تستعر الدعاية الإسرائيلية مع قرب حلول شهر رمضان المبارك بمضمون التحريض والتحذير مما هو متوقع في المسجد الأقصى، وفي فلسطين عموما في حراك يهدف لإقناع الرأي العام أن الفلسطينيين يهددون أمن إسرائيل خلال شهر رمضان المبارك.
وحقيقة الأمر هي أن مصدر العنف المفترض هو سلطة الاحتلال بجيشها وذراعها من المستوطنين المسلحين، أولئك الذين يقوضون حرية العبادة ويمنعون ترميم المقدسات ويعيقون تأدية الفرائض ويضيقون على البرامج الدينية كحفظ القرآن التي ساهم الأردن بدعمها بتوجيه من الوصي الهاشمي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
الرأي توجهت بالسؤال الى الخبير في الشأن الفلسطيني ومنسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس الدكتور جودت مناع حول تهديدات الاحتلال بتنفيذ هدم منازل وتضييق على الفلسطينيين في رمضان وما مدى تأثير المجتمع الدولي وخصوصا واشنطن على ضبط تصريحات وتصرفات حكومة الاحتلال، الذي أكد أنه وبرغم تحذيرات الولايات المتحدة لقادة إسرائيل في الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً وطلبها لهم بضرورة تهدئة الأوضاع في شهر رمضان المبارك، إلا أن قادتها ممن يقفون على أقصى اليمين أمثال سموتريش وبن غفير يتوعدون ويهددون الشعب الفلسطيني.
وأضاف مناع: صحيح أن وزير الخارجية الأمريكي ورئيس جهاز الـ «سي آي إيه» قاما بزيارة إسرائيل برغم انشغالهما في الحرب في أوكرانيا وحثا على تهدئة الأوضاع في القدس والضفة الغربية وتبعهما وزير الدفاع الأمريكي الذي ناقش مع نتياهو في مطار اللد أربع نقاط منها الطلب إليه لتهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة برغم علمه أن نتنياهو فقد السيطرة على حكومته وغاب البروتوكول عن زيارته مثلما تسلل نتنياهو إلى المطار بطائرة هليوكبتر خلسة عن المظاهرات المناهضة لحكومته.
وبرغم التحذيرات الأمريكية إلا أن بن غفير توعد الفلسطينيين وحض على هدم عشرات المنازل الفلسطينية في القدس خلال شهر رمضان ورفض حظر اقتحام اليهود للمسجد الأقصى في العشر الأواخر من الشهر.
وفي أوج التهديدات الإسرائيلية للفلسطينيين لم تبهت بعد تصريحات سموتريش بدعوته لمحو بلدة حوارة الفلسطينية بجوار مدينة نابلس والجرائم التي تعرضت لها البلدة لا زالت ماثلة أمام الشعب الفلسطيني ولم يلتئم الجرح بل ما زال يغور في العمق.
وبين مناع انه من هنا يتضح من هو الذي يقف وراء كل هذا العنف عند ذروة إرهاب غير مسبوق قبل وخلال شهر رمضان وليس المزاعم التي تشير إلى الشعب الفلسطيني، بل سلطة الاحتلال التي تواصل إجراءاتها العسكرية في المدينة المقدسة وفي قلبها المسجد الأقصى حيث اقتحامات المستوطنين المتطرفين مستمرة بحماية جيش الاحتلال في محاولة يائسة لفرض واقع جديد لا يمكن تحقيقه.
وتابع مناع: الشعب الفلسطيني يدرك تماما أن شهر رمضان شهر خير وبركة وتسامح لكن أمنياته تصطدم بتدابير حكومة الاحتلال الإجرامية، ويدرك هذا الشعب أن هناك من يضمر بمخطط رهيب قد ينفذ ضد المؤمنين الذين سيفدون إلى المسجد الأقصى والاعتكاف في داخله وأداء فرائض العبادة التي لا يمكن إغفالها أو التخلي عنها.
ولفت مناع إلى أنه في شهر رمضان تبلغ احتجاجات الأسرى الفلسطينيين ذروتها بعد أن اتخذ بن غفير إجراءات غير مسبوقة ضد الأسرى الفلسطينيين كما وأن برنامج زيارات الأسرى غير واضح في ضوء تلك الإجراءات القاسية.
كما يكثف جيش الاحتلال في شهر رمضان حواجزه العسكرية ليس عند المداخل المؤدية إلى مدينة القدس بل أيضا في طرقها المكتظة بالمؤمنين وعند بوابات الدخول إلى المسجد الأقصى وعلى الشوارع المحيطة بالمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية لمنعهم من الوصول إلى القدس.
وتصل استفزازات المستوطنين والشرطة الإسرائيلية لمواطني القدس والفلسطينيين القادمين للعبادة في المقدسات عند ذروتها في الشهر الفضيل وفي كل مرة يسقط ضحايا ويهان الشباب والأطفال والنساء ويقتادون إلى مراكز الاعتقال أو يحظر عليهم القدوم إلى المسجد الأقصى بفرض الإقامات المنزلية وما شابه من إجراءات مناهضة لأبسط حقوق الإنسان.
وبين أن هذه هي أسباب التوتر والعنف التي تطرق لها مسؤولون أمريكيون خلال زيارتهم الأخيرة إلى تل أبيب ورام الله، إن إسرائيل بجيشها ومستوطنيها هم من يسمموا أجواء شهر الرحمة والعبادة، الشهر الذي تفتح فيه بوابة السماء وليس الشعب الفلسطيني الذي يتمنى دحر الاحتلال والحرية ووقف العبث في مقدساته الإسلامية والمسيحية والوصاية الهاشمية بقيادة الملك عبد الله الثاني عليها.
وأضاف أن هذا هو التطرف بعينه الذي رفض ما اتفق عليه في العقبة وقبلها في مجلس الأمن حين داهموا بلدة حوارة وأحرقوا بيوتها ومركباتها وأفزعوا سكانها، أليس هناك من يتعين عليه الحذر الشديد عندما يتعلق الأمر باعتداءات تشمل الحرق والإرهاب دون وازع.
وختم مناع أن الحملة الدولية للدفاع عن القدس تكرر مخاوفها من إجراءات حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل وتداعياتها على حرية العبادة للمسلمين خلال شهر رمضان المبارك وإن هذه الإجراءات لن تواجه بالخضوع أو الانحناء لأن رؤوس المؤمنين تتجه عالياً إلى السماء التي تفتح في ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن الكريم.