محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الاعفاءات الطبية.. الملف النيابي - الحكومي الحاضر

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أ. د. كميل موسى فرام

قرار دولة الرئيس بنقل ملف الاعفاءات الطبية للوحدة المختصة بالديوان الملكي العامر بدلا من رئاسة الوزراء، قرار حكيم بالرغم من تأخره، أثار زوبعة إعلامية قد تكون مبرمجة أو بالون اختبار، فالرفض النيابي لهذا القرار على ما تناهى لمساعنا ليس مبررا خصوصا أن الوظيفة الأساسية للنائب حسب الدستور هي تشريعية ورقابية وليست خدماتية بالصورة المطبقة على واقع الحال اليوم، وربما من المؤسف القول إن الاستجابة للضغوط وممارسة هذا الكرم الحاتمي بمنح عشرة إعفاءات شهرية لكل عضو بمجلس الأمة إضافة لأصحاب القرار والمتنفذين كما هو معلن (بالرغم من نشر إحصائية تفيد بمنح أكثر من خمسين ألف إعفاء للسادة النواب خلال العشر شهور الماضية)، يشكل هدما للعدالة واستنزافا لموازنة الرعاية الصحية لغير القادرين لأن الأساس والمبدأ لهذا المنح هو حصر ذلك بالفئة السكانية غير المشمولة بالتأمين الصحي وبأي من صوره؛ التأمين الصحي لوزارة الصحة، الخدمات الطبية الملكية، شركات القطاع الخاص، المؤسسات الخاصة والبنوك وغيرها، فلا مبرر للحصول على تأمين مضاعف بهدف الإعفاء الكلي؛ واقع يترتب عليه حرمان فئة محتاجة لهذا التأمين، فميزانية التأمين لغير القادرين ستتكفل بدفع كامل الفاتورة التي تُدفع أصلا من جهة التأمين الصحي لصاحبها وبذلك سيشكل هذا وسيلة استنزاف حقيقية للميزانية المخصصة وتوفيرية على المصدر الأساس، الأمر الذي سيترتب عليه عدم مقدرة المحتاجين للحصول على فرصة العلاج لعدم توفر مخصصات مالية؛ الخطوة الصحيحة والجريئة تتطلب ضبطا محكما لتحديد المستحقين دون الحاجة لرعاية نيابية أو رسمية.

ربما هناك أسباب لا يجوز الإفصاح عنها أمام الرأي العام، ولكن التصريحات النيابية بوجود انتقادات حكومية وتحفظات على مبررات السادة النواب لحصر هذا الملف بالحكومة، كما فهمنا من سياق تعليق دولة الرئيس في رده بالمجلس، يظهر بوضوح أن هناك من استخدم هذه الإعفاءات بطريقة تثير الشبهة بل ويمكننا الإجتهاد بالقول لحصرية الحصول عليها بدائرة شعبية ضيقة تحيط اسوار النائب وتتكون اساسا من الأقارب والأصدقاء، لتنتفي صفة العدالة بتوزيع الخدمات التي يدعي البعض بتكريس جهوده لها، وللانصاف، فأنا لا أنكر كمية الضغوطات التي تمارس على السادة النواب في مناطقهم وقواعدهم الانتخابية والتي لا تقتصر على الاعفاءات الطبية، بل تمتد للتوظيف والنقل وايصال الخدمات للأفراد بدلا من المناطق، فالنائب تحت ضغوط إعلامية بشتى أشكالها، ويجد بذاته أمام قاعدته الانتخابية بتحصيل إعفاء طبي لقريب أو صديق؛ انتصارا ونافذة للتنفيس عن ضيق المساحة للممارسة، وإذا به بقرار دولة الرئيس بنقل الملف كاملاً قد أفقده بعض سطوته وصلاحياته، لنجد حالنا أمام مفصل مهم بضرورة حفظ مكانة النائب التي تنعكس على الدور الريادي للسلطة التشريعية بمهامها الرقابية، بدلا من مقايضات تُدْفع فاتورتها من الرصيد الوطني.

بعض السادة النواب يرى أن توقيت القرار بعد منح الموازنة الحكومية الثقة البرلمانية، يمثل إخلالاً باتفاق غير معلن لترطيب العلاقة، وظاهرة بواحد من البنود بأن الإعفاءات الطبية كانت جزءا من صفقة حكومية نيابية لتمرير الموازنة ببنودها بعد سلسلة من الخطابات النارية أثناء المناقشة، بوعود حذرة من الحكومة لتغييرات طفيفة إذا سمحت الظروف بذلك، وربما أن ذلك جزء من الصفقات المتبادلة بين المؤسستين، كان فيها المجلس النيابي هو الأكرم بالتسهيل للمشاريع والقوانين الحكومية حتى تلك التي نالت إجماعاً شعبياً برفضها.

عودة ملف الاعفاءات الطبية لحاضنة رئاسة الوزراء، قد يكون خطوة صحيحية للمحافظة على واقع الحال ولا يشكل تراجعا تحت ضغوط نيابية كما سيفسرها البعض أمام انفلات اعلامي غير مسؤول يهوي لتضخيم فتيل شرارة وشعلة تناحر، فنحن لسنا بساحة معركة لكسر العظام بين الحكومة والنواب؛ لا يوجد منتصر أو خاسر، الجميع منتصر لأنه جدال بين وجهتي نظر مترادفتين ومتعاكستين ومتطابقتين، لهما نفس الأهداف والأسس، ولكن هناك تباين بالتطبيق، الأمر الذي يوجب وضع ضوابط وأسس واضحة لمستحقي الإعفاءات الطبية مع الالتزام بتحديد عدد محدد لكل نائب، وضرورة إفساح المجال للمرضى الذين يفتقرون للدعم النيابي للاستفادة من هذا التأمين، ففكرته الأساسية بمنحه للمستحقين من الطبقة الفقيرة غير القادرة، ومنهم الذين يفتقرون لدعم نيابي لتوصيل صوتهم وحاجتهم.

واقعنا مؤسف ومحير، لكنه ليس صعب أو مزمن، فحماس السادة النواب وتحديهم يثير الشبهة ولا يعكس حرصا على المصالح العامة، كما أن تعاطي الحكومة مع بينات وردود فعل النواب ليس عفويا؛ واقعنا اليوم على أنغام سيمفونية التغيير حسب الوعد، فنكاد نتسابيق مع أنفسنا بدون تجديد أو مراجعة لنفوق من كبوتنا، ولكن حذاري أن لا نبحث عن أسباب الاخفاقات لمعالجتها بسبب تواضع ميزانية جهودنا ونوايانا، فلا نطور بل نبرر لارتكاب نفس الأخطاء بنفس السيناريو، وهكذا دواليك لأننا نستخدم نفس الثقب للرؤية بذات العين الكريمة، والجميع يتسابق لتمثيل دور الحريص على المال العام والشعب؛ حمى الله الأردن ليبقى القوي المستقر وللحديث بقية.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF