محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

دع القلق وابدأ الحياة

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عائشة الكيلاني بثقل شديد فتحت عينيها على صوت ولدها يخاطبها: «أمي.. لك يومان في فراشك.. هل تعانين أمرا ما؟».

صمتت وهي تفكر بالإجابة.. هي لا تعلم إن كانت تعاني من شيء..

لعل التفكير أرهقها فنامت بشكل زائد ليومين.. لم تنم بهذا الشكل من قبل..

مضى عمرها وقد تملكها القلق حول كل شيء في هذه الحياة.. كانت تقلق وأبناؤها أطفال حول دراستهم.. لباسهم.. مأكلهم.. مشربهم.. توفير بيئة مناسبة لهم في البيت..

ثم قلقت في مراهقتهم حول شخصيتهم.. ثم كبروا قليلا فقلقت على مستقبلهم.. علامات الثانوية العامة ثم الجامعة.. الآن وقد تخرج الجميع وتدبروا أمورهم في وظائف، لم تعد تعرف مكانها في هذه الحياة.. ماذا تفعل؟؟ هي ما زالت تقلق حول أمور وتفاصيل كثيرة.. لقد اعتادت أن تقلق.. فالقلق جزء من تفاصيل يومها.. ماذا تفعل إن لم تقلق على أبنائها؟!

هل انتهى دورها؟!

هل يكفي أن تقوم بواجباتها المنزلية فقط؟! ولكن ما هذا الدور؟!

أن تقوم كل يوم بتكرار الأعمال نفسها.. ثم ماذا؟!

ما زالت تشعر أنّ ثقلا في قلبها لا يفارقها.. فعمل البيت لا ينتهي.. ولكنه لا يملأ فراغها.. هي مجرد أعمال روتينية لا نهاية لها.. هل سينتهي عمرها بهذا الشكل؟!

ولكن بماذا ترد على ابنها؟! هل تقول له إنها تريد سببا شرعيا لتمارس قلقها كما كانت؟!

نهضت من الفراش وهي ترد على تساؤلاته بابتسامتها المعهودة التي تخفي بها ما يعتمل في قلبها عادة: «لا شيء يا بني.. هو مجرد تعب عابر»..

لبست وخرجت تمشي قليلا.. لعلها بسيرها وهي تخلو مع نفسها تجد إجابة شافية..

ساقتها قدماها لناصية تبيع كتبا في الشارع.. وأول كتاب وقع عليه نظرها: «دع القلق وابدأ الحياة» لديل كارنيج، فابتاعته دون تردد..

حملته وقد شعرت أنها حصلت على مبتغاها..

عادت للمنزل، وصنعت كوبا من القهوة، وجلست في زاوية الصالون أمام الشباك.. فتحت الكتاب وكان أول أبوابه: «عش في حدود يومك».. قرأت فيه: «أغلقوا الأبواب على الماضي وأوصدوها دون المستقبل.. وعوّدوا أنفسكم العيش في حدود اليوم». وضرب الكاتب مثلا بقبطان على باخرة يسدل الحاجز بضغطه على الجزء الأكبر منها.. ولا يبقى إلا ما يلزم السفينة في يومها.. وهذا ما يجب فعله.. فالاهتمام علينا أن نحصره بما يلزم حدود يومنا..

وبعدها تحدث عن طرد القلق من العقل بإشغال عقلنا بأمور نتلهى بها عما يقلقنا.. فاستغراقنا بالعمل يشغلنا عنه..

الكتاب ممتع ومهم وأكملته بكل أبوابه.. وقد تحدث عن مواجهة هذا القلق بمنطقية حتى ينحصر قلقنا بمكانه الصحيح.. وتحدث عن عدم الغضب لأمور تافهة، وعن جعل حد أقصى لخسارتنا.. فأي أمر ستدخله اجعل خسارتك فيه بحدود.. وهذا ينطبق على الجوانب المالية والاجتماعية.. فلا نغامر بكل ما لدينا لأجل أيّ شيء..

بعد إتمام الكتاب.. شعرتْ أنها أفضل حالا.. ليس فقط لأنها عرفت كيف تواجه القلق، بل لأن الكاتب وضع قصصا لأسباب حقيقية للقلق.. وأدركتْ أنها لا تملك حقا أيا من هذه الأسباب..

وكم من أناس خسروا أموالهم ووظائفهم وأقارب يحبونهم في هذه الحياة، ومع ذلك تجاوزوا هذه المحن بأفضل حال.. وهي لم يكن يقلقها إلا هذا الفراغ الذي خلفه انشغال المحيطين عنها..

أخذت قلما وورقة.. وقررت كتابة برنامج للأيام القادمة تدون فيه كل ما كانت تأمل بفعله عندما كانت لا تملك وقتا لأي شيء.. شراء مزيد من الكتب.. شراء أدوات رسم لممارسة هوايتها القديمة.. تعلُّم بعض الحِرَف الجديدة..

وكتبت في نهاية الورقة حديثا مشهورا: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا).

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF