محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أسرى الجغرافيا..!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة

أصبح شائعاً ومألوفاً استخدام تعبير الجغرافيا السياسية للربط بين التطورات الجارية في بلدٍ ما وبين غيرها من التطورات حول العالم، أما مقال اليوم فيدور حول كتاب جديد للصحافي البريطاني المخضرم تيم مارشال بعنوان ((أسرى الجغرافيا)) أراد به ان يشرح في أكثر من ثلاثمئة صفحة كيف ان قادة الدول مقيدون في خططهم وقراراتهم خصوصا الحربية منها بجغرافية بلادهم وتبعًا لذلك فان خياراتهم محدودة بالجبال والأنهار والبحار والصحاري والحدود والمناخ، ولخص الامر بالعنوان الفرعي ((عشر خرائط تفسر كل شيءٍ في العالم)) وهي مبالغة لا داعي ل?ا في تقديري لان تلك الخرائط على أهميتها ليست وحدها التي شكلت للقارئ مرجعية للتوضيح أثناء متابعة فصول الكتاب، ما يذكرني بنصيحة دأب الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل على ترديدها بضرورة الاستعانة بالأطلس لفهم حقيقة ما يجري في أي مكان، كما تبنّى المؤلف سياقاً نفتقده عادةً في التقارير السياسية فضرب الأمثلة بكل من روسيا والصين والولايات المتحدة واميركا اللاتينية والشرق الاوسط وأفريقيا واوروبا الغربية واليابان وكوريا وغرينلاند مع منطقة القطب الشمالي ليفسر استراتيجيات جيوسياسية ليس بالضرورة ان نتفق معه عليها لت?ك الأجزاء المفتاحية من الكرة الارضية مثل قوله: لا يمكن إطلاقا غزو أميركا؟! وما معنى امتلاك روسيا اسطولا وموانئها متجمدة لستة أشهر في السنة؟! وكيف أن مستقبل الصين سيظل اسير جغرافيتها الغريبة؟.

أما فيما يتعلق بالشرق الاوسط فالفصل المخصص له يتّسم بموضوعية نادرة ويبدأ هازئاً بالاسم: أوسطُ ماذا؟ وشرقَ أيِّ جهةٍ؟ ويتابع بأن اسم المنطقة ذاته مبني على وجهة نظر أوروبا التي شكلتها، فالأوروبيون هم الذين استعملوا الحبر لرسم الخطوط على الخرائط، وهي خطوط لم تكن موجودة على ارض الواقع، كما اصطنعوا حدودًا لم ير العالم مثيلا لعدم عدالتها، لذلك تجري الآن نزاعات مسلحة لإعادة رسمها.. بالدم!

الكتاب ممتع الأسلوب ومليءٌ بالمعلومات والأدلة التي تعزز وجهة نظر المؤلف لكن بعضها غير منطقي فكم من احداث معروفة بنتائجها لم تخضع للجغرافيا، وكم من اسلحة تم تطويرها خصوصًا بسباقات التسلح حتى اثناء الحرب الباردة، وكجزء من النشاط المحموم من أجل السيطرة على الآخرين وإحكام قبضة اقتصاد السوق عليهم، وهو تطوير تكنولوجي قصد به تقديم أدوات اشد تدميرًا وتتجاوز العوائق الجغرافية، مثلا بالصواريخ البالستية بعيدة المدى وبالغواصات النووية في بحار ومحيطات العالم كجزء من قوة الردع النووي للمحافظة على توازن الرعب الدولي.

لكن ما يلفت النظر في آراء تيم مارشال وتحليلاته انها غيّبت غيابًا شبه كامل العناصر السائدة في تفسير هيمنة اميركا على العالم حتى بادعائها النأي بنفسها عن الحروب الكبيرة في القرنين الماضيين مع أنها وراءها ومنتفعة منها ببيع الأسلحة على الأقل، إذ تقول الوقائع انها لم تنعزل وراء البحار والمحيطات بل واصلت عن بُعد توسعها الاستعماري وشاركت بدرجات متفاوتة في عشرات الحروب الصغيرة حول العالم فاحتلت جزرا بعيدة ذات أهمية استراتيجية وعسكرية وأقامت بها قواعد ضخمة قاربت المائة، ما عزز هيمنتها الاقتصادية المتواصلة على معظم ?ول ألعالم من خلال الفيدرال ريزيرڤ والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مع التذكير بدخول مجمعها الصناعي العسكري لهذه المعادلة رغم تحذير الرئيس أيزنهاور عام ١٩٦٢ من أخطارها لعدم دستوريتها.

وبعد.. فإن هذا الكتاب يظهر القدرة الفائقة للمؤلف على جمع معلوماته الغزيرة وتحليلها لإبراز أهمية العناصر الجغرافية في الحروب، لكن ذلك لن ينسينا العناصر الاخرى التي تزداد أهمية وتأثيرًا يوما بعد آخر.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF