كتاب

أزمة الكيان الصهيوني الداخلية

يتبارى المحللون والكتاب العرب في التعليق على أزمة الكيان الصهيوني الداخلية، التي تفاقمت مؤخرا باحتجاجات غير مسبوقة ضد خطة حكومة نتنياهو بإجراء تعديلات على النظام القضائي، تحت عنوان «إصلاح القضاء» التي كان الائتلاف الحاكم يخطط لتمريرها في الكنيست قبل انتهاء الدورة الشتوية، وهو ما يسميه المحتجون «الانقلاب القضائي»، ويعتبرونها «بداية النهاية» للديمقراطية الإسرائيلية، ويرون أنها إذا طبّقت فسوف تؤثر على سير محاكمة نتنياهو بقضايا فساد.

وبسبب هذه الاحتجاجات رضخ نتنياهو «جزئيا» بقراره تجميد الخطة وتعليق التصويت بالكنيست على المشروع والشروع في جلسات حوار مع المعارضة، للتوصل إلى اتفاق واسع والرغبة في منع انقسام الأمة».

لكن الأزمة لم تنته بعد فالجهات المنظمة للاحتجاجات، وهي أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، وحتى عسكريين وجنرالات سابقين يشككون بجدية نتنياهو ويعتقدون أن تراجعه تكتيكي. وعليه أعلن قادة الاحتجاج الاستمرار في فعالياتهم ضد التعديلات القضائية حتى إلغائها بالكامل.

حسنا فليكن.. ونحن نقول «اللهم إجعل تدبيرهم في تدميرهم»، لكننا نتمنى أن تحدث «قصقصة» أجنحة الكيان الصهيوني وإخضاعه وتفككه، نتيجة جهد عربي مشترك وليس بفعل خلافات داخلية، هي بغض النظر عن أسبابها وخلفياتها.. شئنا أم أبينا، جزء من «ديمقراطية «الكيان، وسقف حرية التعبير المرتفع المتاح لسكانه اليهود، الذي يجبر حكومته على التراجع، دون تجاهل أنها ديمقراطية عنصرية متاح ممارستها فقط للمستوطنين الذين جاءوا من مختلف بقاع الأرض، ومحرمة على الشعب الفلسطيني الذي يتعرض من قبل سلطات الاحتلال لمختلف أساليب القمع والارهاب والت?جير.

والمؤسف أن هذه الحرية محروم من ممارستها الكثير من الشعوب العربية، ويذهب بعض الكتاب العرب إلى فرضية ضعف الثقة بين الادارة الاميركية وحكومة اليمين في إسرائيل، وتوهم إمكانية ممارسة واشنطن الضغط على الكيان، وهنا لا بد من التذكير بأن العلاقات بين الطرفين، قد تشهد بعض الخلافات بشأن مواقف هامشية، لكن للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في بقاء الكيان قويا متماسكا، فهي الراعي الأول لهذه الدولة العنصرية، بكل ما تملكه من قدرات ونفوذ سياسي واقتصادي وعسكري، ولولا هذه الرعاية لانهارت دولة الاحتلال أمام الصمود والمقاومة ا?فلسطينية لوحدها، لذلك فإن هذه الفرضية معقدة وليست بهذه البساطة، وعلينا ملاحظة أن ما يحكم سياسات الدول الخارجية هي مصالحها، وطالما أن لأميركا مصالح في استمرار دولة الاحتلال، فهي لن تضحي بها من أجل عيون الفلسطينيين والعرب، لأنها عنصر أساسي في استمرار حالة الانقسام والتشظي العربي، وهذه أيضا مصلحة أميركية!

وإذا عدنا الى فرضية انهيار الكيان الصهيوني وهي محتملة، فمن المهم التذكير بأن هذا الكيان أقيم بدعم الدول الاستعمارية، كورم سرطاني داخل الجسد العربي، بغض النظر عن الخرافات الصهيوينة حول «أرض الميعاد» المزعومة، والهدف الاساسي من دعم الغرب لهذا الكيان، هو الإمعان في تفتيت وتشظية الوطن العربي، ومنع أي محاولة لتوحيده أو على الاقل إقامة حد أدنى من التضامن والتكامل الاقتصادي والسياسي بين أقطاره، وهذه مصلحة أساسية للدول الكبرى الامبريالية والطامعة في الثروات والقدرات العربية الهائلة.

theban100@gmail.com