كتاب

التطرف الإسرائيلي واقتحام الأقصى

خلال الأيام الماضية انتشرت عمليات المقاومة على امتداد فلسطين التاريخية، من تل أبيب حتى الأغوار نفذها شبان فلسطينيون، وهي عمليات مبررة ومشروعة تندرج في إطار الدفاع عن النفس والمقدسات، ردا على ما قامت به قوات الاحتلال من اقتحام وحشي للمسجد الأقصى الأسبوع الماضي، والاعتداء على المصلين السلميين بالضرب بما فيهم رجال مسنون، وأطفئت الأنوار داخل المسجد وأجبرتهم على مغادرة المكان، ما أدى الى إصابة أكثر من 80 منهم.

وإمعانا في الوحشية منعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من دخول المسجد لإسعاف المصابين، فضلا عن اعتقال نحو 400 مصل «معتكفين» داخل المسجد ونقلهم الى مراكز التحقيق، وكأن الصلاة والاعتكاف تهمة في معايير الاحتلال!

كان من الطبيعي أن تحتشد وسائل الاعلام العربية، بسيل هائل من بيانات وتصريحات التنديد والاستنكار والتعبير عن القلق، أصدرتها الحكومات والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المنتشرة على امتداد الأرض العربية.

هذه البيانات في مجملها اتهمت الحكومة الإسرائيلية بأنها «تضرب بعرض الحائط كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية»، وكأن دولة الاحتلال تعترف بالقوانين والقرارات الدولية التي لم تلتزم بها منذ إقامتها.

ودائما تكون النتيجة موجة غضب لبضعة أيام ثم تعود الحياة الى طبيعتها. بعد أن نكون قد «أشبعناهم شتما ودعوات بالهلاك وتهديدات وبيانات شجب واستنكار»، وهم يواصلون اقتحام «الأقصى» وانتهاك حرمة المقدسات! أما ردود الفعل الدولية فقد اختلفت لهجتها، حيث دعت بعض الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية للتهدئة وضبط النفس كما فعلت الإدارة الاميركية.

وكان واضحا بأن هذه عملية اقتحام «الأقصى» بهذه الوحشية، جاءت لتمهيد الطريق أمام اقتحامات المستوطنين في صباح اليوم التالي، وعمليات اقتحام المستوطنين واستفزاز المصلين والرأي العام الفلسطيني والعربي متواصلة، حتى قبل أن تتولى المسؤولية الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو التي توصف بالأكثر يمينية وتطرفا، ولا يكاد يمر أسبوع بدون وقوع العديد من عمليات الاقتحام والاعتداء على المصلين، وإطلاق الرصاص المطاطي أو الغازات المسيلة للدموع باتجاههم.

وفيما احتشدت وسائل الإعلام العربية بتعليقات وتغطيات واسعة تندد بالعملية، تباينت تغطيات الإعلام الغربي بين محايد أو مبرر لما قامت به قوات الاحتلال، من خلال تغطية مضللة، بوصفها ما حدث ب «اشتباكات في موقع مقدس متنازع عليه'! ورددت رواية الاحتلال التي تزعم بوقوع اشتباكات بين «محرضين مقنعين تحصنوا داخل المسجد وبحوزتهم الألعاب النارية والعصي والحجارة، والقوات الإسرائيلية التي تفرض القانون والنظام من جهة أخرى'! وكأن المصلين المعتكفين جيش مسلح يقاتلون قوات الاحتلال المدججة بمختلف أصناف الأسلحة، والشرطة الإسرائيلية ?ي مجرد وسيط مضطرة لأن تنتشر في المسجد الأقصى، لأن مهمتها تهدئة الطرفين من «التنازع» على المكان!.

بينما الحقيقة غير ذلك، فالمسجد الأقصى بالنسبة للفلسطينيين يشكل أهم رمز مقدس، التي تسعى دولة الاحتلال منذ قيامها لتدميره وبناء الهيكل المزعوم مكانه، كما تفعل في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال بناء المستوطنات وتشريد أصحاب الأرض.

theban100@gmail.com