محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الثقة كفيل للعدالة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أ. د. كميل موسى فرام «الثقة» التي سأطرحها للتحليل والمناقشة اليوم، لن تعتمد على تعريفها اللغوي أو بنيانها التاريخي في ثقة الأداء والتحاور بين الأفراد والمؤسسات بشكل فردي و/أو جماعي، وهي الجسر العابر للطموحات، يمنحنا قدرا من ترجمة الداخل لشخصنا، تراكمي بالنتيجة، وقبل الشروع بطرحها، فلا بد من التوضيح بالحاجة الماسة لعدم الخلط بين مفهوم السلطة التنفيذية والتشريعية من ناحية والوطن من الناحية الأخرى، واعتبارهما وحدة واحدة، فالوطن هو التاريخ والجغرافيا، والتراب الذي ضمَّ عظام الأجداد، والشجر الذي شرب عرقهم، هو الفكر والكتب، والعادات والتقاليد والمنجزات الشاهدة على بطولاتهم وإرثهم، بينما السلطات هي إدارات سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن، ولا تبقى للأبد، تتغير لأنها ليست ثوابت، والأذكياء حصريا يتركون بصمات للتاريخ.

الثقة بمعناها اللغوي هي القدرة على ضبط شراع الحياة ضمن القدرات بما يضمن تنافسية موقرة للفرد كنتيجة، وضمن منحنى ومنعطف الهدف الذي رسمه لذاته، وامتلاكها باستحقاق، يؤهل مالكها لنيل احترام الآخرين بمحبة وتقدير ومصداقية، بينما انحرافها عن مسارها، يجعل مالكها عرضة للتقلبات التي تهدد خط المسيرة وتفقده جزءًا مهما من رصيده نتيجة أخطاء وسوء تقدير، او إطلاق الوعود التي يدرك بصعوبة تنفيذها أو تحقيقها، حتى لو كانت ضمن وصفة تشخيصية لخلل عابر، فمرحلة استعادة الثقة أمنية تفرض حضورها في كل مجالات الحياة على مستوى الفرد أو المؤسسة، لأنها المادة الأساس بالبنيان والعلاقات والتي تشكل أرضية المستقبل، حيث لا يمكن فصلها والتعامل معها كقضية مجتمعية منفصلة، فهي نقطة الارتكاز الأولى لبناء شخصية الفرد بمختلف الظروف المحيطة؛ العينية والشخصية، تبدأ على مستوى الفرد لمساحة أكبر على مستوى العائلة والمجموعة، لتكون في النهاية سلة العملات الصعبة التي تمنح قوة الاستقرار والتقدم للمجتمعات والدول، جدارا يفرض قوة الحضور باعتماده على منجزات الأفراد والمجموعات كل في مجال عمله واختصاصه.

تحتاج الثقة على المستوى الوطني للبناء تقييما أمينا لأداء الأفراد ضمن المؤسسات على مستوى الوطن، يحتاج مخطط البناء لمختصين بالرسم وتحديد الأبعاد لتترجم على أرض الواقع بعد دراسة مستفيضة تأخذ في الاعتبار جميع الاحتمالات والنتائج المتوقعة، وقبل الشروع بالتنفيذ، فهناك مراحل التصديق على المخططات الفرعية ضمن درجات تخصص متقدمة حتى لا تتصدع الجدران في المستقبل، ليباشر البناء تحت اشراف مختصين ضمن شعارات العدالة والصدق والمساواة، فيعطي المنجز ثماره للجميع نحو الاستقرار والرفاهية، ولكن إذا حدث شرخ أو نزف بسيط بهذا الجدران الوطني، فسوف ينخفض المنسوب، ويفقد الجميع مناعة الاستقرار، فانصهار حاجز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، مؤشر خطير يفرض على الجميع اعادة جدولة أفكاره وتخليه عن لغة التحدي، لأن هذا الواقع يغذي لغة الشكوك ويفرض حضورها بقوة في التعامل، الأمر الذي يجعل من فرص التقدم والمنافسة ضمن الملحقات بعد أن كانت أولوية.

علينا الاعتراف بالواقع حتى نتمكن من تحديد الأسباب بوجود شكوى انعدام الثقة، فالتصرفات على الواقع تتنافى مع الأبجديات والأعراف؛ خطوة أولى تؤهلنا لإجراء الكشف الحسي وبعض الفحوصات التشخيصية، بهدف وضع خطة التشافي والعلاج، وربما يمثل واقع الثقة العرجاء بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية مثلاً، أمرا مؤسفا يفرض علينا التوقف، لوقف الهدر والخسارة، للانطلاق المتجدد على أسس الصدق والعدالة لأنهما الأساس العلاجي لجميع مشاكلنا وتحدياتنا؛ نريد العودة لزمن الاستماع للمسؤول بحرص وانتباه، نريد العودة لزمن انتخاب الشخصية التي تعتمد على أدائها ولا تتسلح بالرصيد المادي أو الستار العشائري، نريد العودة لزمن الاحترام الذي يفرضه حضور المسؤول بمحبة لشخصه وتصرفاته، نريد الانتقال لزمن الإضافات على المنجز لنشاهد نماذجا متجددة تنتمي أو تطبق دروسا من الوطنيين في تاريخ الأردن أمثال وصفي التل وهزاع المجالي وحابس المجالي، فالقصص القديمة على مستوى الحارة والمختار بأبطال حقيقيين، فيها من العظمة ما يفوق حاضرنا على مستوى المؤسسات بأبطال مشكوك بحضورهم وأدائهم، فالثقة ليست شيئًا قياسيًا، على الرغم من أن بعض الخبراء يعتقدون أنه فطري، ليجعل من لغة القيل والقال، مُستنقع فوضوي مجرد الخروج منه مكسب عظيم، لا يُقدر بثمن، لهذا من حقِّ كل إنسان أن يكره السلطات وينتقدها ولكن ليس من حقِّه أن يكره الوطن، لأن الوطن هو الثابت الوحيد بعمر الشعوب التي تلهث للإنجاز.

بالتصميم، سنقفز عن الحاجز إلى بساط الثقة، سنحافظ على الأردن القوي المستقر لأننا حريصون عليه، فالحمدلله لأفراحنا الصغيرة، لضحكاتنا العفوية النابعة من اعماق القلب، لأمل يصارع الحزن ويرافقنا كل وقت، لكل الذين يجعلون الحياة أجمل بثوب الرجاء الذي يحيك ثياب الثقة بخيوطه ومفاصله، فنتذكر حقًّا، لا يملك كل الناس مفاتيح النجاح بصورة متساوية، ولكن الأحلام واحدة وتطبيقها ليس مستحيل والثقة تحاك من خيوط الواقع لأنها كفيل للعدالة وللحديث بقية.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF