ارتفعت نسبة النساء في الأردن اللاتي يُعلن أسرهن إلى 17.5 بالمئة وهذا ارتفاع غير مسبوق، كما أظهر جدول أعداد السكان المقدر والأسر لعام 2020، حيث وصل عدد الأسر إلى 2.242 مليون أسرة، ومن بينها 392.3 ألف تنفق عليها نساء.
وكان عدد النساء اللاتي يرأسن اسرهن 12.3 بالمئة في عام 2000، وارتفع إلى 15.7 بالمئة 2019، مما يدل على تغير الأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي تتولاها المرأة خلال السنوات الماضية.
المحلل والخبير الاقتصادي حسام عايش، قال: إنه خلال السنوات الأخيرة ازدادت نسبة النساء االاتي تنفق على أسرها من 12.5–17.5 بالمئة من اجمالي عدد الأسر الأردنية وهذا يعبر عن تغيرات كثيرة أبرزها التفكك الأسري الذي يدفع المرأة لقيادة الأسرة وإعالتها ولها مكان في إدارة شؤون الأسرة لعدم وجود وظيفة للزوج أو أي فرد من أفراد الأسرة أو بسبب طبيعة التركيبة السكانية للأسر.
واضاف:كما أنه يوجد نساء يعملن في القطاع غير الرسمي وبالتالي يتولين الانفاق بصورة أكبر، وهذا يعبر عن تغير عام في المجتمع والمرأة بدأت تتقدم على سلم المشاركة في دخل الأسرة وبدأت تؤثر في الدور القيادي وتلعب دور المعيل في سد احتياجاتها، لافتا إلى أن النساء يخرجن للعمل لأن مصادر الدخل للأسرة لم تعد تكفي فأصبحت مشاركة رئيسية في دخل الأسرة.
ونوه عايش إلى التغيرات في ارتفاع الكلف المعيشية ورغبة الأسر يدفع أبناء الأسرة لتحسين مستوى المعيشة والانفاق على احتياجات إضافية لأبناء الاسر دفع النساء لاعتلاء وترؤس الأسرة.
وبين أن معدل دخل وانفاق الأسرة التي تترأسها نساء تعاني من عجز بين الدخل والانفاق يقترب من 2000 دينار، مما يعني أن معدل دخل وانفاق الأسرة التي تترأسها نساء أقل من معدل دخل وانفاق الأسرة الاعتيادية.
ويعزو عايش أن هذا يعني بقاء التمييز في مستوى الاجر ونوعية الوظيفية والعائد من العمل للأسر المختلفة، ويستدعي دراسة اقتصادي اجتماعية جديدة فيما يتعلق بالتركيبة الاجتماعية التي تكون فيها المرأة في مقدمة من يتحمل المسؤولية في الأعباء المعيشية.
ويرى أنه آن الأوان لمراجعة الحد من الفجوة بالأجور بين الرجل والمرأة، وكذلك إتاحة فرص غير منمطة في مجالات مختلفة بحيث لا تكون أسيرة الوظائف والمهن المحددة لها بالثقافة الاجتماعية والاقتصادية، ولا بد أن نأخذ بالاعتبار أن تركيبة الأسر ودور القيادة فيها تتغير بالنظر إلى ظواهر اجتماعية مختلفة منها البطالة والفقر التي تدفع بالنساء القيام بأدوار اقتصادية واجتماعية داخل أسرهم كانت أقل في السابق.
وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض: «الازدياد في أعداد النساء اللاتي يرأسن أسرهن خلال العقدين الماضيين من 12.3 بالمئة عام 2000 الى 15.7 بالمئة في عام 2020 ربما يشكل ظاهرة طبيعية لو كانت هؤلاء النساء ناشطات اقتصادياً ويحصلن على دخول نتيجة مشاركتهن الاقتصادية، الا أن الواقع يقول خلاف ذلك، لأن الدراسات تقول إن الغالبية الكبيرة منهن غير نشطات اقتصادياً.
ويرى أن الأسباب الطبيعية التي تقف وراء هذا الارتفاع تعود بشكل رئيسي الى ارتفاع مستويات الترمل والطلاق والهجر والانفصال والعزوبية، خاصة وان نسبة قليلة جديدة من الأرامل والمطلقات يتزوجن مرة أخرى، لأسباب اجتماعية.
إلا أن هذه النسب غير القليلة مرتبطة بمشاركة اقتصادية ضعيفة جداً للنساء بشكل عام في الأردن، وانخفاض شديد في المشاركة الاقتصادية بين هذه الفئات الاجتماعية وبالذات التي لا تزيد على 5 بالمئة حسب الدراسات المتخصصة، وبالتالي يعتمدن على مصادر دخل أخرى مثل الرواتب التقاعدية، الى جانب المساعدات النقدية التي يحصلن عليها من صندوق المعونة الوطنية والمؤسسات الأهلية الأخرى.
وتؤكد ذلك الدراسات المتخصصة في هذا الشأن والتي تشير الى أن ما يقارب ثلاثة أرباع النساء اللواتي يرأسن أسرهن هن من الأرامل، ويتوزع الباقي على المطلقات والعزباوات والمنفصلات دون طلاق.
ونوه عوض إلى أن هذا الواقع يدفع باتجاه إجراء تغييرات نوعية في السياسات المستخدمة في تشغيل النساء لزيادة المشاركة الاقتصادية بشكل ملموس، اذ ما زالت هذه النسبة من بين الأقل عالمياً، وإعادة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية المعمول بها في الأردن بشكل أكثر شمولية وتماسكاً.