محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

«أعيادٌ وأيامٌ.. وأباطرة»

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
محمد رفيع

من الطبيعي أن تفرد ثقافة الفضائيات العربية مساحات كبيرة، في مطلع العام الجديد، إلى المنجمين والمتنبئين، لرؤية المستقبل. فالزمن حين يُفلت من أصحابه، لا مكان له سوى رؤى المنجمين. لتصير الحياة والبصيرة بعده شعوذة فريدة.

العالم، حتى هذه اللحظة، يسير على نظام التقويم الروماني، الذي ابتدأ تقريبا بتأسيس روما (753 ق.م) وهو نظام أخذوه عن المصريين، الذين أخذوه بدورهم عن العراقيين. فالرومان بنوا تقويمهم بداية على دورة القمر، باثني عشر شهرا قمريا. وبتغيّر مواقيت الفصول عن التقويم، كانوا يحشرون شهرا اضافيا في السنة. وهو ما خلق متاعب كثيرة، خصوصا، حين كان يوظف لتمديد فترة تسجيل الجنود للحرب، أو لتأخير انتخاب أعضاء مجلس شيوخ جديد. حين جاء يوليوس قيصر، كانت مشكلة الفصول والمواقيت قد تفاقمت بشكل كبير، إذ كان أول الربيع يحلّ في حزيران، ?استدعى الفلكي المصري (سوسيجين) من الاسكندرية (46 ق.م)، فقام بوضع التقويم (اليولياني)، في آخر سنة من سنوات الفوضى التقويمية. فازداد طول السنة تبعا للنظام المصري، وأضيف أحد عشر يوما إلى التقويم القمري الروماني القديم. وسمّي الشهر السابع يوليو (تموز)، تكريما للدكتاتور يوليوس قيصر، وجعلت أيامه (31) يوما. ثم سمّي الشهر الثامن أغسطس (آب) في أيام حكم خلفه أغسطس قيصر، وكان ثلاثين يوما، فأخذوا له يوما من شهر شباط، لكي يجعلوه مثل شهر يوليو، ليتساوى الامبراطوران. ولاستحالة إضافة ربع يوم كل سنة، فقد رأى (سوسيجين) إضاف? يوم كل أربع سنوات. فجعل السنوات الكبيسة هي التي تقسم على أربع، واليوم الإضافي يوضع في شهر شباط من تلك السنة. ورغم ذلك، فقد ظلت سنة (سوسيجين) أطول من الحقيقة بإحدى عشرة دقيقة وأربع عشرة ثانية. وهو فرق ظهرت خطورته في القرن السادس عشر، حيث أصبح الربيع يبتدئ في (11) آذار، بفارق أسبوعين عن تقديم يوليوس قيصر. وقام بالإصلاح الأخير الفلكي (كلافيوس) بطلب من البابا (غريغوري الثالث عشر). فحذف من التقويم ثلاثة أيام كل أربعمائة سنة. وذلك بجعل السنة التي ينتهي بها كل قرن غير كبيسة، ما عدا تلك التي تقسم على أربعمائة (16?0، 2000،.. إلخ). فأصبح هذا التقويم (الغريغوري) لا يزيد عن طول السنة الحقيقية إلا بمقدار (26) ثانية. ففي سنة (4900م) سيكون لدى العالم زيادة ما يقرب من اليوم.

العالَم الكاثوليكي رحّب بتقويم البابا (غريغوري) مباشرة. بينما استمر البروتستنتيون (بما فيهم المستعمرات الأميركية) متمسكين بالتقويم القيصري (اليولياني) حوالي قرنين من الزمن. وفي تلك الفترة، كان يمكن للمرء أن يسافر من فرنسا في (4/1/1600م) فيصل إلى إنجلترا في (25/12/1599م). وهو ما أحدث بلبلة شديدة في أعياد الميلاد والشؤون القانونية والمعاهدات والمعاملات التجارية. وفي عام 1752م قررت إنجلترا والمستعمرات الأميركية أخيرا السير على التقويم الجديد. وعلى الرغم من ذلك فقد حدث شغب، وقامت مظاهرات في لندن، وأخذ الناس يه?فون: «أعيدوا لنا أيامنا الأحد عشر)..!!

واليوم، تفترق الكنيستان الأرثوذكسيتان في روسيا وأوكرانيا، على وقع كارثة القصف والحرب واختلاف خطى السياسة، في حربٍ كونية مكتومة، لم يتصاعد أوارها الأشد بعد. وفي جوف تلك الحرب، تختبىء أحلام أباطرة جدد، وتذوي أعياد الناس ومواقيتها في عتمة الليل. وسيحتاج الأباطرة، المنتصرون منهم والمهزومون، إلى تقويم جديد، يخلدون فيها انتصاراتهم الكونية الدامية؛ غير أن المشكلة ستكون أن أحداً لن يكسب من هذا التصحيح سوى ما راكمته الأربعمائة سنة الماضية، وهو أقل من ثلاث ساعات. وسيبقى السؤال إلى أي شهر يمكن أن تضاف تلك الساعات؟ لت?ليد الامبراطور النبوي الجديد. فالشهور اكتظت بأباطرتها، ولم يبق سوى شهر شباط الناقص، لاحتواء فائض الزمن، ولم تراكم امبراطوريته في الزمن الكوني سوى ثلاث ساعات، ويستدعي تطويلها إلى يوم كامل الانتظار إلى العام «القيصري البابوي 4900م»!!

fafieh@yahoo.com

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF