل غزة وكفاحهم وصمودهم يعني الكثير في حرب الإبادة والعدوان الغاشم على مقدرات شعب مناضل.

لا يوجد ما تخسره غزة بعد اليوم ؛ تعرضت خلال السنوات العشر لأكثر من حرب مباشرة وقصف متواصل وهدم وتدمير للبنية التحتية وفقدان الخدمات التعليمية والصحية ومستلزمات الحياة اليومية، ومع ذلك بقي الغزي على أرضه يورث لمن تبقى من أهله قصة الصمود والثبات ولم يهاجر أو يفكر في الانتقال من سجن إلى سجن أكبر ومساحة سوف يبقى في عداد اللاجئين.

الهجرة من الشمال إلى الجنوب من غزة ومحاولات الضغط الماثلة الآن مع الحرب المستعرة وعلى جميع الجبهات، ماذا يمكن ان تحصد في نهاية المطاف من نتائج على أرض الواقع؟

الغضب المحيط خارج غزة وعلى أوسع نطاق، يشير إلى رفض مشروع التهجير والإقامة خارج حدود الوطن والدولة الفلسطينية مهما بلغت المنافع الاقتصادية والبحبوحة من جراء ذلك.

ما تزال صفقة القرن ماثلة للجميع للتأثير والتخويف على الشعب الفلسطيني والذي يوازن بين معيشته على أرضه والانتقال إلى مناطق بعيدة وخوض تجربة شاقة بعيداً عن ثرى الوطن وحصيلة إرث الأجداد وتكرار تجربة النكبة والنكسة وبشكل مختلف.

الرهان القائم حاليا هو اختبار الصمود والتصدي لمحاولات التهجير والتي حذر منها الأردن مراراً وطالب بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ونبه إلى خطر ترحيل اللاجئين وتحمل الدول المجاورة الأعباء الإضافية لمضمون ذلك وأكثر.

الرفض التام لفكرة الهجرة واللجوء تعني فشل المحاولات المستمرة لذلك وبالوسائل المتاحة، سواء في غزة والضفة وعلى الأخص القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية على امتداد فلسطين ومنها بيت لحم والخليل ونابلس وجنين وسائر المدن المستهدفة والمدنيين.

الكم الهائل من المعلومات ومقاطع الفيديو والاعترافات والتصريحات وحتى الأسلحة والمعدات والتسريبات وظهور القيادات العسكرية، فيها وعليها العديد من الأسئلة المحيرة للعيان والمتتبع لما يجري على الساحة من تصعيد وهدوء حذر.

التحليلات والاجتهادات عديدة ومتناقضة في جوانب متباينة، ولكن القرار النهائي لفحوى الحرب العاشرة على غزة لا بد وأن تفضي إلى نتائج ذات معنى لمضمون ما حدث وبشكل وجه الأنظار نحو الأمل الوطني والنضال المشروع.

بين العقل والعاطفة وردود الفعل، تبرز أكثر من أسئلة تتمحور هو الثمن الذي سوف يكون النتيجة والغاية من مجمل ما حدث ويتم على أرض الواقع، ولعل الإجابة تحمل في طياتها العديد من الاحتمالات والتي نرجو ألا تكون احدها التهجير!.

fawazyan@hotmail.co.uk