إلغاء التواصل الجغرافي والديمغرافي بين اجزاء الضفة
مشاريع تهويد القدس الشرقية المحتلة مستمرة وبتركيز كبير على البلدة القديمة ومحيط وأسفل المسجد الأقصى المبارك إذ يهدد المدينة العديد من المشاريع وفي مقدمتها «التلفريك – القطار الهوائي » في سماء المدينة الذي يقتحم فضاء المسجد الأقصى المبارك والحفريات والانفاق التي تخترق باطن الأرض واسفل المسجد وما يحيط به وخاصة في المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية من البلدة القديمة.
كذلك يجري اغلاق الدائرة الاستيطانية الاوسع حول القدس الشرقية ويعزلها عن عمقها بالضفة الغربية حيث تناقش «الإدارة المدنية»/ الحكم العسكري في بيت ايل الأسبوع المقبل، الاعتراضات على خطة الاستيطان في المنطقة E1 في خاصرة مدينة القدس المحتلة شمال شرق (بوابة القدس الشرقية)، بالقرب من كبرى المستوطنات شرق القدس المحتلة (معاليه أدوميم)، وهي خطة طالما جوبهت بانتقادات دولية، لأن البناء في هذه المنطقة من شأنه أن يفصل تماما شمال ووسط الضفة الغربية عن جنوبها والبناء ويدفن في الوقت نفسه ما يسمى حل الدولتين ويلغي أي تواصل جغرافي وديمغرافي بين اجزاء الضفة الغربية ويحولها الى كتلتين منفصلتين.
فضمن محاولات حكومات الاحتلال اليمينية المتطرف فرض السيادة الإسرائيلية على القدس المحتلة، يجري تسريع بناء مشاريع و تمرير مخططات استيطانية لحسم مستقبل المدينة المقدسة وخاصة القديمة منها، فبعد مصادقة، المحكمة الإسرائيلية العليا على إقامة قطار هوائي في البلدة القديمة شرعت الجرافات في تجريف مناطق محددة لمد وصب قواعد هذا القطار في جنوب المدينة مخترقة فضاء مئات المنازل الفلسطينية في سلوان وجنوب المسجد الاقصى.
ولا شك ان تنفيذ مسار القطار المذكور سيتخلله عمليات هدم وتغيير ديمغرافي في البلدة وسيؤثر على الموروث الثقافي والحضاري والمعماري الفلسطيني، بالرغم من أن البلدة القديمة غير مؤهلة لأي تغير معماري.
وكشف المحامي سامي ارشيد محامي المقدسيين النقاب عن أن الاعتراضات المقدمة من أهالي سلوان، وتجار البلدة القديمة ومن آخرين قوبلت بالرفض رغم المخاطر المحدقة عند تطبيقه في المساس بالبلدة القديمة والمنظر العام لأسوار القدس، إضافة إلى الأضرار للإرث الحضاري والتاريخي والمعماري للمدينة. وأضاف ارشيد، أعلنت ما تسمى بـ”سلطة تطوير القدس»، قبل عامين، عن انطلاق مشروع «القطار الهوائي» في محيط البلدة القديمة بالشراكة مع بلدية القدس ووزارتي المواصلات والسياحة.
وذكرت سلطات الاحتلال أن المخطط يشمل خط قطار هوائي «ركيفل» بطول 1.4 كم بأربع محطات وبإمكانه حمل 3 آلاف شخص في الساعة في ذروة عمله، ويمتد المشروع من محطة القطارات القديمة في طريق الخليل إلى «جبل صهيون»، وبعدها سيصل إلى باب المغاربة، حيث سيتم إقامة محطة ليستخدمها المستوطنون في الوصول إلى حائط البراق والبلدة القديمة، ومن هناك سيواصل القطار مسيره باتجاه جبل الزيتون وفندق الأقواس في جبل الزيتون » الطور» المطل على المسجد الأقصى.
وتشمل الخطة المحدثة 41 عربة متباعدة عن بعضها بمسافة 73 متراً وستحمل كل عربة حتى 10 مسافرين وبسرعة 6 أمتار في الثانية على أن تقطع المسافة كاملة خلال 4.5 دقيقة وبنفس تكاليف القطارات العادية.
ويهدف المشروع لربط جبل الزيتون (جبل الطور) بساحة البراق، ويهدف لربط شرقي القدس بغربها، وبذلك شرعنت المخطط الذي أقرته لجنة البنى التحتية المدعومة من الحكومة الإسرائيلية.
في نفس الوقت كشف الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى المبارك الأستاذ معاذ إغبارية عن توسيع سلطات الآثار الإسرائيلية ولجنة تطوير ما يسمى بحائط «المبكى » حائط البراق قنوات مياه قديمة اسفل المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق باتجاه منطقة باب الخليل.
وقال إغبارية ان القناة اليبوسية القديمة متفرعة باتجاهين اسفل باطن الأرض يجري توسيعها وترميمها وتجهيزها، لفتحها أمام السياح يجري ربطها بنفق تحت حارة المغاربة- التي باتت تسمى بـ (حارة اليهود).
واكد ان العمل متواصل من قبل طواقم كبيرة للاحتلال في منطقة عين سلوان ايضاً وصولاً إلى منطقة وادي حلوة جنوب المسجد الأقصى في القدس المحتلة, فنفق عين سلوان الأثري، المفتوح للسياح بمقابلٍ مادي منذ عدّة سنوات، وجدت في منتصف الممر الذي يصعد إلى الأعلى باباً وعندما فتحت الباب، وجدت نفقاً كبيراً، تواصل سلطات الاحتلال أعمالها وحفرياتها بداخله، يصل حتى اللحظة إلى حي وادي حلوة.. لا يبعد عن باب المغاربة 8 أمتار فقط.
واكد إغبارية: «أن هذا ليس نفقاً أثرياً، إنما نفق جديد.. عندما دخلت إليه طلب مني العمال الخروج، وقبل ذلك رأيت عموداً أثرياً لا بُدّ أنه يعود لزمن الرومان أو البيزنطيين أو الكنعانيين».
وأضاف: «داخل النفق، يوجد إسمنت وأعمدة حديدية، ورافعات كبيرة ترفع التراب بجوار المنازل المقدسية والاتربة يتم نقلها الى ورش في جنوب البحر الميت».
وتوقع إغبارية أن سلطات الاحتلال ستفتتح النفق – المائي – قناة الماء من ساحة البراق الى باب الخليل -غرب المدينة المقدسة أمام السياح، بعد تجهيزه وإزالة ما بداخله، مؤكداً أن الاحتلال اعتاد على تدمير كل الآثار والنقوش العربية الإسلامية بداخله، لإزالة أي برهان يشير إلى الوجود العربي فيها.
وذكر أن «قنوات المياه أثرية قديمة، تعود لعصور طويلة، ووقوعها تحت سيطرة الاحتلال، واستغلالهم لها على كل الأوجه، سيعد خسارة لمواردنا الأثرية الغنية».
وقال إن «النفق موجود تحت حارة المغاربة وحي الشرف، مضيفًا، بأنه ليس نفقًا عاديًا، بل هو عبارة عن شبكة من الأنفاق المعقدة، والنفق الرئيسي منها يتجه من الشمال نحو الجنوب، تجاه سلوان، وتعود هذه الأنفاق إلى العهد اليبوسي الكنعاني، وهي تندرج تحت أقدم نظام مائي في مدن العالم جميعًا، باسم النظام القدسي المائي».
وأكد: «نحن أمام شبكة معقدة جدًا، وأخطر جزء في الشبكة هي تلك الفتحات في الأنفاق التي تتجه نحو الأقصى، وهناك نفق كبير، يسمى «الحشمونائين» نسبة للطائفة الحشمونية اليهودية، يمتد من حائط البراق، تجاه المدرسة العمرية، ويتصل بأنفاق حارة المغاربة، وأيضًا له فتحات نحو المسجد الأقصى». واعتبر أن «هذه الأنفاق تمثل خطورة كبيرة، لأن أغلب مخططاتها الهندسية مخفية، ولا يسمح الاحتلال بدخول الأنفاق ولا تصويرها».