لوحظ في الأونة الأخيرة ازدياد حالات الوفاة لعمال أثناء عملهم مما جعل خبراء عمل يدقون ناقوس الخطر ويحملون المسؤولية لكافة جهات حلقة العمل مشيرين إلى ضرورة معرفة أسباب هذه الزيادة.
وبحسب هؤلاء الخبراء أن عدد كبير من حالات الوفاة ناتجة عن عدم مراعاة شروط السلامة والصحة المهنية، ومعظم حالات الوفاة صنفت ضمن اصابات العمل.
واجمعوا على أن مسؤولية الزيادة في عدد حالات الوفاة الناتجة عن اصابة عمل تقع على عاتق كافة اطراف معادلة العمل، مؤكدين انه لا نقص في التشريعات الناظمة انما لا تطبيق لهذه التشريعات.
وحمل مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة مسؤولية ازياد أعداد الوفيات الناتجة عن اصابة عمل الى انخفاض أعداد مفتشي وزارة العمل المختصين باصابات العمل بحيث لا يتراوح عددهم ما بين 10 الى 15 مفتش لا يستطيعون مراقبة وتفتيش أكثر من 180 الف منشآة متواجدة على أرض المملكة.
واعتبر ابو نجمة ان هذا خلل كبير وبحاجة الى حل وذلك في ظل وجود تشريعات ناظمة جاهزة للتطبيق حال توفر الظروف الملائمة مشيرا الى ان عدد مفتشي وزارة العمل لكافة التخصصات لا يزيد عن 200 مفتش.
وقال إن قانون العمل نص على وجود لجنة ومشرف للسلامة والصحة المهنية دورهم وضع قواعد الحمايات والوقاية من اخطار العمل واضراره ولديهم مسؤولية مع صاحب العمل لضمان عدم حصول اصابات عمل.
واضاف أن لوزارة العمل دور في مراقبة توفر قواعد واجراءات السلامة والوقاية في المنشآة بالاضافة إلى دورها حال حصول اصابة عمل في التحقيق حول طبيعة الحادث واسبابه وهي التي تحدد من اين جاء التقصير هل هو من صاحب العمل بعدم توفر وسائل الحماية والوقاية، ام تقصير من العامل نفسه بعدم استخدامه وسائل الحماية او مخالفته لهذه الشروط.
وقال إن اصابة العمل مغطاه بقانون الضمان الاجتماعي فهنالك لجان بمؤسسة الضمان الاجتماعي تدرس كل حالة اصابة عمل على حدة وتحدد بعدها قيمة التعويض سواء في حالة الوفاة او الاصابة، لافتا الى أن الدور الاساسي لوزارة العمل في الرقابة والتفتيش ويجب ان يكون لها دور في التحقيق والتاكد عن سبب الحادث لالحقاق الحق والتاكد من عدم تكراره فيما بعد، مؤكدا ان هنالك تعليمات وانظمة جديدة صدرت مؤخرا لنظام معدل لشروط تشكيل لجان ومشرفي السلامة ونظام اخر لشروط الوقاية والحماية وهذه الانظمة ستقر قريبا لافتا الى اهمية تطبيق هذه الانظ?ة على ارض الواقع وان لا تبقى انظمة لا تطبق.
وقال ابو نجمة ان قانون العمل اوجد عقوبات على المنشآت المخالفة للسلامة والصحة المهنية تبدأ من الغرامات حسب نوع المخالفة وهذه الغرامات تحدد قيمتها من قبل لجان مختصة حال ثبات تقصيرها وعدم التزامها بالشروط بموجب التعليمات والانظمة، مضيفا أن قانون العمل أعطى صلاحية للوزير باغلاق المؤسسة المخالفة او اغلاق جزء منها خاصة اذا تبين انه طبيعة المخالفات تشكل خطر على العاملين وهذه الصلاحية تمارس بناء على تنسيب لجان مختصة حسب رؤيتهم للالتزام بشروط السلامة والصحة المهنية.
وبحسب الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الزيود أن الوزارة تحرص دائما على التأكد من مدى التزام منشآت القطاع الخاص في كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية بمعايير السلامة والصحة المهنية.
وأشار إلى أنه يوجد في الوزارة مديرية متخصصة بمتابعة هذه الجوانب الهامة في بيئة العمل وتهدف إلى المساهمة بالارتقاء بمستوى السلامة والصحة المهنية لضمان توفير بيئة عمل صحية و آمنة ولائقة خالية من الاصابات وحوداث العمل وذات انتاجية عالية للعاملين في كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية، من خلال رفع الوعي والالتزام بالمعايير والممارسات الفضلى الخاصة بالسلامة والصحة المهنية بما يضمن حقوق العمال من خلال إيجاد منظومة متكاملة من المعايير و السياسات و الأدوات الرقابية وفق نهج تشاركي مع المؤسسات الرسمية المعنية والقطاع ?لخاص و الشركاء الاجتماعيين وصولاً إلى بناء ثقافة سلامة وصحة مهنية إيجابية على المستوى الوطني.
وبين أن قانون العمل نص على العديد من المواد القانونية التي تلزم صاحب العمل بتوفير بيئة عمل صحية و آمنة ولائقة، كما نص القانون في المادة 84 منه على إجراءات قانونية تتخذ بحق صاحب العمل المخالف الذين ثبت أن أحد العمال الذين يعمل في منشأته تعرض لإصابة عمل نتيجة عدم توفير مسلتزمات السلامة العامة ولم تتقيد المنشأة بمعايير السلامة والصحة المهنية، لافتا إلى أن فرق التفتيش في الوزارة تنفذ جولات تفتيشية مستمرة على مختلف القطاعات للتأكد من مدى التزامها بأحكام القانون.
ونوه الزيود إلى أنه انطلاقا من حرص وزارة العمل على تعزيز منظمة السلامة والصحة المهنية في المنشآت صدر في الجريدة الرسمية 3 أنظمة هي نظام العناية الطبية الوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات لسنة 2023 ونظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار المهنية لسنة 2023 ونظام تشكيل لجان السلامة والصحة المهنية وتعيين المشرفين في المؤسسات لسنة 2023 وجميعها صادرة بموجب المادة 85 من قانون العمل.
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي قال ان مسؤولية التزايد الملحوظ في إصابات العمل وتراجع في إجراءات السلامة والصحة المهنية، هي مسؤولية مشتركة على الجميع إزاء أوضاع السلامة والصحة المهنية غير المقبولة، مضيفا انه بدا واضحاً من تقارير مؤسسة الضمان الاجتماعي أن هنالك ارتفاعاً في معدلات الإصابات وارتفاعاً في أعدادها وشدّتها وهذا ناجم بالتأكيد عن عدم جدية التعامل مع قضايا السلامة والصحة المهنية والنظر إليها نظرة ثانوية دون اعتبار لأهميتها وانعكاساتها السلبية على الجميع.
وبحسبه لا نستطيع أن نعفي أحداً أو جهة من المسؤولية في هذا الجانب فالعامل مسؤول وصاحب العمل مسؤول والجهات الرسمية المعنية مسؤولة من وزارة العمل ومؤسسة الضمان وغيرهما وكذلك الجهات الممثلة لأصحاب العمل من غرف الصناعة والتجارة والجهات الممثلة للعمال والمهنيين مثل اتحاد نقابات العمال والنقابات المهنية وغيرها.
واكد ان تزايد اصابات العمل وارتفاع معدلاتها يدل على ضعف المتابعة والاهتمام لدى كافة الجهات المذكورة، وبالرغم من خروج الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية الى النور مؤخراً، إلا أن هذا لا يكفي، فالمهم هو وضعها موضع التطبيق ووضع برامج محكمة لإنفاذها بحزم.
ولفت الى وجود تشريعات جيدة في هذا الموضوع لكن المشكلة في جدية تطبيقها، ومعظم ما تقوم به الجهات الرسمية الرقابية والمختصة لا يعدو أن يكون فزعات حين تقع كوارث حوادث وإصابات عمل كبيرة، ثم لا تلبث أن تهدأ وتصمت.
وقال اننا نحتاج للعمل على ثلاثة محاور رئيسة للحد من إصابات وحوادث العمل مهي اولا الحزم في إنفاذ القوانين المتعلقة بقضايا السلامة والصحة المهنية، ثانيا وضع وتنفيذ برامج تدريب متخصصة للعمال في كل القطاعات خاصة بالوقاية من حوادث وإصابات العمل وتعريفهم بمخاطر المهن التي يزاولونها، وكيف يتعاملون مع هذه المخاطر، ثالثا تخطيط وتنفيذ حملات إعلامية توعوية ضخمة على مدار العام بمشاركة كل الأطراف المعنية للتوعية والتثقيف بقضايا السلامة والصحة المهنية وأهميتها للجميع.
وبحسب تعريف إصابات العمل هي جميع الحوادث التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالعّمال، والتي قد ينتج عنها إصابة جسدية، أو الإصابة بمرض، أو الوفاة، تشمل إصابات العمل الإصابات الناتجة عن أحداث العنف، والتعرض لهجوم من الحيوانات، والتسمم، ولسعات الحشرات، والتزحلق، والسقوط، وسقوط الأجسام الثقيلة، وحوادث السير، وغيرها.
وعرّف قانون العمل الأردني إصابة العمل بأنّها: الحالة التي يُصاب بها العامل أثناء أدائه لعمله أو بسبب هذا العمل، جرّاء وقوع حادث يؤدّي لتلك الإصابة. ويُعتبَر الحادث الذي يقع للعامل أثناء ذهابه أو إيّابه من عمله بمثابة الحادث الواقع أثناء العمل. ووصل عدد اصابات العمل المسجلة بحسب احصائيات مؤسسة الضمان الاجتماعي 594,080 اصابة بحسب الناطق الرسمي باسم المؤسسة انس القضاة وقال ان المؤسسة تمنح حوافز مالية أو معنوية للمنشآت أو الأفراد الحاصلين على مراتب متقدمة في جائزة الضمان الاجتماعي للتميّز في الصحة والسلامة الم?نية وفقاً لأُسس صادرة عن مجلس إدارة المؤسسة لهذه الغاية.
وقال إن الإجراءات المتبعة في حالات اصابات العمل هي تقديم الوثائق إلى مديرية السلامة والصحة المهنية من قبل صاحب العمل أو العامل أو المستحقين للتعويض و في حال عدم وجود إشعار الإصابة بالعمل يتم تعبئته،تدقيق الوثائق من قبل مفتش العمل، القيام بزيارة تفتيشة لمؤسسة صاحب العمل وعمل تقرير زيارة يشمل اقرار صاحب العمل بالإصابة، مضيفا أنه في حالات الوفاة تطلع لجنة مختصة بمؤسسة الضمان على تقارير الشرطة والدفاع المدني لتاكد ان الوفاة ناتجة عن اصابة عمل.
وبحسب اخر تقرير تحليلي لإصابات العمل الذي أصدرته إدارة السلامة المهنية وإصابات العمل في مؤسسة الضمان الاجتماعي بعد دراسة تحليلية أجرتها حول إصابات العمل المسجّلة والمعتمدة في الضمان خلال عام (2021)، يكشف أن أوضاع السلامة والصحة المهنية في المنشآت المختلفة «ليست بالمستوى المنشود».
وتُشير الأرقام التي تضمنها التقرير إلى «ارتفاع نسبة إصابات العمل المعتمدة لدى المؤسسة لعام (2021) بنسبة (27.4%) عن عام (2020)، وأن معدلات وقوع الإصابة مازالت مرتفعة نسبياً، حيث سجلت المؤسسة حادث عمل كل (25) دقيقة في جميع القطاعات».