يعد غور الأردن واحداً من أهم المواقع السياحية العالمية ذات التميز الطبوغرافي والطبيعي، وهو جزء من حفرة الانهدام التي تحتوي على الكثير من معالم أشكال سطح الأرض الفريدة من نوعها، والتي تشكل رافعة اقتصادية مهمة لصناعة السياحة في مناطق الأغوار الأردنية، وتمتد مناطق الأغوار الأردنية من أقصى شمال غرب الأردن إلى أقصى الجنوب، وتنتشر على طول امتداد مناطق الأغوار العديد من المقومات الحضارية الضاربة بعمق التاريخ، وكذلك المقومات الطبيعية التي تشكل الرافعة الأساسية لتطوير أنماط متعددة من أشكال صناعة السياحة، سواء كانت?السياحة الدينية أو العلاجية من خلال توفر الينابيع المعدنية أو السياحة الزراعية وسياحة المغامرات وغيرها.
عند استعراض العديد من استراتيجيات وخطط تطوير المواقع السياحية في مناطق الأغوار، نلاحظ محاولات خجولة ومتواضعة هنا وهناك في عمليات التطوير للمنتجات السياحية في الأغوار، إضافة إلى تشتت مرجعية عمليات التطوير بين أكثر من وزارة وهيئة في الأردن، مما أدى في كثير من الأحيان إلى التضارب في عمليات التطوير والتنمية المستدامة، كما أن العديد من المواقع التراثية والأثرية تفتقد إلى أبسط مقومات البنية التحتية التي تسهم في صعوبة الوصول إلى هذه الأماكن الحيوية.
توصف مناطق الأغوار بأنها سلة خبز الأردن من الناحية الزراعية، لتوفر بيئات جغرافية مساندة لعمليات الزراعة، ولكن للأسف تنتشر البطالة والفقر في كثير من المناطق على الرغم من إمكانية إجراء عمليات تنموية تتناسب ودمج السياحة مع قطاع الزراعة، من حيث إمكانية تطوير نمط السياحة الزراعية من خلال التركيز على المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لدعم الشباب وتشغيلهم وكذلك السيدات، وعند استعراض الكثير من المناطق السياحية في العالم، والتي تعد قصص نجاح في هذا الميدان، نلاحظ أن الأغوار الأردنية تمتلك كافة مقومات النجاح في هذا ا?أمر، مما يستدعي بناء قدرات الشباب والمرأة في عمليات تمكين مباشر لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة والاستفادة من المقومات المتوفرة في المنطقة.
تحتوي مناطق الأغوار على العديد من الأودية الجميلة وبحيرات السدود، مثل: وادي العرب ووادي زقلاب وشعيب ووادوي الحسا وغيره من الوديان، ولكن للأسف يصعب الوصول بسبب صعوبة الطرق المؤدية لها إضافة إلى عدم توفر الخدمات السياحية في هذه المواقع، على الرغم من وجود تجمعات وقرى تعتبر بأمس الحاجة للتشغيل، والتي يمكن استثمار الموارد البشرية فيها لفتح مشاريع صغيرة لاستقبال الحركة السياحية القادمة للمنطقة، كما يمكن العمل على توسيع إمكانيات السياحة الزراعية واستقبال المجموعات السياحية في هذه الأماكن.
من هنا يجب العمل على إعادة هيكلة التخطيط السياحي في مناطق الأغوار، بما يتناسب ودمج القطاع السياحي جنباً إلى جنب مع القطاع الزراعي، وخاصة أن مناطق الأغوار تعتبر من المشاتي، مما يستدعي إعادة تأهيل صناع القرار في البلديات والهيئات العاملة في مناطق الأغوار، وكذلك وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة ودائرة الآثار العامة للبدء فورا في وضع تصور شمولي موحد بين كافة هذه المؤسسات لتطوير نمط السياحة الزارعية من خلال خطط واضحة المعالم ومستدامة تسهم في القضاء على الفقر والبطالة، وتساعد بعمليات التشغيل وخلف القيمة المضافة? مما يسهم في تنويع منتجنا السياحي، وتوفير العملات الصعبة، وتقليل الهجرات المتتالية للشباب من الأغوار بإتجاه المدن الرئيسة، وتوجيه المؤسسات الدولية الداعمة للأردن لدعم وتمكين المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر في هذه المناطق، وبالمحصلة يؤدي ذلك إلى تدعيم القطاع الزراعي ودمجه بقطاع السياحي بشكل متكامل وفعال.
لذا رسالتنا من هنا إلى كافة الجهات المسؤولة عن تطوير مناطق الأغوار التنموية، البدء فوراً في إعادة هيكلة الخطط التنموية بما يتناسب ومتطلبات المرحلة القادمة، والتركيز على المقومات المتوفرة من أشكال سطح الأرض والأودية، ومقامات الصحابة، وبحيرات السدود، وكافة المقومات التراثية والأثرية ودمجها مع خطط تطوير القطاع الزراعي، والعمل على توسيع الدائرة لتشمل المكاتب السياحية وأدلاء السياح وهيئة تنشيط السياحية لوضع مناطق الأغوار ضمن البرامج السياحية، بهدف تسويق مناطق الأغوار والتي تستحق أن تكون على خارطة السياحة الدولي? والمحلية.
