يحتفل الأردنيون من شمال الوطن إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، بعيد الاستقلال، وتنطلق الاحتفالات بهذه المناسبة التاريخية العظيمة التي تبعث الفخر في النفوس وتجدد الانتماء لتراب الأردن.
إنها احتفالات ممزوجة بمشاعر الفخر والفرح والمحبة للوطن الغالي وامتنانا للهاشميين الذين كرسوا حياتهم في سبيل الوطن وما زالوا نبراسا مضيئا له وسياجه القوي.
إن استقلالنا الوطني الأردني يعتبر يوم العز والكرامة، والنصر والفداء ويوما للحرية، يوم الشرفاء الأحرار من أبناء أردننا الذين علمونا درسا وطنيا في كيفية حماية الوطن، وبجهودهم رفرفت فوق ربوع الوطن رايات المجد والحرية والاستقلال.
وفي عيد استقلالنا نجدد الولاء والانتماء للأرض والقيادة الهاشمية وتزيدنا هذه الذكرى العزيزة إصرارا على المضي قدما في العمل الجاد، والعطاء والحب الذي لا ينتهي، خدمة لأردننا الغالي وإعلاء مكانته والمحافظة على تاريخه وتعزيز نهضته والدفاع عن مقدساته وكل شبر فيه، وستبقى يا وطني عاليا بهيا ماجدا تهفوا لك كل القلوب، وكل عام والأردن بألف خير.
ويقول المؤرخ الأردني الدكتور بكر خازر المجالي: إن إعلان الاستقلال في الخامس والعشرين من أيار 1946 أدخل الأردن في مرحلة جديدة والشعب مزهوا بثمار قيادته وجيشه، والجميع يتطلع الى المستقبل برؤية جادة نحو مسيرة البناء ليكون له المكانة بين الأمم وهكذا يكون الفرح عميماً والشعور عظيماً.
ويشير المجالي إلى أن الدولة الأردنية سارت على التأسيس الدستوري والتركيز على الشورى والتشريع فكان دستورها الأول في الأول من شباط عام 1947، وكانت القيادة الهاشمية الأردنية تتطلع إلى قضايا الأمة وكما نادى الملك عبدالله الأول لوحدة العرب وتوحيد الجيوش لأن القادم يتطلب الاستعداد والتنظيم وتوحيد الجهد حتى كانت حرب فلسطين عام 1948 والتي قدم الجيش العربي الأردني فيها التضحيات وحافظ على عروبة القدس، وقضى القدر أن يكون صاحب الاستقلال ومؤسس الدولة شهيدا عند عتبة المسجد الاقصى على بعد أمتار من ضريح والده الشيخ المجاهد?الكبير صاحب الثورة وأول من أعمر القدس والأقصى الشريف الحسين بن علي.
واضاف:هذا الحدث الجلل جعل الأردنيين أكثر تماسكا، ولم تهزهم النوائب بل زادتهم وحدةً، حيث تولى الملك طلال الحكم لفترة قصيرة لم تسعفه حالته الصحية على الاستمرار، لكنها فترة قصيرة بقيمة عظيمة أنتجت دستور الدولة، ليبدأ الملك الحسين بن طلال مسيرة البناء والتطوير، فأكمل عقد الاستقلال بدخول الاردن عضوا كاملا في هيئة الأمم المتحدة، وبتعريب قيادة الجيش العربي الأردني ومن ثم إلغاء آخر معاهدة أجنبية.
ويتابع:وبعدها انتقل الأردن الى قيادة جديدة تتطلع الى الأردن النموذج والدخول الى العالمية الحديثة بروح العصر وبتطبيق تكنولوجيات حديثة وباستثمار كل عناصر الدولة، متمثلة بالملك عبدالله الثاني الذي قال في خطاب بذكرى الاستقلال في 24 أيار 2007م:"وأفضل طريقة للاحتفال بالاستقلال، هي أن نبني على ما بناه الآباء والأجداد، وأن نحقق المزيد من الإنجازات، وأن نستمر برؤيتنا الواضحة، نحو الأردن القوي المنيع المزدهر، الأردن الذي ينعم فيه أبناؤنا وأحفادنا، بالحرية والأمن والعيش الكريم، إن المساهمة في هذه المسيرة، وتحقيق رؤيت?ا لأردن المستقبل، هي واجب على كل أبناء وبنات هذا الوطن، كل واحـد من موقعه، فالجميع شركاء في هذه المسيرة، وشركاء في مجتمع العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ونحن كلنا الأردن».
ويشير المجالي إلى أن الاستقلال هو طريق للبناء يتواصل منذ التأسيس وعبر مراحل الدولة هو رؤية للمستقبل ودرب للأجيال يرون فيه معنى أن تكون أردنيا في وطن ضم الجميع، فكان الأردن المستقل هو بيت العرب جميعا فيه الملاذ الآمن لمن يطلب الامن والاستقرار.
ويؤكد المجالي أن الأردن سيبقى البلد الكبير بقلبه ومشاعره ووجدانه بلد العرب جميعا وهو البلد المناضل المكافح والصامد والنصير لأهلنا في فلسطين، وستبقى قيادتنا الهاشمية عزنا وفخرنا ومعقل التاج وسيبقى استقلالنا الخادم للأمة والنصير للعرب، وهكذا هم الأردنيون، أهل النخوة والشهامة يقفون من أجل الحق والانتصار يؤكدون العهد ليبقى الأردن، بلد الفخر والعز والكبرياء.
ويقول الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل الغرايبة الحائز على وسام العطاء المتميز في مناسبة عيد الاستقلال: إن جلالة الملك المفدى يشرح طبيعة مشهدنا الوطني، في هذه الفترة من عمر المملكة الأردنية الهاشمية الزاهرة، وما يعترض مسيرتنا الوطنية من تحديات، وهو كما أشار إلى أن «العدل أساس الملك»، اذ أن الملك يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، ويتطلع لطاقتنا البشرية ويدعو إلى تقويتها، وهو يوازي ذلك عندما يخط جلالته رسائله وأوراقه ومبادراته لاستنطاق الأغلبية الصامتة، ويدعوها لتعبر عما يدور في خلدها، ولتدخل من بوابات الإصلاح? للمشاركة بفعلها ووجدانها في بناء الأردن الجديد، وفقا لنهجه الوسطي ».
ويشير إلى أن المواطنة انتظام ومساواة في الحقوق والواجبات وإعلاء من قيمة الحرية والهوية الوطنية وتحقيق للتنمية، تجسيدا لقيم العدالة والحرية والديمقراطية.
واكد على ما قاله قائد البلاد:"إن المواطنة لا تكتمل إلا بممارسة واجب المساءلة، وإننا حتى لو اختلفنا في وجهات النظر أو المواقف فإننا لن نفترق، ولهذا فان الحوار والتوافق واجب وطني، فكلنا أردنيون وكلنا للأردن، ومن واجبنا أن نمد أيدينا لدفع عربة الديمقراطية إلى الأمام.
ويستذكر الغرايبة، أنني كنت من بين الذين حظوا باللفتة الملكية السامية، في الاحتفال المهيب بمناسبة عيد الاستقلال المجيد الثالث والسبعين والعيد العشرين للجلوس الملكي الميمون، اذ مثلت أمام جلالته، وطوقني بوسام العطاء المتميز، تقديرا منه لدوري الطويل والمتواصل في تأصيل الخدمة الاجتماعية وتطويرها في ربوع الأردن العزيز، وكانت هذه اللفتة في شهر رمضان الفضيل وفي عيد الاستقلال المجيد وعيد الجلوس المبارك، وقد اتاحت لي فرصة السلام على جلالته لأول مرة في حياتي، وفي وقت تجاوزت فيه السبعين من عمري.
وتقول الروائية نرجس العرب الحائزة على جائزة الإبداع الشبابي:"إنني أحتفل مع أسرتي بعيد الاستقلال كل عام ونستعد له بتزيين البيت بالأعلام وتحفيظ أطفالي قصائد عن الوطن وأقوم بالقراءة لهم عن تاريخ الأردن».
وتضيف:"الاحتفال باستقلال الأردن هو ضرورة لكل أفراد المجتمع وخاصة الأهالي وأولياء الأمور، لغرس القيم الوطنية في نفوس أبنائنا وتذكيرهم على الدوام بالتضحيات التي قدمها أبناء الأردن لأرضهم، فنحن نحتفل به كأسرة لنستلهم نحن وأبنائي العطاء منه، ونجدد الولاء والانتماء لهذا الوطن الحبيب».
وختمت قائلة:في هذا اليوم نرفع رؤوسنا شموخاً وفخراً بما تحقق على أرض الأردن على مدار السنوات، وندعو الله أن يحفظ لنا القائد وأن يمتعه بالصحة والعافية.