كتاب

العربة قبل الحصان !

يوم الجمعة الماضي دخلت ما يشبه المغامرة! لاكتشاف أين وصل العمل في طريق «حمرة الصحن»، التي كان من البدهي والاولويات المسلم بها، أن يتم تجهيزها كبديل مختصر لطريق العارضة، التي بدأت تتعرض منذ عدة أشهر ل'جراحة عميقة»، تتمثل بمشروع توسعة بتمويل من الحكومة الصينية بمبلغ 5ر31 مليون دولار أميركي، وهي للتذكير طريق تشكل شريانا حيويا، يربط مدينتي السلط وعمان والمناطق المحيطة بهما بالأغوار الوسطى، ومعبرا أساسيا لنقل منتجات الأغوار من الخضروات والفواكه الى الأسواق في محافظتي البلقاء والعاصمة.

مشروع التوسعة للطريق لم يكن مفاجئا، فالمنحة الصينية أعلن عنها منذ سنوات، وبقي المشروع يدور في حلقة مفرغة طيلة هذه الفترة بسبب اجراءات بيروقراطية، والبدء بتنفيذه يتطلب توفير بديل لحركة نقل المواطنين والسلع المختلفة، لكن وزارة الاشغال الجهة المسؤولة عن إدارة تنفيذ المشروع، اختارت أن يكون البديل الأول خلال فترة تنفيذ التوسعة، طريق عيرا- الكرامة ثم التوجه شمالا الى الأغوار الوسطى والشمالية، بكل ما يعنيه ذلك من بعد مسافة تقارب ضعفي مسافة طريق العارضة، فضلا عن أن الطريق الرئيسي بين الكرامة ومثلث العارضة غير مضاء?وضيق والسير فيه ليلا غير آمن من الناحية اللوجستية!.

والمفارقة أن الوزارة أعلنت البدء بتجهيز «حمرة الصحن»، في نفس الوقت الذي تم إغلاق طريق العارضة، فكان هذا أشبه «بوضع العربة قبل الحصان»! ورغم أن ما يسمى بطريق «الماسورة» التي تربط الصبيحي بالغور الاوسط، مختصرة ويسلكها عدد كبير من المواطنين، لكنها خطيرة بسبب طبيعتها الجبلية، فمن يسلكها كمن يتسلق مرتفعات وعرة، وفي النزول تتميز بالانحدار الشديد، والغريب أن العديد من سائقي باصات النقل العام يسلكونها، رغم خطورتها وقبل بضعة أسابيع وقع فيها حادث تدهور لأحد الباصات القادم من عمان الى الاغوار وهو محمل بالركاب، وكان ي?كن أن تحدث كارثة لولا لطف الله، حيث أصيب بعض الركاب برضوض طفيفة فضلا عن حالة الفزع والرعب التي أصابت الجميع.

كنت قبل اسبوعين قد دخلت طريق «حمرة الصحن» من الجهة الغربية المتفرعة من الشارع الرئيسي الذي يربط ديرعلا بالكرامة، وقطعت مسافة نحو ثلاثة كيلومترات كانت نسبة الانجاز فيها جيدة، وعلى ذلك اعتقدت أنه سيتم استكمال الطريق وفتحها للعامة بعد شهر أو أكثر قليلا، لكنني عندما سلكت الطريق من جهة مثلث الصبيحي يوم الجمعة الماضي ذهلت لبطء العمل، وكأننا عدنا الى زمن «عمال النافعة'! حيث لا يزال نحو ثلثي الطريق بحاجة الى تأسيس البنية الأساسية، وغرقت خلالها سيارتي الصغيرة بالغبار وتحولت الى ما يشبه «التراكتور»، لسوء الطريق المل?ء بالحفر والأتربة والحصى، ولا أنصح أي شخص بسلوكها قبل أن تعلن وزارة الاشغال رسميا عن افتتاحها، وبدا لي حسب ما لاحظته من بطء وتيرة العمل، أن طريق العارضة ربما تنجز قبل أكمال الطريق البديل «حمرة الصحن»!.

فمن.. ومن المسؤول؟.

theban100@gmail.com