شهر رمضان هو موسم الطاعات بشتى أنواعها وأوقاتها قلَّت أو كثرت فهو نفحة من نفحات الله سبحانه وتعالى، ومن أيقن هذا الأمر اجتهد فيه وسعى لتحقيق المراد منه، ويتساءل البعض في هذا الشهر عن أفضل الأعمال وما هو الأجر العظيم الذي يناله الصائم العابد؟ وكيف أجعله لا يؤثر على طاقتي وهمتي في أداء أعمالي وواجباتي الوظيفية؟.
«الرأي» حملت هذه التساؤلات الى أمين عام دائرة الافتاء العام فضيلة الدكتور احمد الحسنات الذي بين ان أفضل الأعمال في شهر رمضان ابتداءً هو الحفاظ على الفرائض والسنن المؤكدة وغير المؤكدة الواردة عن النبي في اليوم والليلة جاء في الحديث القدسي: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)صحيح البخاري، فيحافظ المسلم على صلواته في وقتها كي يحصل على أعلى أجر وأعظم ثواب، وخصوصا صلاة الجمعة، ويؤدي المسلم زكاته إذا حلت عليه في هذا الشهر الفضيل، فأفضل الأعمال هي ما افترضه الله تعالى على عباده ثم يستزيد المسلم من السنن كي تجبر الخلل في العبادات أو ترفع العبد في الدرجات كصلاة الضحى والتراويح والسنن الرواتب قبل الصلاة وبعدها والسنن غير الرواتب أيضا.
ودعا الحسنات المسلم في شهر رمضان الى ان يكثر من قراءة القرآن ففيه نزل وقرئ، وفي كل حرف جعل الله عز وجل حسنة والحسنة بعشر أمثالها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» صحيح البخاري.
وشدد على أنه من الأعمال التي يستحب للمسلم الإكثار منها في رمضان الصدقة (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ) صحيح البخاري، فالمسلم يسعى إلى الاقتداء بنبيه، فيتخلق بخلقه وفعله ويسعى لأن يكون جواداً في هذا الشهر الكريم.
وكذلك الجواد هو الذي يعطي بلا سؤال فلا ينتظر أن يسأله أحد لكي يعطيه بل إنه يعطي مباشرة أما السخي فهو الذي يعطي إذا طلب منه مباشرة، فكان النبي جوادا يعطي بلا سؤال وكان أجود ما يكون في رمضان.
ومن الأعمال العظيمة في هذا الشهر الكريم وهي من الأمور التي تعتبر من الأهداف المرجوة في هذا الشهر والتي يتوقع من المسلم أن يواظب عليها بعد رمضان وتصبح سلوكا طبيعيا عند المسلم طيلة العام هي إطعام المساكين وتفطير الصائمين، (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا) سنن الترمذي.
وهناك كثير من الأعمال التي يستحب للمسلم أن يواظب عليها كمساعدة الأهل والقيام بالأعمال التطوعية وقيام الليل والدعاء والاعتكاف والعمرة في رمضان.
واوضح الحسنات حول تساؤل البعض ما هو الأجر العظيم الذي يناله المسلم في هذا الشهر؟، ينبغي على المسلم أن يعلم أن الإخلاص لله تعالى في العبادة هو الذي يثقل الموازين في الآخرة وهو الذي يجعل الأجر عظيم سواء في رمضان أو في غيره.
ولكن لرمضان خصوصية في الأجر عند الله تعالى فقد جعل الله عز وجل أجر الصيام مجهولا ولم يصرح به بل أضافه له سبحانه وتعالى فكان لرمضان المنزلة الرفيعة وكان للصائم الثواب العظيم جاء في الحديث: (يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ)، وكذلك ضاعف الله عز وجل أجر وثواب الفرائض والنوافل في هذا الشهر.
وحول ما اذا كان الصيام سببا في تقليل العمل والإنتاجية في حياة الموظفين خلال الشهر الفضيل بين الحسنات، ان شهر رمضان شهر جد وعمل وليس للنوم والكسل ففي شهر رمضان وقعت أعظم المعارك في تاريخ الإسلام ابتداءً من بدر مروراً بفتح مكة ومعركة عين جالوت وغيرها من المعارك التي شهدها الشهر الكريم والتي تدل على همة المسلمين العالية في شهر رمضان التي تبلغ عنان السماء، فهو شهر البذل والعطاء والتضحيات وليس شهر الخمول والكسل، وليس شهرا للسهر على حضور المسلسلات والبرامج التي تضيّع الوقت ثم لا تورث الصائم إلا الإرهاق بسبب السهر على مثل هذه البرامج ومثل هذه المسلسلات.
