الانتظار غير المسبوق لانعكاسات السياسات الصهيونية بعد الحكومة اليمينية المثيرة للجدل لا يوحي بأن هناك تماهيا أو توازنا في سياق قواعد الاشتباك الصهيونية التقليدية.
فمن خلال مراقبتي لكل الأحداث منذ تشكيل الحكومة الصهيونية مرورا بالاستهداف المنظم لنشطاء الحراك الفلسطيني وبذل كل الجهود من اجل لجم الذئاب المنفردة كما يطلق عليها الكيان الصهيوني وهم أبناء فلسطين المناضلين بغض النظر عن اليافطات المعلنة كتيبة جنين او عرين الأسود وصولا الى عملية القدس كل ذلك يبعث برسائل واضحة اعتمد الكيان الصهيوني سياسة خبيثة ماكره في الذهاب الى تنفيذ مخططاته والتي ترتكز على الضم الشامل والكامل من خلال رفع مستوى التوتر في الإقليم وتسريب معلومات حول اعدادات شكلية ووهمية للكيان الصهيوني لضرب ايران دون اعلام الولايات المتحدة الامريكية هذا جانب والجانب الاخر هو تسريب معلومات عن تنسيق بين الكيان الصهيوني والامن الاوكراني يرتقي لمستوى اشراك الاوكرانيين في عمليات امنية تستهدف ضرب ايران وهو ما اتضح من خلال العملية العسكرية التي استهدفت مصنعا للدفاعات الإيرانية في وسط طهران من خلال اربع طائرات مسيرة.
والمفاجئ مباشرة قام الاوكرانيون بتصريح يوحي بكل دلالاته انه على علم وبتنسيق وحتى المشاركة في العملية التي استهدفت المصنع العسكري الإيراني في طهران والضربة العسكرية للقوات الإيرانية في بوكمال وهذا التصريح مفاده (على أن كل من يساعد الجيش الروسي أن يدفع الثمن).
من هنا فان إدخال الأمن الأوكراني على خط المواجهة ولحساسية الازمة الأوكرانية في الاستراتيجية الاميركية كل ذلك يهدف الى استدراج الخارجية الأميريكية الى المنطقة تحت يافطة ضبط اليمين الصهيوني واجباره على عدم التقدم بمبادرة تخرق قواعد الاشتباك التقليدية بين الكيان والجمهورية الإسلامية وذلك لسبب سياسي واحد وهو عدم تمادي واشنطن في انتقاد الإجراءات القمعية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والتغاضي عن مشروع الضم والاستيطان وهي مقايضة كانت على أولى أجندات وزير الخارجية الأميريكي للمنطقة والتي كانت تقتصر على الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية دون توسع في دائرتها ودخول القاهرة على خط الزياره جاء نتيجة لتطور الأوضاع بعد عملية القدس وذلك للضغط على المقاومة في غزة حتى لا تذهب بعيدا وتخلق قواعد الاشتباك التقليدية الى ربط الاشتباك بمقدار ما تنتهكه القيادة الصهيونية ضد الضفة والاقصى.
كل ذلك هدف منه الكيان تحييد الجانب الأمريكي بما يخص مشروع الضم الصهيوني من اجل حسم الصراع مع الفلسطينيين كما أوحى بذلك رموز الفاشية الصهيونية التلمودية الفكر والمنطلقات وان بقاء حكومة الليكود مرهونا تماما بحسم الصراع الفلسطيني الصهيوني على حساب الأردن وعدم البقاء في دائرة إدارة الصراع.
الكل يعلم ان حسم الصراع الذي هو عنوان للمرحلة القادمة سيؤدي الى صدام كارثي مسلح وفتح باب جهنم على المنطقة كلها لذلك تريد القيادة الصهيونية تحييد الجانب الأمريكي (الحياد السلبي) وابقائه ضمن دائرة الابتزاز السياسي كما اسلفنا من خلال ذلك التشبيك ما بين القضية الأوكرانية والصراع العربي الصهيوني وزاويته الأخرى صراع النفوذ وتكسير العظم إقليميا بين الكيان الصهيوني وايران.
هنا نقول ان استهداف الجمهورية الإسلامية في وسط طهران وضرب القوات الإيرانية في البوكمال في نفس التوقيت هي رسالة تعزيزية لموقف نتنياهو في مواجهة بلنكن وزير الخارجية الأمريكي بغض النظر عن نتائج الوساطة القطرية غير المعلنة بين ايران وأوكرانيا والتي وضحت معالمها في زيارة وزير الخارجية القطري الى طهران في نفس يوم العملية العسكرية.
ولذلك فان مخرجات اللقاء رغم العنف الصهيوني الواضح كانت تتماهى تماما مع ما أراده الكيان الصهيوني فالرسالة واضحة ان تطرقتم الى الانتهاكات الصهيونية على الأرض وضد الأردن في سياق الابعاد التاريخية والقانونية المحكومة بالوصاية الهاشمية سنذهب بالمنطقة الى صراع إقليمي لن تستطيع أي قوة دولية السيطرة على نتائجها وهذا الابتزاز الصهيوني للإدارة الامريكية أدى الى عدم تنفيذ الإدارة الامريكية بتعهداتها اتجاه لجم الكيان الصهيوني وضبط ادائه الأمني واجباره على الإبقاء على السلطة الفلسطينية دون استهداف والابتعاد الكلي عن أي ابتزاز سياسي للأردن علاوة على ذلك حاجة الولايات المتحدة للدور الصهيوني في سياق التحولات الدولية الكبرى.
كل ذلك تم تجميده وعرقلة أي بيان يصدر عن الخارجية الامريكية كنتيجة لزيارة وزير خارجيتها للمنطقة عن ما اصبح تقليديا بوقف دائرة العنف وهو مصطلح يساوي بين الجلاد والضحية ولا يبعث برسالة الى ان يوقف الكيان الصهيوني اجراءاته القائمة على حسم الصراع دون الاخذ بعين الاعتبار حتى الحد الأدنى من المطالب الامريكية والقائم على عدم استهداف السلطة او الوصاية الهاشمية لذلك اود ان اشير له حتى يعلم القاصي والداني بان زيارة وزير الخارجية الأمريكي ورئيس المخابرات الامريكية والذي سبق هذه الزيارة كانت تستهدف تنسيقا امنيا خالصا بين الكيان الصهيوني والإدارة الامريكية ووضع اجندة واستراتيجية محددة في مواجهة ايران والتي أصبحت من خلال تحالفها الاستراتيجي مع روسيا تشكل هدفا محوريا للإدارة الامريكية وهو بالنسبة لها اسمى من كل مصالحها المرتبطة بالمنطقة لذلك فنحن نحذر وبكل لغة واضحة ان الرهان على ضبط التطرف الصهيوني من خلال الإدارة الامريكية هو سراب بسراب وان القادم يستوجب استراتيجية مواجهه وطنية تجعل البعد السياسي للوصاية الهاشمية محورا اصيلا وسلاحا حاسما في إبقاء الأردن ضمن اطار المواجهه الحقيقية بالتنسيق والتعاون مع الشعب الفلسطيني والتمسك بهذا البعد يعني إبقاء الصراع عروبيا مع الكيان ويحول دون عزل الفلسطينيين وابقائهم وحيدين في مواجهة الاستحقاقات الكارثية الكبرى القادمة.
لذلك فاننا ندعو كل القوى الوطنية والمؤسسات الرسمية والشعبية على وضع استراتيجية وطنية شامله بتكامل أعضائها ومكوناتها لمواجهة استراتيجية الكيان الصهيوني بتغيب الأردن عن الانغماس في المواجهه لصالح تلقيه النتائج والتي هي تستهدف الأردن وجودا وهوية ورسالة.
استراتيجية وطنية للمواجهة باتت ضرورة ملحة
10:47 31-1-2023
آخر تعديل :
الثلاثاء