بالنظر إلى الحراك الدبلوماسي الأردني والذي تجلى في اللقاء الثلاثي بين قادة الأردن وفلسطين والقاهرة وكذلك في الذهاب إلى القمة الخليجية والتي ضمت مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر، كان هدف أساسي إعادة تحديث التشاور والحوار والتي تمحورت بمجملها خارج اطار ترسيخ مفهوم التعاون والتشاور المباشر بين الدول المشاركة والكل العربي وهي القضايا التي تكون دائما على جدول أعمال القادة ولكن الأهم من كل ذلك هي الابعاد السياسية وهي المحور الجوهري للقاء في القاهرة وأبو ظبي وذلك انطلاقا من المستجدات الأخيرة التي طرأت نتيجة لتشكيل الحكومة الصهيونية المتطرفة واليمينية وذات النهج العنصري وتبعات ذلك في الاقتحام الذي قام به وزير الامن للكيان الصهيوني بن غفير لباحات المسجد الأقصى والذي يعتبر اقتحاما بأبعاد تستهدف الهوية العروبية والسياسية لمدينة القدس بشكل عام وللمسجد الأقصى بشكل خاص والتي اعتبرت تعديا سافرا ولامس الخطوط الحمراء للوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية وخرقا واضحا وصريحا للأوضاع القانونية والتاريخية للمدينة المقدسة وهو ما استدعى ردا اردنيا شديد اللهجة والأداء باعثا برسالة الى كل من يهمهم الأمر بأن الرد القادم على أي انتهاكات تمس الوصاية الهاشمية والهوية العربية للمدينة المقدسة سيكون اكثر حزما وقوة، وهو ما كان يجب أن تتخذه الدبلوماسية الأردنية من اجراء اقله باستدعاء السفير الأردني وابلاغ سفير دولة الاحتلال بانه شخص غير مرغوب فيه لكن دبلوماسيتنا وبحكم رؤيتها الشاملة للواقع الجيوسياسي ارتأت أن يكون ردها بهذا الشكل الدبلوماسي المدروس.
الأهم من كل ذلك بأن الإجماع الدولي والعربي والإقليمي على محورية الوصاية الهاشمية في إدارة الأوقاف المسيحية والإسلامية لن يكون لها تأثير كبير في ظل اجندة الحكومة الصهيونية من هذا المنطلق بدأ خلف الكواليس ب ممارسة ضغط على دول المنطقة عامة والأردن وفلسطين خاصة من اجل بحث عن آلية تتعامل مع الأمر الواقع الصهيوني وتتكيف مع عنجهية الحكومة من خلال تغليب البعد الاقتصادي والتشبيك الإقليمي، وذلك من خلال إنجاح وتوسيع دائرة «النقب 2» وهو ما قد نوهت له بيانات اللجنة الفلسطينية المتعاقبة ومجموعة كبيرة من الشخصيات الوطنية والنخبة السياسية، والتي حذرت بكل وضوح من التكيف أو التكييف مع هذه الحكومة المتطرفة، وأن المواجهة مع الكيان باتت الممر الإجباري الوحيد، والذي من خلاله يمكن لهذا الكيان وحكومته ليس أن تتراجع عن مواقفها فحسب، إنما تعميق شرخها الداخلي والانقسام في بنيتها الاجتماعية والسياسية، وهو سلاح إذا ما أجمع حول المواجهة على أساسه، سيكون فعالا جدا، فإننا نرى أن حجم الضغوط ومهما كانت الأطراف المشاركة فيها دوليا وإقليميا يجب ان تتجه نحو دعم الموقف الأردني القائم على المواجهة المباشرة، مع هذا الكيان بغض النظر عن أي تبريرات وتأويلات تستهدف التكيف مع اجراءاته، وانما يروج له من خلال الاعلام الصهيوني بأن الوضع القائم الذي يكرره الاعلام الصهيوني والدولي مرفوض رفضا قاطعا ما لم يقترن بالأبعاد القانونية والتاريخية القائمة وهو ما يبرره الاحتلال الصهيوني بأنه مع الحفاظ مع الوضع القائم ويعني أن سياسة الأمر الواقع المفروضة الان هو ما يراه بمفهوم الوضع القائم لذلك أردت أن أوضح ذلك اللبس الذي قد عم كل وسائل الإعلام دون التنبه إلى أن هذا الكيان وعلى مدار وجوده كان يتلاعب في المصطلحات السياسية وفي الاتفاقات التي يعقدها مع أطراف الصراع.
من هنا فإننا نطلب الحكومة الأردنية ووزارة خارجيتها أن توظف إجماع النخبة الأردنية والشخصيات الوطنية والديمقراطية التي وقعت على رفض التكيف والضغوطات من أجل التماهي والبيانات المتعاقبة للجنة فلسطين النيابية والتي تطابق بشكل كلي مع الموقعين على البيانات الرافضة للخضوع للإملاءات والضغوط الخارجية واعتبار المواجهة المباشرة لهذه الحكومة الصهيونية المتطرفة هي التي تعبر عن توجهات الوعي الجمعي الأردني تجاه ما يجري وتمد جلالة الملك بسلاح وطني تتقاطع عليه كل المكونات السياسية والشخصيات الوطنية الديمقراطية في سبيل وضع هذا الاجماع الوطني كورقة تفاوضية حاسمة في سياق الذهاب إلى وقف الضغوط على أردننا الحبيب والسلطة الفلسطينية فهذه الحكومة ستكرر انتهاكاتها وسياسة الأمر الواقع ولن ينفع معها إلا المواجهة ودعم الاشقاء الفلسطينيين ونضالهم العادل بكل ما اوتينا من قوة.