محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الفرح في قصيدة ((حوارة)) لـ عبد الناصر صالح

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
رائد محمد الحواري (كاتب فلسطيني) ينحاز الكاتب إلى واقعه ويتأثر به وبالمكان الذي هو فيه. وما يجرى ويجري في بلدة حوارة الفلسطينية يستحق التوقف عنده، فالاحتلال يعمل بصورة ممنهجة على محو/ إزالة حوارة من خلال وضع المزيد من الحواجز والجنود في البلدة حتى بدت ثكنة عسكرية وليست بلدة للمدنيين. هذا ما يراه كل من يعيش فيها أو يمر بها.

الشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح كتب قصيدة «حوارة» وتحدث فيها عما يراه كشاعر في هذه البلدة، يفتتح القصيدة بقوله:

«استبْشِري بالعُرْسِ يا جارَةْ

في الحيِّ والحارَةْ..

وتَزَيّني بالثّوْبِ أبيضَ

قادِمٌ وَعْدُ العريسِ

على ذُؤابتِهِ البِشارَةْ».

نلاحظ الفاتحة البياض التي بدأ بها القصيدة: (استبشري، وتزيني، بالثوب، الأبيض، العريس، ذوابته، البشارة)، وهذا ما يجعل فكرة القصيدة أقرب إلى الفرح والبهجة.

هذا على صعيد الفكرة، أما على صعيد الألفاظ فنجد أن الشاعر يتماهى مع «حوارة» حتى إنه استخدم ألفاظا قريبة منها: (الحي، حارة)، وإذا علمنا أن حرفَي الحاء والجيم يأتيان متتاليَين في ترتيب الحروف العربية (ألف باء) نصل إلى الغنائية التي تحملها ألفاظ وفاتحة القصيدة، وهذا يأخذنا إلى العرس الذي تناوله الشاعر: (بالعرس، وازيني، العريس). كل هذا يجعلنا نقول إن الشاعر متوحد مع فكرة/ مكان/ حدث القصيدة، وإنه لم يكتب القصيدة وإنما القصيدة هي التي كتبته.

بعدها ينقلنا الشاعر إلى ما جرى في «حوارة» من أحداث إجرامية:

«إن أحرَقوا الطرقاتِ

أو هَدَموا البُيوتَ

فسوفَ تنعمُ بالنّضارَةْ..

أنتِ البلاغةُ في صَدارَتِها

وأنتِ نُبوغُها

والاستِعارَةْ..

غدُكِ الذي غَزَلَ الأماني كُلَّها

غَزَلَ الجَسارَةْ

وَشْماً على عُنُقِ المَحارَةْ».

نلاحظ أن الشاعر يهمل ذكر (مَن أحرقوها) في تأكيد لاستنكاره لهم، فهو من خلال عدم ذكرهم يبدي امتعاضه وسخطه وغضبه، لهذا تجنب ذكرهم، والجميل في هذا المقطع أننا نجد الأفعال الإجرامية: (أحرقوا، هدموا). فرغم هول ما جرى، إلا أن الشاعر يكتفي بهذين الفعلين، بينما نجده يكثر من الوصف الأبيض والبهي: (تنعم، بالنضارة، البلاغة، صدارتها، نبوغها، والاستعارة، غدك، غزل، الأماني، الجسارة). فمن خلال الألفاظ المجردة نجد أن هناك حالة بيضاء/ حالة فرح تنتصر على من: (أحرقوا، هدموا)، فكثرة البياض تتجاوز السواد الذي حصل فيها وتتفوق عليه.

القصيدة الجميلة هي التي تحافظ على وحدتها/ فكرتها، وبما أن الفاتحة تحدث عن (عرس)، كان لا بد من متابعة تفاصيل العرس وما فيه من بهجة وفرح:

«فاستَبْشِري بالعُرْسِ

قد بَزَغَتْ مع الفجرِ الأمارَة

والعينُ بالأشْواقِ أمّارَةْ

والطِّفلُ يعزِفُ لحنَهُ عِشقاً

فيلتَقِطُ الإشارَةْ».

رغم بياض الفكرة إلا أن بياض الألفاظ: (فاستبشري، بالعرس، بزغت، الفجر، الأمارة، العين، بالأشواق، الطفل، يعزف، لحنه، عشقا، الإشارة) أضاف جمالية إليها، مما جعل الفكرة تصل من خلال المعنى ومن خلال الألفاظ المجردة، وما يحسب للشاعر المحافظة على غنائية القصيدة التي تتوافق/ تتماثل مع «العرس»، فتكرار «الأمارة» وتقارب لفظَي (الأمارة، الإشارة) خدم فكرة العرس، وأيضا استمر محافظا على حالة الفرح التي يجدها المتلقي من خلال إلقاء القصيدة أو سماعها أو قراءتها.

مرة أخرى يأخذنا الشاعر إلى أرض الواقع، إلى (حرب الأعلام) التي جرت في حوارة، يقول:

«عَلَماً يُرَفرِفُ في سَمائِكِ

ثم تَنْهَمِرُ الحِجارةْ

فتزيّني للعرسِ

وانتَفِضي

لتنتَفِضَ العِبارَةْ..

وبراثِنُ المستوطنينَ تعودُ بالخَيْباتِ مُنْهارَةْ

صفّارةُ الإنذارِ عندَ عُلوجِهِمْ

رَضَخَتْ

لتعلِنَ ألفَ غارَةْ..

كَذَبَتْ إذاعَتُهُمْ

كما كَذَبَتْ بياناتُ (الإدارَةْ)».

أن يبدأ المقطع بألفاظ بيضاء: (علما يرفرف في سمائك)، فهذا يخدم فكرة الفرح التي يشعر بها الشاعر أو يحسها أو يراها أو يجدها، ويخدم وحدة القصيدة التي تتحدث عن (عرس)، لكنه يتناول بلدة تتعرض لاعتداء همجي، فكان لا بد من تناول ما جرى بشيء من التفاصيل. من هنا نجده يعرفنا على ما جرى بصورة شعرية، حيث يذكر بالاسم «المستوطنين» وما هو حالهم: (تعود بالخيبات منهارة). وهنا قد يسأل سائل: لماذا لم يذكرهم في فاتحة القصيدة وذكرهم هنا؟ وهل لهذا الأمر مبرر؟ نجيب: في الحالة الأولى تم الحديث عن أفعالهم الإجرامية: (حرقوا، هدموا)، لهذا كان عدم ذكرهم يدينهم، بينما في الحالة الثانية يتم وصف حالهم وما هم فيه من هزيمة وخذلان، فجاءت تسميتهم لتؤكد الحالة البائسة التي هم فيها: (تعود بالخيبات منهارة، رضخت، كذبت إذاعتهم/ بيانات الإدارة».

وإذا عندنا إلى الألفاظ سنجد أن العديد منها أسود/ قاسٍ لكنه متعلق بالعدو: (براثن، بالخيبات، منهارة، الإنذار، علوجهم، رضخت، كذبت)، وهذا ما ينعكس إيجابيا على المتلقي.

وننوه إلى جمالية المقطع الذي استُخدمت فيه لفظة «يرفرف»، حيث تكرر حرفا والراء والفاء حتى بدا للقارئ كأنه يرى أو يشاهد رفرفة العلم في السماء من خلال تكرارهما.

«حَوّارةٌ تأتي إلى المَيْدانِ وارِفَةً

فترْتَفِعُ السّتارَةْ..

حَوّارَةٌ تأتي بِأوسِمَةِ الجَدارَةْ..

والنَّصرُ وقّعَ في صَحيفَتِها قَرارَه..

والماجِداتُ على خُطى الجَدّاتِ

والعَمّاتِ

والخالاتِ

نِعْمَ المُستشارُ والاستِشارةْ..

سُبُلُ التّلاحُمِ فيكِ أرْبَكَتِ (الوزارَةْ)

فتَزَيّني بالوعْدِ

إنّ العشقَ ينبضُ ساخناً

والعاشِقاتُ حَفِظْنَ أسرارَه».

اللافت في المقطع السابق أنه يتحدث عن (عرس) بصورة غير مباشرة، فمن خلال تجميع الأهل والأصدقاء: (الماجدات، الجدات، العمات، الخالات) نستطيع القول إن العرس الذي جاء في الفاتحة ما زال قائما، لهذا نجد ألفاظ: (فترتفع، بأوسمة، فتزيني، العشق، العاشقات، ينبض، ساخنا)، ونجد أن هناك وحدة جامعة لهذا المقطع تتمثل في التكتل/ «التلاحم» الإنساني/ الاجتماعي: (الماجدات، العمات، الجدات، الخالات)، لتحقيق فعل النصر: (أربكت الوزارة)، وهذا ما جعل حوارة «تأتي بأوسمة النصر».

ونلاحظ أن الشاعر يتماهى مع «حوارة» من خلال هذا المقطع:

«وكَريمَةٌ تسعى إلى سارَةْ

وفداءُ» تحمي بيتَ نَوّارَةْ

هذي انتفاضَتُنا إذَنْ

تمتَدُّ في السّاحاتِ هَدّارَةْ..

ودماؤُنا

أغصانُ كَرْمَتِنا أمام الدّارِ

ما ذهَبَتْ خسارَةْ..

فتزيّني بالعرسِ

وانتَفِضي

كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ..

كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ..

كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ».

فاستخدام الشاعر أسماء مؤنثة: (كريمة، نوارة، فداء) ووصف ما يجري فيها: (هدّارة) وتكرار لفظ «حوّارة» ثلاث مرات يجعلنا نتأكد أن هناك حالة تماهٍ/ تجلٍّ بين الشاعر وحوارة. ومع هذا التماهي/ الحلول إلا أنه بقى محافظا على وحدة موضوع القصيدة (العرس) من خلال: (كريمة، الساحات، هدارة، فتزيني، بالعرس). هكذا يرى الشاعر عبد الناصر صالح ما جرى في حوارة.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF