كتاب

ارتدادات الزلزال.. البعد السياسي أردنيا

البعد الإنساني وهو المحوري والمركزي في السياسية الأردنية والمستمدة من الرسالة العروبية الهاشمية على مسار تاريخهم.

وانطلاقا من هذه الركيزة ذهب وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى الشقيقة سوريا وإلى تركيا من أجل الإعراب عن مدى التضامن الأردني مع كل ما هو إنساني وكيف إذا كان عروبيا.

السبب في التركيز على هذا البعد لم يأت من فراغ فمنذ اللحظة الأولى لزلزال الاناضول كانت الاستجابة الاردنية، مباشرة لفعل ما يلزم من أجل إغاثة الاخوة المنكوبين في سوريا وتركيا.

كل ذلك حدث قبل التجيير السياسي الموظف للكارثة بأبعاد اخرى، وهذا ما انعكس في الترحيب الذي حظي به وزير الخارجية من كلا البلدين، فان ذلك لا ينفي الأبعاد السياسية للزيارة والتي تتمحور من شقين اثنين الاول يكمن في أن الضغط الاقليمي والدولي، وخاصة من الولايات المتحدة اتجاه التكيف مع التطرف الصهيوني، المتمثل بحكومتهم الفاشية وعدم الذهاب للتصعيد، والعمل على تخفيف دائرة العنف في المنطقة، الى أن طبيعة هذه الحكومة الصهيونية أبت إلا ان تاخذ قرارا باستكمال مشروع مجزرة المنازل وشرعنة 10 بؤر استطانية وإقرار مشاريع اخرى، والبدء في التصعيد ضد الحركة الاسيرة التي اعلنت أخيرا عصيانا مدنيا يمتد الى بداية شهر رمضان، وهي المرحلة الثانية من المقاومة وتتمثل في الاضراب عن الطعام مع بداية الشهر الفضيل، أما الشق الثاني قيام دول من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية بادانة مشتركة للقرار الصهيوني المتمثل بشرعنة البؤر الاستيطانية والذي ينذر بتصعيد كارثي.

هذان الشقان قد اطاحا بما سمي المبادرة الامريكية للتكيف وليس المواجهه وهو ما خرقه بكل التفاصيل الكيان الصهيوني وخاصة فيما يخص بند المستوطنات وهذه من الخطوط الحمر للمبادرة الامريكية التي حملها وزير الخارجية الى المنطقة.

كل هذه الظروف حررت الدبلوماسية الاردنية من تلك الضغوط واثبتت وجهة نظر جلالة الملك بان النهج المتطرف لهذه الحكومة لا يخضع لمعايير دبلوماسية تقليدية انما ينطلق من ايديولوجية وفكر مكونات حكومة الاحتلال الصهيوني ومصالحها الخاصة.

لذلك فان الدبلوماسية الاردنية ومن خلال زيارة وزير خارجيتها تبعث برسالة بان مصلحة الاردن العليا هي معيار قياس للدبلوماسة الاردنية وان ما ذهب اليه بعض المراقبين ان الدبلوماسية الاردنية تفتقر الى دينامية قادرة على التماهي مع مستجدات المنطقة فهو غير خبير فمثلا لم تقطع الاردن علاقتها مع سوريا وبقي التواصل موجود ضمن اطر وخطوط محددة والاردن ايضا يقيم احسن العلاقات مع العراق الشقيق وخاصة مع حكومته الحالية والتي تحتسب من قبل مراقبين انها حكومة ايرانية.

فمساحة حركة الدبلوماسية الاردنية واسعة وقادرة على التحرك ضمن اطار يضمن مصلحة الاردن العليا ومصلحة ثوابته السياسية اتجاه القضية الفلسطينية.

ان ذلك يعطي مجالا للاستنتاج ان هذه الزياره ستمهد الى خلق جسور اخرى بين سوريا وتركيا بوساطة اردنية محورية كون كلا البلدين بامس الحاجة لذلك في ظل الظروف الحالية ويعتبران ان حكمة جلالة الملك وقدرته ومكانته ستؤهل الاردن للعب ذلك الدور وهو ما ستكشفه الايام القادمة.

إذن فإن الشفافية هي الحجر الأساس في معرفة حقيقة التوجهات الدبلوماسية الاردنية والتي رافعتها الحقيقية المواجهة المتوازنة حتى اسقاط كل مشاريع حكومة الاحتلال الصهيوني واهمها الاحلال السكاني في مدينة القدس من اجل استكمال مشروع التهويد وصولا الى حسم الصراع لصالح صفقة القرن وهو ما يجسده توسيع دائرة الاستيطان.