عندما ذرفت «زمرد رمضان داداشوفا» دموعها على المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في خِضم إحياء الأردنيين هذه الأيام لذكرى «الوفاء والبيعة» لملك راحلٍ وملكٍ يتربع على عروش قلوبنا، شعرت كأردني بأن هذه الدموع التي داهمت عيني هذه السيدة (الأذرية – الأردنية) فجأة وهي تتحدث بمحبة وصلت مرحلة العشق عن الأردن؛ بأن السنديانة الأردنية الشامخة التي أسسها الملك عبدالله الأول، وغرسها الراحل الحسين ويُعزز جذوها وفروعها وأغصانها بقوة الملك عبدالله الثاني في قلوب العالم بشكل عام، والشعب الأذربيجاني الشقيق بشكل خاص? هي سنديانة أصلها ثابت في أعماق البلقاء وجبال الشراةِ، وفروعها تعانق كل أشجار العالم، وفي مقدمتها أشجار غابات زنغيلان وتوبخانا وغابالا في أذربيجان بمحبة أردنية هاشمية، ممزوجة بنكهة البترا ووادي رم ونسائم الكرك، وسنابل قمح إربد، ودحنون جلعاد، وعصا سيدنا موسى عليه السلام في مأدبا، وألوان أم الجمال العريقة العتيقة.
إنها دموع أذربيجانية غالية علينا كأردنيين يا «زمرد دادشوفا» التي انهمرت بحضور رئيسة الوحدة العامة في المعهد الإنساني الدولي بأذربيجان سفيرة السلام ألميرا مهادينيلي، مثلما هي دموع كل الأشقاء والأصدقاء والأحبة التي تعرف قيمة الأردن وقيمة ودور قيادته الهاشمية، التي تعتز بأنها ترى في طموحاتها بأن الأردن هو مركز الكون، وهو أيضاً الشمس التي تدور حولها كل أركان النجوم والكواكب والفضاءات، في كل أنحاء المجرّة، مثلما هي أشجار «الدلب والجميز» في جمهورية أذربيجان، وجبل النار «يانار باغ»، وناطحات السحاب «أبراج النار»، ?البراكين الطينية، ومركز حيدر علييف والممر المائي، وإقليم «كاراباخ» الذي شاهدته عن قرب ووصفته بعد زيارتي القصيرة له بأنه جنّة من جِنان الدنيا، على أرض أذربيجان.
ولأن العلاقات الأردنية مع أذربيجان التي نحتفل بالذكرى الثلاثين لها هذا العام وتصادف في الثالث عشر من شباط كل عامٍ هي نتاج عمل مؤسسي شيّدها راحلان عظيمان هما الملك الباني الحُسين بن طلال، والزعيم القومي لأذربيجان حيدر علييف (طيّب الله ثراهما)، وقائدان عصاميان هما الملك عبدالله الثاني ابن الحُسين وأخوه إلهام حيدر علييف، فإني على قناعة بأن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع البلدين، والتي يمكنها أن تجعل الأردن محطة رئيسية لأذربيجان وشرق القوقاز ووسط آسيا في منطقة الشرق الأوسط، وأن تكون أذربيجان في المق?بل هي المحطة الرئيسية للأردن ومنطقة الشرق الأوسط في شرق القوقاز ووسط آسيا.
وهذه القناعة راسخة في مهمّة وعمل ودبلوماسية سفير جمهورية أذربيجان في الأردن إيلدار ساليموف، وفي ذات الوقت هي نفسها راسخة في مهمّة وعمل ودبلوماسية سفير الأردن في أذربيجان سامي عاصم غوشة، اللذين يدركان من على قرب بأن مساحة التعاون الأخوي بين البلدين هي مساحة واسعة ويمكنها أن تمتد إلى الأقاليم التي يقع فيها البلدان، اللذان يسعيان إلى فتح آفاق استثمارية واقتصادية وسياحية وتعليمية وثقافية واجتماعية وشعبية، بمباركة قيادتي وحكومتي وشعبي البلدين.
وفي لقائي مؤخراً مع سفير أذربيجان في الأردن إيلدر ساليموف على هامش اجتماع عقد بين وحدة ثقافة السلام في الشرق الأوسط التي أترأسها والتابعة لمؤسسة العالم في أميركا، ووفد من المعهد الإنساني الدولي برئاسة رئيسة الوحدة العامة سفيرة السلام ألميرا مهادينيلي، أحسست بمقدار حرصه على تعميق العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات من خلال إقامة مشاريع مشتركة على أرض الواقع.
كما أكد في ذات الاجتماع (الذي شاركت فيه مرشحة جائزة نوبل للسلام ومديرة الثقافات والتراث العالمي في المنظمة الدولية في منطقة ديترويت بالولايات المتحدة ورئيسة مؤسسة العالم في أميركا الأمريكية من أصول أردنية الأستاذة ندى دلقموني) بأن الأردن وأذربيجان يحرصان أولاً على ترسيخ السلام المحلي والإقليمي والعالمي من جهة، فيما يتطلّع كبار مسؤولي البلدين من جهة ثانية إلى أهمية تفعيل الاتفاقيات الثنائية، وتبادل المنتجات والسلع، والخدمات، وإقامة الاستثمارات المشتركة والشراكات الاقتصادية، من قِبل رجال الأعمال الأردنيين وا?أذريين، والاستفادة من البيئة الاستثمارية الآمنة والجاذبة في كلا البلدين.
وخلاصة القول فإني أقول لسفيرة السلام «ألميرا» بأن ارتداءك للكوفية الأردنية وشعار المئوية الأردنية هو جسر قوي للتواصل بين أذربيجان والأردن.
المستشار محمد الملكاوي