كتاب

ثقافة التصفية

ثمة أشياء عديدة في الحياة تحتاج إلى خبرة عملية وتجربة لكي تتعلمها، ولا تكتسب بالقراءة والتعليم مهما امتلكت من الشهادات العليا، وبضمن ذلك اجراءات تصفية الشركات، وبالتأكيد فإن الشركات الكبرى المساهمة العامة أو محدودية المسؤولية، تحتاج الى توكيل محامين ومدقق حسابات قانوني لمتابعة اجراءات التصفية لكن بالنسبة لي كنت الوحيد الذي أراجع الجهات المعنية وأتابع الأجراءات، لكوني امتلك 70 بالمئة من رأسمال «شركة التضامن» البالغ ألف دينار، لكنها شركة على الورق، حيث لا يوجد رأسمال مدفوع ولا موجودات أو مكاتب أو موظفين، «مك?ه أخاك لا بطل»!

فقد اشترطت هيئة الاعلام عام 2019 على المواقع الالكترونية أن تسجل كشركات، وبذلك يتم استيفاء رسوم أكبر على ترخيصها للبلديات «رخصة مهن»، وضرورة الانتساب إلى غرف التجارة، ودفع رسوم لوزارة الصناعة والتجارة وهيئة الاعلام، وإذا كان لدى الموقع ايرادات يدفع إلى ضريبة الدخل، وإذا كان لديه موظفين فهو ملزم بدفع اشتراكاتهم للضمان الاجتماعي.

وخلال الاسابيع الثلاثة الماضية دخلت في سباق مع الوقت، متنقلا بين السلط وعمان الى ديرعلا، لمتابعة اجراءات تصفية شركة تضامن بسيطة، أجبرت على تسجيلها من قبل هيئة الاعلام لترخيص موقع إلكتروني كان مسجلا كمؤسسة قبل ذلك، وقد اكتسبت «ثقافة جديدة» خلال هذه الفترة تتعلق باجراءات التصفية، وأطرافها وزارة الصناعة والتجارة وضريبة الدخل ومؤسسة الضمان الاجتماعي، ولم أهتم قبل الدخول في هذه «المتاهة» بالتمييز بين تصفية الشركة وشطب الاسم التجاري لها.

اكتشفت بأن تصفية الشركة من مسؤولية دائرة مراقبة الشركات، بينما شطب «الاسم التجاري» لها، من مسؤولية «السجل التجاري» التابع إداريا لوزارة الصناعة والتجارة والمديريات التابعة لها في المحافظات، والاسم التجاري لشركتي'الورقية» هو اسم الموقع الالكتروني «اغوار نيوز»، رغم أن دائرة مراقبة الشركات تابعة إداريا الى وزير الصناعة والتجارة وليست هيئة مستقلة، لكن أظن أن هذا التعدد في الصلاحيات حلقة بيروقراطية تزيد العبء على «المصفي»، ولا تندرج في إطار التحديث الاداري!

كان أكثر اجراءات التصفية تعقيدا، الحصول على براءة ذمة من ضريبة الدخل والضمان الاجتماعي، حيث أمضيت في الضريبة حوالي سبع ساعات خلال ثلاث مراجعات، بالاضافة الى اتصالات هاتفية ورسائل عالواتساب خلال فترة اسبوعين، أما الضمان فقد راجعت 4 مرات خلال اسبوعين، وذهب موظفان الى الاغوار للتفتيش، واتصلا معي هاتفيا وأنا في عمان لمعرفة العنوان، فعرضت عليهما بأن يتواصل معهما أخي هناك لكنهما رفضا، وفهمت بأنهما يرغبان أن تكون عملية التفتيش مفاجئة «كبسية»، لاكتشاف إذا كان في الموقع موظفين، وبقيت معهما على الموبايل إلى أن وصلا،?ويبدو أنهما فوجئا وسألني أحدهما: «هل أنت فاتح دكاكنة'؟ فقلت له دكانة الكترونية!

ولم أفهم خلال مواصلة اجراءات التصفية، لماذا يطلب من المصفي نشر إعلان في صحيفة مرتين لنفس الغرض «تصفية الشركة» غير كلفة اضافية! بالمجمل كلفتني عملية التصفية «100» دينار رسوم لدائرة مراقبة الشركات، بالاضافة الى 40 دينارا، أجرة إعلانات في صحيفة ورقية متواضعة!

theban100@gmail.com